اشارت صحيفة "واشنطن بوست" الى إن أفراد الدفاع المدني أو "​الخوذ البيضاء​" في ​سوريا​ مستعدون لمساعدة أوكرانيا. ولفتت الى إن توسيع الرئيس فلاديمير بوتين حربه الإجرامية ضد المدنيين في كل أنحاء أوكرانيا، حوّل المدنيين العاديين إلى جنود في الخط الأمامي للقتال. والسوريون الذين يواجهون الهجمات العسكرية الروسية منذ سنوات، لديهم استعداد لمساعدة الأوكرانيين على تنظيم قوات دفاعهم المدنية. ويحتاج الأوكرانيون لكل المساعدة المتوفرة وإنقاذ حياة أكبر عدد من الأبرياء فيما قد تتحول إلى حرب طويلة.

ومنذ إرسال بوتين قواته عام 2015 إلى سوريا لمساعدة الرئيس السوري بشار الأسد، يقوم الجيش الروسي بقصف المناطق التي سيطر عليها المعارضون لنظام دمشق، وارتكبت قواته حسب التقارير جرائم حرب وبطريقة منظمة، حيث استهدفوا المستشفيات والمدارس والبنى التحتية المهمة. وتم استخدام التكتيكات هذه في قصف المدن الأوكرانية، وهناك تقارير موثوقة تتحدث عن استخدام الروس القنابل العنقودية. وأعلنت محكمة الجنايات الدولية في الأسبوع الماضي أنها ستبدأ مباشرة في تحقيق بجرائم الحرب المزعومة التي ارتكبها الروس. وتقوم قوات الدفاع المدني في سوريا "الخوذ البيضاء" منذ عام 2014 بعمليات إجلاء وتقديم الإسعاف الأولي للمدنيين الذين تعرضوا للقصف. وقامت المجموعة من المتطوعين بمساعدة وإنقاذ حياة أكثر من 100 ألف شخص، وقُتل في أثناء ذلك 252 متطوعا.

والآن، حوّلت "الخوذ البيضاء" نظرها نحو آخر ضحايا بوتين. وفي مقابلة مع مدير المنظمة رائد صالح، قال: "نحن هنا لمساعدة إخواننا وأخواتنا الأوكرانيين بأي طريقة". وقال إن هدف بوتين هو كسر شوكة السكان المدنيين، ولا يوجد حدّ لوحشية قواته: "ليس للجيش الروسي مبادئ ولا يحترمون حقوق الإنسان وليس لديهم معايير أو أخلاق". وأضاف أن "الأوكرانيين يواجهون أكبر القوى الإجرامية والأكثر شراسة وغير الأخلاقية في العالم، والتي نواجهها منذ سبعة أعوام". وقال إن الخوذ البيضاء تقوم بتحضير سلسلة من الفيديوهات لمساعدة المدنيين الأوكرانيين في التعامل مع المقذوفات الصاروخية غير المنفجرة، أو إخلاء البنايات أثناء القصف. ويقومون بتحضير قوائم بالمعدات والمواد التي تحتاجها فرق الإنقاذ الأوكرانية. بل لدى الخوذ البيضاء استعداد لإرسال متطوعيها للمساعدة.

وفي الوقت الحالي، يمكن للأوكرانيين تنظيم قوات دفاعهم المدنية في كل مدينة، وتقسيمهم على شكل فرق صغيرة مكونة من أربع إلى خمسة أشخاص تنتشر في أماكن جغرافية مع عربات سريعة يمكن أن تتحرك على عجل لأي مكان تعرض لهجوم. ونصح بعدم إنشاء مقرات دائمة وكبيرة لأنها قد تتعرض لهجمات. وقال إن أجهزة لاسلكي تعمل على المدى القصير هي أفضل وسيلة اتصال، وأفضل من الهواتف النقالة أو الإنترنت التي يمكن الكشف عنها، وربما لا تعمل بسبب عدم وجود التغطية في محاور الحرب. ويجب نشر عناصر في الفرق لمراقبة الأجواء والإبلاغ عن تحركات الطائرات، وهي أفضل من الرادارات أو صفارات الإنذار.

وأضاف صالح أن فهم الأساليب العسكرية الروسية الوحشية يمكن أن ينقذ الأرواح، فالطيران الروسي مثلا معروف بضرباته المزدوجة. فالمقاتلات الروسية تضرب الهدف ثم تنتظر وصول أول فرقة إنقاذ لكي تضربها. وقال: “واحد من الأشياء التي تعلمناها بعد الهجوم الأول، هو أن لديك سبع إلى تسع دقائق تستطيع عمل شيء في المنطقة قبل الضربة التالية. هذه السبع أو التسع دقائق مهمة”.

ويجب على الأوكرانيين إنشاء نقاط إسعاف طبية حول المدينة لكي تتعامل مع المصابين بجروح طفيفة وتخفيف الضغط عن المستشفيات الكبرى، مع الحفاظ على سريّتها كما يقول صالح، وإلا تعرضت للقصف الروسي.

ورغم اعتراف الغرب بجهود "الخوذ البيضاء" إلا أنها كانت عرضة لحملة تضليل روسية ومن النظام السوري، واتُهم عناصرها بالإرهاب. وقال صالح إن بوتين يكره المنظمة ليس لأنها تنقذ حياة المصابين، بل لأنها توثق جرائم القوات الروسية. وأوضح أن “كاميرا (غو برو) هي أفضل طريقة لمحاربة التضليل الروسي. استمر على صدقك وانقل الواقع على الأرض؛ لأن الحقائق في النهاية هي حقائق”.

ولكن قوات الدفاع المدني تعلمت درسا بألا تعطي معلومات عن مكانها للأمم المتحدة التي تقول إنها تحتاج إليها لمساعدتهم، ولكن الروس استخدموا المعلومات لقصفهم. ويشير صالح إلى أنه لا يجب منح الروس سلطة في القرار لتوزيع المساعدات الإنسانية، لأنهم قد يستخدمون المساعدات كسلاح من أجل تجويع الناس كما يفعلون الآن في سوريا. وأضاف أن إقناع الناس لتعريض حياتهم وخدمة الناس الضعاف والمعرضين للمخاطر هو “شرف عظيم” وهو واجب من أجل إنقاذ حياة الناس الذين سيكونون أمل المستقبل. ورغم التقارير التي تحدثت عن تجنيد سوريين للقتال مع ​روسيا​، إلا أن غالبية السوريين يريدون المساعدة في مواجهة الغزاة الروس.

ولفتت الصحيفة الى إن الطريق لهزيمة الروس طويل، فالسوريون في مقاومة لهم منذ 7 أعوام، وسيواجه الأوكرانيون حربا طويلة معهم، و"في النهاية، فإن إرادة المواطنين هي السلاح الأقوى، حتى ضد أعتى الجيوش في العالم".