في الوقت الذي لا يزال فيه الجميع ينتظر الحلول، التي من الممكن الوصول إليها لمعالجة الأزمة الدبلوماسية مع بعض ​الدول الخليجية​، بدأت تُطرح في بعض الأوساط اللبنانية الكثير من الأسئلة، حول المدى الذي يستطيع فيه رئيس الحكومة ​نجيب ميقاتي​ الصمود فيه، أمام الرسائل ​السعودية​ "المبطنة" التي تدعوه إلى الإستقالة.

هذه الرسائل، التي باتت ترسل بشكل شبه يومي عبر وسائل الإعلام السعودية، تعبر بشكل أو بآخر عن رأي القيادة في المملكة، وبالتالي لا يمكن له تجاهلها لفترة طويلة، مستعيناً بالدعمين الأميركي والفرنسي، لا سيما بعد إعلان وزير خارجية الولايات المتحدة ​أنطوني بلينكن​، في الاسبوع الماضي، أن "ميقاتي لديه خطة جيدة للدفع بلبنان إلى الأمام".

في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنه قد يكون لافتاً أن هذه الرسائل تزامنت مع تسريب معلومات عن أن رئيس الحكومة لن يترشح للإنتخابات النيابية المقبلة، المقررة في العام 2022، نظراً إلى أن ميقاتي لا يمكن له أن يعمل لهذا الإستحقاق في ظل وجوده على رأس حكومة مغضوب عليها من قبل السعوديّة، التي تمتلك التأثير الأكبر في الساحة السنية.

وتلفت هذه المصادر إلى أن رئيس الحكومة قد يكون يراهن على الدعم الفرنسي الأميركي، حيث الرغبة من قبل الدولتين في الوصول إلى الانتخابات لقلب معادلة الأكثرية النيابية، على أمل ضمان عودته إلى رئاسة الحكومة في المرحلة اللاحقة، مقابل التخلّي عن الترشّح لهذه الإنتخابات، مع العلم أن المعلومات، عن ضمانات حصل عليها للبقاء في موقعه كانت، قد بدأت بالإنتشار منذ اليوم الأول لتكليفه ​تشكيل الحكومة​.

وتوضح أن الرهان على ما يمكن أن ينتج عن الحراك التركي-القطري لن يكون مجدياً، نظراً إلى أن هذا المحور لا يملك التأثير الكبير في الساحة السنية، ما يعني أنه لن يكون مفيداً لرئيس الحكومة على المستوى الشعبي، لا سيما أن الدوحة ليست، على الأرجح، في وارد الدخول في صدام جديد مع ​الرياض​، في الوقت الراهن، من أجل الملف اللبناني تحديداً، خصوصاً أن المسألة أكثر تعقيدا مما يتخيله البعض، بسبب تداخل العديد من العوامل الإقليمية والدولية على الساحة المحلية.

إنطلاقاً من ذلك، لدى المصادر المتابعة قناعة بأنّ ميقاتي قادرٌ على الصمود، في حال حسم فعلياً قراره بعدم الترشح للإنتخابات النيابية، خصوصاً إذا لم تذهب الرياض إلى أي خطوات عملية على الساحة السنية، لكن في حال لم يحسم هذا القرار فإن المسألة ستحتاج إلى إعادة نظر من قبله، لا سيما أن الظروف الحالية لا توحي بإمكانية الوصول إلى حلول في وقت قريب.

وتشير المصادر نفسها إلى أن الرهان أيضاً على ما قد ينتج من المفاوضات الأميركية الإيرانية في فيينا قد لا يكون في مكانه، لأن رئيس الحكومة يبقى بحاجة إلى الدعم السعودي أو على الأقل عدم المواجهة معها، بينما الرسائل الحالية لا توحي بأنها في هذا الوارد، بل على العكس هي قد تذهب إلى تركيز الهجوم عليه شخصياً بشكل أكبر في المرحلة المقبلة.

في المحصلة، تلفت هذه المصادر إلى أنّ ميقاتي لا يزال، حتى الآن، يؤكّد أنه ليس في وارد الإستقالة من رئاسة الحكومة، لكنها تشير إلى أنّ المعطيات قد تتبدل لاحقاً، بناء على الخطوات السعودية أولاً، بالإضافة إلى تطوّرات الملفّ الإنتخابي ثانياً، والأهم ثالثاً إمكانية التوافق على مخرج محلّي يعزز صموده، وبالتالي الأيّام المقبلة ستكشف عن الكثير من التفاصيل التي لا تزال تحتاج إلى المزيد من التدقيق.