كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" في تحقيق مطول عن رفض الجيش الأميركي إجراء تحقيق مستقل في عمليات القصف عام 2019 على آخر معقل لتنظيم الدولة الإسلامية في بلدة باغوزـ شرقي سوريا رغم مظاهر القلق. وفي تقرير أعده ديف فيليبس وإريك شميدت قالا فيه إن المقاتلات الأميركية المسيرة حلقت فوق باغوز بحثا عن مقاتلين في تنظيم الدولة، ولكنها لم تر سوى بحرا من المدنيين احتشدوا على ضفة النهر. وبدون أي تحذير قامت مقاتلة أف-15 إي وألقت قنبلة زنتها 500 رطلا على الحشد. ومع تلاشي الدخان، مشى عدة اشخاص وهم متعثرين بحثا عن غطاء، لكن المقاتلة التي كانت تلاحقهم ألقت مرة ثانية قنبلة بزنة 2.000 رطلا على حشد مكون من النساء والأطفال وقتلت معظم الناجين. حدث هذا في 18 آذار 2019 حيث نظر الجنود في مركز العمليات المشتركة في قاعدة العديد بقطر إلى لقطات الطائرة المسيرة بذهول، وذلك حسب جندي كان هناك.

وكتب ضابط متشوش على رابط ثرثرة آمن يستخدم لمراقبة المسيرات "من أسقط هذا؟"، وذلك حسب شخصين راجعا سجل الدردشة، ورد آخر "لقد سقطنا على 50 امرأة وطفلا". وفي التقييم الأول السريع للمعركة وجد أن حصيلة القتل حوالي 70 شخصا.

وتقول الصحيفة إن الغارة على باغوز كانت من أكثر الهجمات القاتلة في الحرب ضد تنظيم الدولة، ولكن الجيش الأميركي لم يعترف بها أبدا. وحذر مستشار قانوني من الغارة وبأنها تصل لجريمة حرب. لكن قادة الجيش قاموا بإخفاء الهجوم وتم التقليل من أعداد القتلى. كما تم تأخير التقارير وتخفيف نبرتها وإضفاء طابع السرية عليها. وقام التحالف بقيادة الولايات المتحدة بتجريف موقع الغارة، ولم يتم إبلاغ القيادات العليا. وبدأ المفتش العام لوزارة الدفاع بتحقيق في الغارة لكن التقرير الذي احتوى على النتائج أخر وحذفت منه أي إشارة للغارة. وقال جين تيت، المقيم الذي عمل على الحالة للمفتش العام "بدا وكأن القيادة مصممة على دفن هذا، ولم يكن أحد منهم يريد أن يرتبط به" و"ما يجعلك تفقد الثقة بالنظام، عندما يحاول البعض عمل الصواب لكن لا أحد في المناصب المهمة يريد الإستماع إليك". وعمل تيت، وهو ضابط بحرية لسنوات كمحلل مدني مع وكالة الإستخبارات الدفاعية والمركز الوطني لمكافحة الإرهاب قبل أن يجبر على ترك منصبه.

وعملت الصحيفة على تحديد خطوط القصة من وثائق سرية عن التحقيق ومقابلات مع الأشخاص الذي عملوا عليه، والأشخاص الذين لديهم فرصة للإطلاع عليه، وتم كل هذا على مدى أشهر. ووجد تحقيق الصحيفة إلى دور وحدة العمليات الخاصة الموكل إليها العمليات الميدانية في سوريا "وحدة المهام الخاصة 9" في المعركة الأخيرة هذه، وعملت الوحدة بسرية شديدة لدرجة أنها لم تخبر شركاءها في العملية العسكرية بتحركاتها.