أطلّت "كلنا ارادة" كمجموعة من اللبنانيين الناجحين في الخارج، وعملت في السنوات الماضية على مشاريع قوانين وسياسات عامة، وهي تضم خيرةً من رجال الاعمال، والمفكرين الناجحين، وقد توسّم اللبنانيون وخصوصاً "المجتمع المدني" خيراً بنشاط "كلنا ارادة".

يمكن أن تشكّل حاضنة للنواب المستقلّين في مجلس النواب الجديد، تساعدهم في صوغ القوانين والسياسات العامة، إلاّ أن هذا الأمل يصطدم بإستراتيجية "كلنا ارادة" الإنتخابية المبنيّة على رغبة بضعة متموّلين كبار في دعم حزب الكتائب وشخصيات سياسية تقليدية، يشكلون رأس حربة سياسية ضد "حزب الله".

إنطلاقاً من هذا الدعم المشروط تعمل مجموعة "كلنا ارادة" على حياكة إئتلاف إنتخابي مع بعض المجموعات المتحالفة مع "الكتائب" وشخصيات سياسية تقليدية، وتحاول جذب مجموعات اخرى إليه، شرط ألا يضم هذا الإئتلاف دوائر انتخابية تؤثر على تلك الشخصيات.

تقوم "كلنا ارادة" بتطبيق إستراتيجيتها عبر مجموعات من "جبهة المعارضة" المعروفة بـ G6، مستخدمة الاغراءات. وللكلام صلة.

فهل أن استراتيجية "كلنا ارادة" ستصب في مصلحة القوى التغييرية، ام سيكون حزب القوات والتيار الوطني الحر وحزب الله هم المستفيدون الاساسيون من تشظّي مجموعات قوى التغيير؟

من خلال الارقام، اعلن أحد خبراء الإحصاء الذي سبق وكلّفته "كلنا ارادة" بإجراء دراسات على مستوى لبنان، اكثر من مرة، بأن القوى التغييرية لا مصلحة لديها بتشتيت صفوفها ومجموعاتها، وإعطاء الأولوية للتحالف مع الأحزاب التقليدية: أولاً، لأنها قادرة بقوتها الذاتية على الفوز بمقاعد نيابية. ثانياً، لأن هذه السياسات التحالفية تصيبها بضرر. فهل سمع اعضاء مجلس ادارة "كلنا ارادة" لمن كلّفوه بإجراء هذه الدراسات؟ اليسوا هم من جمعوا الاموال وسددوا كلفة هذه الدراسات؟ الا يستمعون لنصيحة من اختاروه خبيراً انتخابياً احصائياً معهم؟

أما الوقائع فتشير إلى أنّ الإئتلاف الذي تسعى لتحقيقه "كلنا ارادة" لن يضم مجموعات كبيرة مؤثرة في مناطقها، ولن يحوي ائتلافات مناطقية قوية، لأنها اصبحت شبه منتهية من تأليف لوائحها، ولأن هذه المجموعات المناطقية تسعى لتأليف اوسع إئتلاف وطني من المجموعات التغييرية فقط، وتصرّ على وحدة قوى التغيير المستقلة، ولا تقبل بأن تكون في ائتلاف وطني يستثني بعض المناطق كرمى لعيون حزب او شخصية. وبالتالي فإن الخطر هنا يكمن بإنفراط عقد الإئتلاف الوطني الناقص والمبتور اصلاً، والذهاب الى لوائح مناطقية لن تلقى الدعم المادي، وستكون معاقبة من قبل "كلنا ارادة"، بسبب تمرّد هذه اللوائح على الدعم المادي المشروط. وستكون عندها "كلنا ارادة" اعاقت إمكانية تشكيل إئتلاف وطني جامع للقوى التغييرية فقط. سيكون حينها التغيير هو الضحية: لن يتمكن لا "الكتائب" ولا الشخصيات السياسية التقليدية الحليفة له، ولا اللوائح التغييرية، من حصد المقاعد النيابية، التي تبيّن الإحصاءات انها ستذهب في حال تشتّت قوى التغيير لصالح حزب القوات والتيار الوطني الحر وحزب الله، الذين سيكونون المستفيد الاول من انهزام الحالة التغييرية.

بالطبع، ليس كل اعضاء "كلنا ارادة" يؤيدون هذا الخطأ الإستراتيجي، فهل تكون هناك صحوة داخل مجلس الادارة لإنقاذ "الثورة" ولبنان؟ أم سيسجّل التاريخ ان مجموعة "كلنا ارادة" كانت يوماً رأس حربة في تفكيك قوى التغيير، بدل توحيدها؟

للكتابة صلة مستمرة، لغاية يوم الانتخابات.