لم تُسْقِط أوساط سياسية لصحيفة الراي الكويتية، من الحساب العناصر اللبنانية في اندفاعة الأمين العام لحزب الله ​السيد حسن نصرالله​، التي بدا أنها تنطوي على رسائل برسْم الحلفاء والخصوم، فيها استصغارٌ مزدوج: أولاً لاستحضار عنوان سلاحه تحت مسمى الاستراتيجية الدفاعية على خلفية زكزكةٍ تتصل بالخلاف على الحزب وليس معه بين حليفه رئيس لجمهورية العماد ​ميشال عون​ وفريقه وبين شريكه في الثنائية الشيعية رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​.

وثانياً لطرْح رئيس الحكومة ​نجيب ميقاتي​ مسألة ال​سياسة​ الخارجية والنأي بالنفس والدفاع عن علاقات لبنان مع دول الخليج والتي بات لمعاودة الدفء إليها إطارٌ ناظم صارم قوامه مثلث القرارات الدولية 1559 و1680 و1701.

ولاحظت هذه الأوساط أن تَصَدُّر ميقاتي جبهة الرفض لمغامرة نصر الله ببيانٍ عاجِل وتوجُّهه إلى قيادة حزب الله التي اتخذت مواقف تسيء الى اللبنانيين اولاً والى علاقات بلدنا مع أشقائه ثانياً، ولا تمثّل الحكومة والشريحة الأوسع من اللبنانيين وتخالف نداءاتنا لأن يكون الحزب جزءاً من الحالة اللبنانية المتنوعة ولبنانيّ الانتماء، تؤشّر لإدراك ميقاتي أن مواقف نصرالله لن تمرّ لدى ​الرياض​ التي كانت تركت ثقباً لميقاتي للنفاذ منه نحو تصويب بوصلة تموْضع بلاد الأرز ومنع النشاطات الإرهابية لحزب الله، وفق ما جاء في بيان القمة الخليجية الأخيرة، قبل أن يوجّه التحالف العربي في اليمن مضطبة الاتهام له بالانخراط في رفْد الحوثيين بأدوات استهداف ​السعودية​، ثم الملك السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز القادة اللبنانيين على وقف هيمنة حزب الله الارهابي على مفاصل الدولة.

وتنشدّ الأنظار في ضوء ذلك إلى أمرين:

• تداعيات مواقف نصر الله التي بدا أنها حرقت مراكب لبنان الرسمي في محاولات احتواء العاصفة الديبلوماسية التي تشتدّ وتخفت منذ نحو شهرين مع الخليج، وخصوصاً على زيارة وزير خارجية الكويت أحمد الناصر ل​بيروت​ هذا الشهر وهل بإمكان رئيس الديبلوماسية الكويتية أن يمضي بهذه الزيارة على وهج ما ارتكبه الأمين العام لـحزب الله بحق المملكة.

وقد اعتبرت الأوساط السياسية نفسها أن موقف الرئيس عون أمس الذي أكد الحرص على علاقات لبنان العربية والدولية لاسيما مع دول الخليج وفي مقدمها السعودية شكّل مؤشراً بدوره إلى تَلَمُّس لبنان الرسمي الإشارات السبّاقة، لِما يشي بأن يكون خطوة زاجرة جديدة، عبّرتْ عنها مواقف عدة لناشطين وإعلاميين وشخصيات سعودية، وخصوصاً تغريدة السفير وليد بخاري الذي شبّه نصر الله بشخصية يُرمز إليها بالخيانة في أوساط العرب.

على أن هذه الأوساط استوقفها أيضاً كلام عون عن أن هذا الحرص يجب ان يكون متبادَلاً لأنه من مصلحة لبنان ودول الخليج على حد سواء، وهو ما جرى التعاطي معه على أنه موقف حمّال أوجه، وفي الوقت نفسه يجافي أنه في ميزان المصالح فإن لبنان المنكوب والمنحرف نحو المحور الإيراني بات خارج سباق المصالح بعدما خرج عن نظام المصلحة العربية، وسط اعتبار الأوساط أن المسؤولين في بيروت ما زالوا في حال إنكارٍ للأضرار غير القابلة للإصلاح» التي تَسبَّب بها الانسلاخ عن الحضن العربي وترْك الموازين الداخلية تختلّ لدرجةِ شبه اقتناع بأن «the game is over» إما بفعل الواقعية المفرطة التي ركن إليها خصوم حزب الله وإما نتيجة اعتماد الحزب مختلف أساليب اللعب معهم.