أشارت صحيفة "التايمز" البريطانية إلى أن وضع المرأة الأفغانية ومنع مقاتلي "طالبان" النساء من الوظائف الحكومية، وإغلاق العديد من المدارس أبوابها أمام الفتيات، حيث تحدثت عن سيدة تدعى فريبا، اعتادت قوات الأمن التابعة لـ "طالبان" أن تطرق باب منزلها في مدينة مزار شريف شمالي البلاد بحثا عن ابنها.

لكن هذه المرة، بحسب الصحيفة، بدلا من تعرضها لتهديدات وسلوك عدواني، استُدرجت الأرملة، وهي أم لسبعة أبناء، للخروج من منزلها بوعد من المقاتلين بمعاملتها بلطف، ولكن بعد أن دخلت سيارتهم، لم يُسمع لها صوت، وعثر اثنان من أبنائها على جثتها وبها إصابات بطلقات رصاص في المستشفى الحكومي بالمدينة في صباح اليوم التالي، ووجهها كان مشوها لدرجة استعصى التعرف عليه.

ولفتت إلى أن "ابن فاريبا، البالغ من العمر 21 عاما، كان يعمل ضابط شرطة في ظل الحكومة السابقة، بحسب شخص يعرف العائلة، ودأبت قوات الأمن التابعة لحركة "طالبان" على ترهيب الأسرة منذ فترة، واتصلوا بابنها وأخبروه ألا يغادر المنزل، كما أبلغوا فريبا بضرورة إخلاء العقار وتسليمه إلى السلطات الجديدة، واتهموا ابنها بإخفاء أسلحة، وهو ادعاء نفته الأسرة بشكل قاطع، بحسب المصدر".

وأكدت أنه "منذ استيلاء "طالبان" على البلاد في آب الماضي، جردت الحركة أفراد الأمن الحكوميين السابقين والمدنيين من أسلحتهم في شتى أرجاء البلاد"، مشددة على أن "مأساة عائلة فاريبا ليست الوحيدة في مدينة مزار شريف، التي شهدت مقتل امرأة هذا الشهر بالرصاص في في أرض مفتوحة بين المنازل في منطقة سكنية هادئة تسمى بلخباستان في شمالي المدينة".

كما نقلت "التايمز" عن شاهد عيان، طلب عدم ذكر اسمه قوله: "سمعت صوت طلقات نارية وخرجت لأرى ما حدث، رأيت حارس شرطة مسرعا بعيدا عن مكان الحادث، تم استدعاء الشرطة، وعاد الحارس نفسه لإخراج الجثة". في وقت أكد سكان المنطقة أن "القتيل كانت شابة، وعُثر في حقيبتها على مجوهرات وبطاقة هوية باسم نيلوفر سيد مظفر، ولم تستطع "التايمز" تحديد مكان عائلتها".

وأفاد شاهد عيان آخر للصحيفة بأنه "تم القبض على امرأة في مزار شريف، بتهمة الدعارة بعد أن عثروا عليها في غرفة مع ثلاث رجال". وأضاف: "تم استدعاء "طالبان" وقالوا إن لديهم أوامر بقتل المرأة"، لافتاً إلى أن "زعيما محليا، تم استدعاؤه، أقنع المقاتلين بتركها"

وفي هذا الإطار، شددت "التايمز" على أن "حريات المرأة الأفغانية تقلصت بشكل كبير منذ أن استعادت "طالبان" السلطة في الصيف الماضي بعد حرب استمرت 20 عاما مع الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة، وبشكل أكبر في المدن الكبرى مثل كابل وهرات، كما طُمست صور النساء من نوافذ المتاجر، ومُنع النساء من العمل في الحكومة، وأغلق معظم المدارس الثانوية للفتيات".

وأكدت أنه "على الرغم من ذلك، بدأت تظهر الآن تقارير عن مقتل نساء واختفائهن"، مشيرةً غلى أن "الفريق الطبي في مستشفى مزار شريف الذي تديره الحكومة يقولون إنهم يستلمون نحو 15 جثة يحضرها مقاتلو "طالبان" كل شهر، وعلى الرغم من أنه لا يُسمح لهم بفحص الجثث، إلا أنهم يقولون إنه من خلال ما شاهدوه فالغالبية من الإناث ومعظمهن تعرضن لطلقات نارية في الرأس أو الصدر".

وتابعت: "لا يعرف الفريق الطبي من المسؤول عن الوفيات، ولا يُسمح لهم بإجراء فحوصات ما بعد الوفاة أو تسجيل الوفيات، موضحين إنه قبل سيطرة "طالبان"، كانت وكالة المخابرات وإدارة الشرطة ونظام العدل والمستشفى يسجلون تفاصيل كل جثة". وتحدثت أيضاً عن "امرأة أخرى لقت مصرعها هذا الشهر بعد أن اعتقلتها حركة "طالبان"، وفقا لأشخاص يعرفون العائلة. وانتهى الأمر بجثتها مثقوبة أيضا بأعيرة نارية، في نفس المستشفى، ووصفها أناس يعرفونها بأنها "امرأة طيبة"، ومنذ ذلك الوقت، اختبأت الأسرة خوفا من الانتقام".

وفي سياق متصل، ذكرت الصحيفة بمقتل "حنيفة نظاري، الناشطة التي كانت عضوة في مجموعة بلخ النسائية للسلام، والتي شاركت في الاحتجاجات، برصاص مهاجمين مجهولين على دراجة نارية في بلخباستان، بحسب تقارير". وشددت على أنه "بالرغم من المخاطر الجسيمة، ترفض النساء التزام الصمت ويواصلن تنظيم المظاهرات، بعد أن تبين أن مظاهرات الشهر الحالي أثارت جدلا بشكل خاص بين مسؤولي "طالبان" والمواطنين الأفغان، عندما رشت المتظاهرات الطلاء الأحمر على البرقع الأبيض (الحجاب) قبل حرقه، وقالت المتظاهرات إنه جاء من ثقافات أخرى".

ولفتت الصحيفة إلى أن "الحجاب أصبح رمزا للقمع في أفغانستان منذ أن أُجبرت النساء على ارتدائه إبان حكم "طالبان" خلال الفترة من 1996 إلى 2001، رغم أنه كان موجودا في البلاد قبل وصول الحركة إلى السلطة". وأشارت إلى أنه "قبل سيطرة حركة "طالبان"، كانت النساء يشغلن وظائف وكان العديدات يذهبن للعلاج والعناية بأنفسهن. وتقول أميرزاي، صاحبة متجر: "من كان لديه النقود غادر البلاد والذين بقوا ليس لديهم دخل"، مضيفة أن "طالبان" طلبت منها إغلاق متجرها بحلول الساعة الرابعة عصرا بدلا من السابعة مساء بحجة أن المرأة يجب أن تكون في المنزل في المساء".

من هنا، أكدت أن "أميرزاي تتلقى، مثل العديد من أصحاب المتاجر الأخرى، أوامر من ممثلي "طالبان" من وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لتغطية الملصق الكبير لوجه المرأة على نافذة متجرها، على أساس أن هذه الصور تعد انتهاكا للشريعة الإسلامية". وتقول: "قبل وصول طالبان إلى السلطة، كان بإمكاني أن أفعل ما أريد، والآن، ليس هذا هو الحال".