أعادت الأجواء التي عاد بها وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب من واشنطن ملفّ ترسيم الحدود البحرية الجنوبيّة مع اسرائيل إلى الواجهة من جديد، لا سيما في ظلّ التأكيدات التي نقلها حول زيارة الموفد الأميركي المكلّف هذه المهمّة أموس هوكشتاين إلى لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة، لاستئناف مساعيه بهدف تحريك هذا الموضوع، بعد أن غابت المعلومات عن موعد هذه الزيارة المنتظرة، بعد الجولة التي قام بها في تل أبيب.

في الفترة الفاصلة، كان قد شهد هذا المُعطى تطوراً بارزاً، تمثل في الرسالة التي كان قد وجهها رئيس بعثة إسرائيل في الأمم المتحدة جلعاد أردان إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش،اعتراضاً على فتح لبنان دورة تراخيص هي الثانية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحريّة، حيث تعتبر تلّ أبيب أنهاتمتد إلى المياه الاسرائيلية، أي إلى مساحة الـ860 كلم مربع المتنازع عليها بين الجانبين.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن زيارة هوكشتاين كانت متوقعة في أي لحظة، لا سيما أن الرجل كان قد سرب العديد من المعلومات عن مهلة زمنية للبت في هذا الملفّ، كان من المفترض أن تنتهي في شهر آذار المقبل، الأمر الذي يشكل ضغطاً على كافة الجهات المعنيّة لتقديم تنازلات تقود إلى إنجاز الاتفاق المنتظر، وهو ما سعت الولايات المتحدة إلى الاستفادة منه في سياق الضغوط على لبنان، نظراً إلى أنّ هذا الملف قد يمثل مخرجاً من الأزمة الاقتصاديّة التي تمرّ بها البلاد.

حول هذا الموضوع، تذكر المصادر نفسها بدخول "حزب الله" المباشر على هذا الخط، عبر أمينه العام السيد حسن نصرالله، في ذروة الضغوط، حيث أشار إلى أن الحزب سيتدخّل عندما يجد أن اجراءات تل أبيب تشكل خطراً على حقوق لبنان، نظراً إلى أن اسرائيل تدرك خطورة هذا الأمر على مشاريع التنقيب لديها، خصوصاً مع استحقاقهاالهام في شهر آذار المقبل، لأن شركة "إنرجين"، التي تعمل في حقل كاريش، سترسل سفينة للإنتاجخلال الشهر المذكور.

بناء على ما تقدم، تؤكد هذه المصادر أن الأجواء الايجابيّة تنطلق من مجموعة معطيات، أبرزها حاجة كل من لبنان واسرائيل إلى انجاز اتفاق، لا سيما أنّ هذه هي الورقة الوحيدة التي لا يزال من الممكن أن تنجز فيها حكومة نجيب ميقاتي، بالإضافة إلى الارتباط الجوهري بين ملفّي استيراد الغاز من مصر واستجرار الكهرباء من الأردن، من دون تجاهل وجود حماسة أميركية ظاهرة، يمكن الرهان عليها لتحسين شروط التفاوض بالنسبة للجانب اللبناني.

في هذا الإطار، تؤكد مصادر أخرى، عبر "النشرة"، أنّ المرحلة الراهنة هي الأكثر إيجابيّة على مستوى هذا الملف، نظراً إلى أنّ الجميع يدرك أهميته بالنسبة إلى كافة الجهات، وتؤكد أنه لا يمكن استبعاد حصول مفاجآت سارة على هذا الصعيد خلال فترة قصيرة، خصوصاً في ظلّ المعلومات التي تتحدّث عن أن الموفد الأميركي سيحمل إلى لبنان، في زيارته المرتقبة، طروحات جديدة لم تُطرح في الماضي.

بحسب بعض المعطيات التي لدى هذه المصادر، فإنّ هذه الحلول ستكون مبنيّة على أساس ما رفضته بيروت سابقاً، أي يُفترض أن تكون قابلة للحياة، بينما في الماضيكان الأميركيون يطرحون حلولاً وهم يعلمون أنه لا يمكن أن يكتب لها النجاح، بسبب عدم القدرة على التسويق لها لبنانيا، إلا أنها تشير إلى أن مهلة آذار، التي جرى الحديث عنها في الفترة الماضية، سقطت، نظراً إلى أنها كانت تمثّل خدمة إلى تل أبيب، وتضيف: "في الأصل لم تكن مهلة إسقاط بل مهلة حثّ، وواشنطن لا يمكن أن تنسحب من الوساطة في هذا التوقيت".

في المحصّلة، تجزم المصادر نفسها بأن الأمور مرهونة بما سيحمله هوكشتاين في زيارته إلى بيروت، نظراً إلى أن الأفكار التي في جعبته من الممكن أن تقود إلى تسريع المفاوضات أو عرقلتها، لكنها تميل نحو الإيجابيّة راهنًا، بسبب قناعة الجهات المعنيّة بالحاجة إلى اتفاق يرضي الجميع، بالإضافة إلى حاجتها لانهاءهذا الملف بأسرع وقت ممكن.