لفت السيد ​علي فضل الله​، خلال خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر "مسجد الإمامين الحسنين"، في حارة حريك، إلى "​الموازنة​ التي أخذت طريقها إلى مجلس النواب، رغم الاعتراضات التي أثيرت حولها في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، الذي حولها إلى المجلس النيابي الذي يبقى عليه أن يقرها أو يرفضها، أو يجري التعديلات عليها".

وأكد "أننا في هذا المجال، نجدد دعوتنا لممثلي الشعب اللبناني، إلى أن يكونوا لسان حال اللبنانيين، الذين ينوؤون بأعبائهم الحالية، وهم غير قادرين على تحمل أعباء جديدة طرحتها الحكومة في موازنتها".

وصرّح السيّد فضل الله، "أننا نعي مدى حاجة الدولة، إلى تأمين موارد لها، من خلال الضرائب، ولا سيّما التصاعدية منها، ولا ندعو إلى إدارة الظهر لذلك، ولكن هذا الأمر يكون عندما تكون الدولة، قد أمنت لمواطنيها ما يضمن ملء جيوبهم، لا إفراغها، بسبب سوء إدارتها وفسادها وهدرها، حتى باتوا معها، ينتظرون إعانات الداخل والخارج، كي يؤمنوا أدنى متطلبات عيشهم لا رفاهيتهم".

وأشار إلى "أننا نعرف أن في وسع المجلس النيابي القيام بذلك، إن قام بالدور المطلوب منه على صعيد الرقابة على مؤسسات الدولة ومجالسها، وبتفعيل القوانين التي تضمن إيقاف مزاريب الهدر والفساد وإعادة المال العام المنهوب الموجود في الداخل، والذي هرب إلى الخارج، والكل يعرف إنه في حال رجوعه يستطيع أن يحل أو يساهم، في حل الكثير من أزمات البلد".

وشدد السيّد فضل الله، على أن "اللبنانيين لا يريدون أن يسمعوا من نوابهم في المجلس النيابي، خطابات تكتفي بتوصيف الواقع أو تتنصل من المسؤولية، أو بما يدغدغ غرائزهم الطائفية أو المذهبية أو المناطقية، وبعد ذلك يعود كل إلى موقعه ويعود اللبنانيون إلى معاناتهم، فهم يريدون موازنة تراعي أوضاعهم، لا وعود وتطمينات بمستقبل أفضل، أو تعديلات ثانوية لا تسمنهم ولا تغنيهم من جوع".

واعتبر أن "في هذا الوقت، يعيش البلد على وقع خلافات حادة بين المواقع السياسية، على العديد من الملفات نخشى من تداعياتها على صعيد عمل الحكومة أو على صعيد الشارع، بعدما أخذ بعضها طابعًا مذهبيًا وطائفيًا، ونحن في هذا المجال نعيد التأكيد على الجميع لضرورة العمل على تبريد الخلافات لتمرير الاستحقاق الانتخابي، الذي ينتظره اللبنانيون وحتى لا ينفذ من خلاله من يريد تعطيل هذا الاستحقاق أو المس بأمن البلد، بعدما أصبح واضحاً أن لا علاج لأي من المشاكل في ظل هذا التجاذب الحاد وفي ظل الخطوط الحمر التي بتنا نشهدها".

وأوضح فض الله، أنه "على صعيد الانتخابات، التي بدأ جميع الفرقاء بالاستعداد لها، فإننا نحذر من أن يكون تصعيد الخطاب في مواجهة الخصوم، هو الذي يعتمد لكسب الأصوات واستمالة الجمهور، بدل أن يكون التنافس فيها هو تنافس البرامج، بحيث يقدم كل فريق برنامجه في كيفية مقاربته للأزمات، التي يعاني منها البلد على كل الصعد والآليات التي سيعتمدها للوصول إلى حلها".

ودعا "المرشحين من النواب الحاليين، أو من القوى السياسية، أن يقدموا حساباتهم للناس، عارضين الإنجازات والاخفاقات، ونقول للبنانيين: إن عليكم أن تحاسبوا الجميع، وفق ذلك وليس وفق أي حسابات أخرى".

ولفت، في حديثه عن القضاء، إلى أنه "يعكف هذه الأيام على المطالبة بحقوقه، فإننا ندعو إلى ضرورة الاهتمام بهذا القطاع الأساس الذي لا يبنى وطن من دونه وتأمينه وتحصينه حتى لا يكون أداة من أدوات اللعبة السياسية أو لتصفية الحسابات"، معتبرًا أن "الكثير مما نعانيه يعود إلى تحول القضاء، إلى عصا في الصراع السياسي، بدلاً من أن يكون عصا في مواجهة كل الفاسدين على المستوى السياسي أو الأمني أو أي موقع من المواقع".

وأشار فضل الله، أنه "على صعيد ترسيم الحدود، وفي ظل الكثير مما يصدر من التأويلات، فإننا ندعو إلى أن يكون المسؤولون أكثر شفافية لتوضيح ما يجري على هذا الصعيد، وان يكون هناك اصرار على الحق اللبناني غير منقوص، فلا يضيع بفعل الابتزاز او التسويات أو الحسابات الذاتية لهذا الفريق أو ذاك".

وأكد "أننا نطل على الوضع الفلسطيني، حيث يستمر العدو الصهيوني، في ممارسة القتل والقمع والحصار وتهديم البيوت من دون أن يستدعي ذلك أي عمليات شجب حقيقية من العالم، ومع الأسف يجري كل ذلك وبعض الدول العربية تشرع في هذه الأيام أبوابها للمسؤولين الإسرائيليين وتحتفي بهم غير آبهة بالشعب الفلسطيني وصرخاته وآلامه ومعاناته الكبرى"، موضحًا "أننا في الوقت الذي نشعر بالثقة في صبر هذا الشعب وصموده وثباته، الذي يواصل تصديه للعدو في جنين والقدس وحي الشيخ جراح وغيرها، نريد للشعوب العربية والإسلامية أن تبقى حاضرة مع هذا الشعب وأن تقف إلى جانبه وتقدم له يد العون والتأييد بالكلمة والموقف والدعم بكل ما يؤمن له الصمود والثبات".

وختم فضل الله، أن "في هذه الأيام الكبار من هذا الوطن الذين حفظوا بمواقفهم وبدمائهم وجهادهم وتضحياتهم هذا البلد ليبقى عزيزاً وحراً ومنيعاً بوجه أطماع العدو الصهيوني"، مشيرًا إلى أن "الوفاء لهؤلاء يقتضي أن تبقى الروح التي زرعوها حاضرة رغم صعوبات المرحلة وتحدياتها وما يخطط له الأعداء".