بعد القرار الأخير الذي صدر عن محكمة الإستئناف المدنيّة برئاسة القاضية رندا حروق والذي ردت فيه شكلاً لعدم الإختصاص النوعي دعوى رد البيطار المقدمة من الوزير السابق ​يوسف فنيانوس​، عاد المحقق العدلي ​القاضي طارق البيطار​ الى إستئناف نشاطه في ملفّ التحقيقات وذلك بعد كفّ يده لمدة شهر وخمسة أيام.

عودة البيطار هذه المرة، خالفت كل التوقعات لناحية التكتيك الجديد الذي يبدو أنّ المحقق العدلي قرّر إعتماده. فبينما كانت التوقعات تشير الى أنّه وفور عودته الى عمله، سيحدد مواعيد جديدة لجلسات إستجواب كلٍّ من رئيس الحكومة السابق ​حسان دياب​ والوزيرين السابقين ​غازي زعيتر​ و​نهاد المشنوق​، لم يتخذ أي إجراء على هذا الصعيد ويبدو أنه لن يقدم أقلّه في المرحلة الراهنة على خطوة كهذه. لماذا؟.

يجيب المتابعون للملف عبر "النشرة" بالقول "لأنّ المحقق العدلي يعرف تماماً أنّ دياب وزعيتر والمشنوق سيواجهون أيّ خطوة سيتّخذها بحقّهم برزمة جديدة من دعاوى الردّ التي ستكفّ يده من جديد فور تبلغها، كيف لا والهيئة العامة لمحكمة التمييز سبق أن حسمت الجدل القائم حول المرجع الصالح للبتّ بدعاوى ردّ المحقق العدلي، مؤكدة في قرار واضح ان محكمة التمييز الجزائيّة هي المرجع الصالح لهذه المهمة". ولأنّ البيطار لا يريد أن تُكفّ يده مرة أخرى أرجأ تحديد مواعيد جديدة لإستجواب رئيس الحكومة السابق والوزيرين السابقين، وراح يتابع تحقيقاته وما تراكم عليه من أعمال طيلة الفترة الماضية التي كان عمله فيها مشلولاً بفعل دعاوى الردّ ومخاصمة الدولة اللبنانيّة، وفي هذا السياق تكشف المعلومات أنّ المحقق العدلي إستمع الى شاهدين صباح الإثنين، وسيستمع أيضاً الى شاهد إضافي في ملفّ إنفجار المرفأ قبل ظهر اليوم.

في موازاة ذلك يعمل البيطار على تسطير مذكرات جديدة للإنتربول، وهنا تشير المعلومات الى أن هذه المذكرات قد تتضمن طلبات عدة بإصدار النشرة الحمراء لكل من الوزيرين السابقين ​علي حسن خليل​ ويوسف فنيانوس وملاحقتهما دولياً على إعتبار أنهما من بين الفارين من وجه العدالة. إقدام البيطار على خطوة كهذه ينبع من قناعة تولّدت لديه بأنّ ​النيابة العامة التمييزية​، وبالطريقة ذاتها التي تعاطت فيها مع مذكرة التوقيف الصادرة بحق فنيانوس، لن تفعل شيئاً على صعيد تنفيذ مذكّرة التوقيف الغيابية الصادرة بحق حسن خليل على رغم كل المراسلات الموجّهة من قبل المحقّق العدلي الى المحامي العام التمييزي القاضي ​عماد قبلان​، وسيلجأ الأخير الى إبقاء مذكرة التوقيف في الأدراج كما سبق أن فعل بها سابقاً قبل أن يتعرّض لضغط إعلامي جديد ويرسلها ثانية الى المدير العام لقوى الأمن الداخلي ​اللواء عماد عثمان​، الذي رفض سابقاً وسيرفض تنفيذها مجدداً خلافاً للقوانين وبحجّة أن الدستور لا يسمح له بذلك!.

وكما ينتظر البيطار الوزراء المدّعى عليهم على الكوع، يبدو انهم ينتظرونه على الكوع أيضاً، لذلك لم يتقدّموا بدعاوى ردّ جديدة بحقّه قبل تحديد مواعيد جديدة لإستجوابهم، وقد يكون السبب حرصهم على عدم الظهور في موقع المهاجم للمحقّق العدلي من دون سبب، وعلى جعل أيّ خطوة يقومون بها ضمن حقّ الدفاع عن النفس.