سألت صحيفة "الغارديان" في مقال حول التعليقات التي صدرت مؤخرا بشأن الأحداث في أوكرانيا من أشخاص اعتبروا أن أوكرانيا بلدا "متحضرا بخلاف دول أخرى تشهد حروبا"، "هل يستحق الأوكرانيون التعاطف أكثر من ​العراق​يين والأفغان؟".

وتحدثت الصحيفة البريطانية عن وصف كبير مراسلي شبكة "سي بي إس نيوز" تشارلي داغاتا الأسبوع الماضي أوكرانيا بأنها ليست "مثل العراق وأفغانستان (…) هي دولة متحضرة نسبيا"، ما يعني أن "الأوكرانيين، على عكس الأفغان والعراقيين، يستحقون تعاطفنا أكثر من العراقيين أو الأفغان؟". ولفتت الى "تصاعد الغضب على الفور على الإنترنت، كما كان ينبغي في هذه الحالة، وسرعان ما اعتذر المراسل المخضرم".

ولفتت الى انه "منذ أن بدأت ​روسيا​ حربها في 24 شباط، لم يكن داغاتا الصحفي الوحيد الذي رأى محنة الأوكرانيين من خلال مصطلحات شوفينية".

وعددت أمثلة أخرى حول الموضوع نفسه مثل قول نائب المدعي العام السابق لأوكرانيا "إنه أمر مؤثر للغاية بالنسبة لي لأنني أرى أوروبيين بعيون زرقاء وشعر أشقر… يُقتلون كل يوم".

وأيضا قول الصحفي فيليب كوربي بهذا عن أوكرانيا: "نحن لا نتحدث هنا عن فرار سوريين من قصف النظام السوري المدعوم من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. نحن نتحدث عن الأوروبيين الذين يغادرون في سيارات تشبه سياراتنا لإنقاذ حياتهم".

وذكرت أيضا ما كتبته صحيفة التلغراف: "يبدون مثلنا كثيرا. هذا ما يجعل الأمر صادما للغاية. أوكرانيا بلد أوروبي. يشاهد أفرادها نتفلكس ولديهم حسابات على إنستغرام، ويصوتون في انتخابات حرة ويقرؤون الصحف غير الخاضعة للرقابة. لم تعد الحرب شيئا يتعرض له السكان الفقراء والبعيدون".

واعتبرت الصحيفة البريطانية بان "ما تضيفه كل هذه الاختلافات السطحية الصغيرة – من امتلاك السيارات والملابس إلى امتلاك حسابات على نتفليكس وإنستغرام، ليس تضامنا بشريا حقيقيا مع شعب مضطهد. في الواقع، العكس هو الصحيح. إنها قبلية. تشير هذه التعليقات إلى عنصرية خبيثة تتغلغل في تغطية حرب اليوم وتتسرب إلى نسيجها مثل وصمة عار لا تزول. المعنى الضمني واضح: الحرب حالة طبيعية للأشخاص الملونين، بينما ينجذب البيض بشكل طبيعي نحو السلام".

واعتبرت أن "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن هذا النوع من التغطية الإعلامية المائلة والعنصرية يمتد إلى ما وراء شاشاتنا وصحفنا ويختلط بسهولة في سياستنا"، حيث صرح وزير الداخلية البولندي ماريوش كامينسكي مؤخرا: "يمكن لأي شخص يفر من القنابل، من بنادق روسية، الاعتماد على دعم الدولة البولندية".

وأشارت "الغارديان" إلى أنه "في غضون ذلك، اشتكت نيجيريا من منع الطلاب الأفارقة داخل أوكرانيا من الوصول إلى المعابر الحدودية البولندية؛ كما واجه البعض مشاكل على الجانب البولندي من الحدود".

ولفتت الى انه "يبدو أن كل هؤلاء الصحفيين والسياسيين يريدون تجاهل مفهوم أن توفير الملجأ لا يستند ولا ينبغي أن يستند إلى عوامل مثل القرب الجسدي أو لون البشرة، ولسبب وجيه للغاية. إذا عمل تعاطفنا فقط للترحيب بأشخاص يشبهوننا أو يصلّون مثلنا، فعندئذٍ نحن محكوم علينا بتكرار النوع ذاته من القومية الجاهلة الضيقة التي تروج لها الحرب في المقام الأول".

وأكدت الصحيفة أن "فكرة منح اللجوء، وتوفير حياة خالية من الاضطهاد السياسي لشخص ما، يجب ألا تقوم على أي شيء سوى مساعدة الأبرياء الذين يحتاجون إلى الحماية. هذا هو المكان الذي يقع فيه المبدأ الأساسي للجوء. اليوم، يعيش الأوكرانيون تحت تهديد حقيقي بالعنف والموت الناجم مباشرة عن الغزو الإجرامي لروسيا، وعلينا بالتأكيد أن نوفر للأوكرانيين الأمن المنقذ للحياة أينما ومتى أمكننا ذلك".

وختمت بالقول "إذا قررنا مساعدة الأوكرانيين في وقت احتياجهم اليائس لأنهم يبدون مثلنا "نحن" أو يرتدون ملابس مثلنا "نحن" أو يصلون مثلنا "نحن"، أو إذا احتفظنا بمساعدتنا حصريا لهم مع حرمان الآخرين من نفس المساعدة، إذن لم نختار فقط الأسباب الخاطئة لدعم إنسان آخر. لقد أظهرنا أيضا، وأنا هنا أختار هذه الكلمات بعناية، أننا نتخلى عن الحضارة ونختار الهمجية بدلاً من ذلك".