تجري انتخابات الرابطة المارونية في التاسع عشر من آذار ٢٠٢٢، وسط تنافس متنوع لن يخلو من الحماوة بعدما بادر السفير خليل كرم الى استباق الجميع بطرح ترشيحه لرئاستها، قطعا لدابر تسريبات قالت إنه طوى صفحة سعيه إليها لانه ينوي الترشح إلى الانتخابات النيابية في أيار ٢٠٢٢. وتبعه المحامي بول يوسف كنعان إلى اعلان ترشيحه من قنوبين للمنصب عينه. ولم يتأخر رجل الاعمال غسان جوزف الخوري في اصدار بيان بترشحه بعد تردد، وهو خاض معركة خاسرة في الاستحقاق الماضي. وينشط القاضي السابق بيتر جرمانوس على الخط نفسه، وهو في صدد درس إمكان خوضه المعركة.

كرم الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس الرابطة المارونية، كان قبل تعيينه سفيرا في الاونيسكو ناشطا في الرابطة منذ ثلاثة عقود من الزمن حيث كان امينا عاما لها ورئيسا للجنة السياسية فيها. كما كان رئيسا للبعثة اللبنانية في دولة الفاتيكان، وممثلا لرئاسة الجمهورية في الفرنكوفونية، ومشرفا على تنظيم قمتها في لبنان. وايضا كان نائبا لرئيس جامعة القديس يوسف، وهو حاليا رئيس الجمعية اللبنانية لحاملي جوقة وسام الشرف اللبنانية. ويتمتع كرم بتأييد الرؤساء السابقين للرابطة او معظمهم، ودعم كتل ناخبة فاعلة داخلها، وخصوصا دعم رئيس الرابطة الحالي نعمة الله ابي نصر. وهو مرشح مستقل وعلى مسافة واحدة من مختلف القوى داخل الطائفة، ولا يشكل ترشيحه تحديا لاحد. وهو يعمل على تأليف لائحة منسجمة من شخصيات مارونية متنوعة.

وفي المقابل ينشط كنعان، وهو شقيق امين سر تكتل لبنان القوي النائب ابراهيم كنعان، للفوز برئاسة الرابطة. وهو ينفي في مجالسه أن يكون على صلة مباشرة بالتيار، ويؤكد انه أقرب إلى "الكتلة الوطنية"، بعدما تقدم باستقالته من رئاسة "تجمع موارنة من أجل لبنان" الذي يضم أعضاء من الرابطة وخارجها، وقد انسحب منها بعضهم رغبة منهم في الإبتعاد عن كنعان لاعتقادهم انه لا يزال على صلة بالتيار البرتقالي على الرغم من انكاره اي صلة به، وهو ما يفسر اتجاههم لتبني ترشيح القاضي جرمانوس الذي يستعد لاطلاق خطاب عالي السقف بغرض شد العصب الماروني، معتقدا أن هذا الأسلوب سيكون مجلبة لكتلة واسعة من الأصوات. وقد تسبب هذا الترشيح بازعاج لكنعان والخوري.

وقد تجند لمعركة كنعان عدد من الإعلاميين، ومنهم من هو مصنف في خانة المقربين من بكركي، فيما يكثف كنعان اطلالاته من الصرح البطريركي ومن بعض رؤساء الابرشيات. إضافة إلى تسديده اشتراكات عدد من المتخلفين عن دفع اشتراكاتهم من الرابطيين.

كرم يعد بلائحة نموذجية نخبوية يكون اعضاؤها من الناشطين الفاعلين في مجالهم. الخوري يؤكد على أولوية الناحية الاجتماعية في عمل الرابطة اذا حالفه الحظ. لكن هذا الجانب ليس من اختصاص الرابطة الذي حدد نظامها مهماتها بالقضايا الوطنية المصيرية، لأن الجانب الاجتماعي هو من صلاحية المجلس العام الماروني والمؤسسات البطريركية التي تعنى بالشأن الاغاثي والتربوي.

بكركي لم تقل كلمتها بعد، والبطريرك مار بشاره بطرس الراعي الذي تربطه علاقة وثيقة ومميزة مع السفير كرم وقد سبق أن اوكل للاخير مهمات في الاونيسكو والفاتيكان وعينه في لجان تولى تأليفها لامور طارئة، كما أنه على علاقة جيدة مع المحامي كنعان الدائم المتردد على الصرح عارضا خدماته وواضعا امكاناته بتصرفه. كذلك فإن للخوري علاقات مودة مع بكركي. وهذا ما دفع البطريرك إلى القول بأن جميع المرشحين هم ابناؤه، وهو على مسافة واحدة منهم، ويفضل أن تكون هناك صيغة توافقية جامعة تجنب الرابطة معركة في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان والطائفة المارونية، على أن يكون من يتولى قيادتها من الشخصيات البارزة التي تمتلك CV يكون جديرا بهذا الكيان العريق، وسيرة شخصية مميزة.

فهل ينجح الراعي في تجنيب الرابطة المارونية مواجهة قاسية تخلف المزيد من الندوب والشروخ الإضافية داخل الرابطة، أو أن هذه المواجهة ستمضي حتى النهاية. وذلك وسط حيرة تنتاب الاحزاب المارونية التي تتهيأ لانتخابات نيابية في أيار المقبل تستحوذ على اهتماماتها، وتتهيب في الوقت نفسه من دعسة ناقصة تكون لها ارتدادات سلبية عليها؟.