منذ الإتصال الثلاثي الشهير بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الحكومة اللبنانية ​نجيب ميقاتي​، يحاول ميقاتي القيام بالعديد من الخطوات التي تصب في إتجاه إسترضاء الجانب السعودي بأي شكل من الأشكال، نظراً إلى أنه وجد في إتصال بن سلمان ما كان يبحث عنه منذ فترة طويلة، رغم كل ما قاله الإعلام السعودي عن ذلك الإتصال "الحلم".

سلوك رئيس الحكومة، منذ ذلك الوقت، يبدو وكأنه يستقوي بهذا الإتصال على المستوى المحلي، حيث عادت أوساطه إلى التلويح بورقة قلب الطاولة الحكوميّة بوجه جميع الأفرقاء، في حين هو لا يزال يرفض دعوة ​مجلس الوزراء​ إلى الإجتماع، بناء على طلب رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، الذي يريد الذهاب إلى هذه الخطوة بأيّ ثمن، حتى ولو كان ذلك على حساب مقاطعة الوزراء الشيعة، في موقف أثار ويُثير استهجان ​حزب الله​ الذي يحاول تفهّم موقف عون.

هذا الموقف من رئيس الحكومة، الذي من الممكن أن يفسّر على أساس أنه محاولة لعدم إستفزاز كل من "حزب الله" و"​حركة أمل​"، يقابله رئيس الحكومة بالعديد من الخطوات التي تصب في الإتجاه المعاكس، أبرزها قد يكون كيفيّة تعامله مع الإعتراض البحريني على تنظيم جمعية "الوفاق" مؤتمر حقوقي في بيروت، وما قام به وزير الداخلية في هذا السياق.

الذهاب إلى حدّ الدعوة إلى طرد أعضاء ​جمعية الوفاق​ البحرينية من لبنان يدرك ميقاتي قبل غيره أنه لا يمكن أن يمر مرور الكرام لدى "حزب الله"، خصوصاً أنّ الحزب، على لسان أمينه العام ​السيد حسن نصرالله​، كان قد سبق له أن حذّر من أن التنازل أمام الرياض يعني طلبها المزيد من لبنان، وهو ما لا يمكن أن يتحمله البلد.

في الوقت الراهن، لا يزال الحزب يمتنع عن التعليق المباشر على أيّ من التطورات المتعلقة بهذا الملفّ، فهو في الأصل لم يعلّق على البيان السعودي-الفرنسي، الذي صدر خلال زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى الرياض، كما أنه لم يعلّق على الإجراءات المتعلقة بـ"الوفاق"، إلا أن هذا الأمر، على الأرجح، لن يستمر طويلاً، بالرغم من أن الظاهر هو أن الحزب سيعتمد سياسة "التطنيش"، التي تفتح الباب أمام رئيس الحكومة لأخذ هكذا قرارات من دون القدرة على تطبيقها.

السؤال الذي يطرح نفسه اليوم يتعلّق بإحتمال ذهاب ميقاتي إلى المزيد من الخطوات التي تصب في هذا الإتجاه، من أجل الحصول على المزيد من الرضى السعودي، الأمر الذي قد يهدد حكومته في لحظة ما، بحيث تتحول الأزمة الحكومية إلى أزمة أكثر تعقيداً من أزمة التحقيقات في إنفجار ​مرفأ بيروت​، لذلك قال أحد المراجع السياسيين في لبنان بأن ميقاتي يلعب على حافّة الهاوية، ومن غير المعلوم ما اذا كانت حكومته قادرة على مواجهة العواصف القادمة.