بإمكانِكَأن تَختارَ المَوتَ وَثقافَتَهُ، لَكنَّكَ حَتماً لَستَ بِلًبنانيٍّ.

وبإمكانِكَ أن تَختارَ تُرَهاتِ ثُويقِفاتِ الحياةِ، لَكنَّكَ ايضاً لَستَ بِلُبنانيِّ.

أن تَكونَ لُبنانيِّاً يَعني أن تكون إفخارِستيَّاً، فِصحيَّاًّ، لا تًحومُ فَوقَ الحَياةِ، ولا تَستَجدي المَوتَ هباءً كأنَّما قَدَر. لِمَن تُقيمُ؟ ذاكَ هو السؤال. امَّا جَوابُهُ، فإنَّكَ لا تُقيمُ لِذاتِكَ، وَلَيسَ للآخَرينَ فَحَسب، بَل أكثَر لِحَرَكَةِ الزَمانِ المُتَمَكِّنِ، وهذا باعِثً وجودِكَ في لُبنانَ وَلَهُ.

مَهما كانت طوارِئُ هذا الوجود مُستَفرِدَةً لَكَ، إن كنتَ لبنانيَّاً حَقَّاً، فأنتَ مُحَرِّكُ الفِعلِ، مِن داخِلِهِ، وَمُقيمُهُ مِن مَوتٍ صِرفٍ الى حَياةٍ خالِصَةٍ، لا الى شِبه حَياةٍ.

هي الذُروَةُ، وَما فيها وَساطاتٍ مِن دُنوٍّ ولا تَسوياتٍ مَعَ واقِعٍ. بِدونِها تَبقى مَرميَّاً على حَتميَّاتٍ تَستَجدي فَوقيَّاتٍ قَد تأتي وَقَد لا تَحِّلُ.

شَراسَتُكَ كَلُبنانيٍّ، أنَّكَ لَستَ بأرضيٍّ فَحَسب، بل مِن فَوق ايضاً... مِن فَوق حتماً. إن إرتَضَيتَ ذَلِكَ، تَغدو ضَرورَةً لِعالَمِ اليَوم، الذي أبطَلَ الفَوقَ فَضَلَّ، وَتَكابَرَ على التَحتِ فإنعَدَمَ... كَفَراغٍ ما إرتَوى مِن ذاتِهِ، فَظَلَّ شَوقُهُ الى المَلءِ، والمَلءُ كانَ له فأنهاهُ.

في إحقاقِهذه القياميَّةِ فيكَ، كَلُبنانيٍّ، تَكونُ فِصحاً ايِّ عُبوراً مِن كائِنٍ الى واجِبٍ، وَتُقيمُ إفخارِستيَّاً ايّ ذَبيحَةًتَعقِلُ المُستَحيلَ. بِدونِكَ، يَبطلُ الحَقُّ، والحَقُّ في ما هو حُريَّةُ قُبولِ الدَعوَةِ، إذ أنَّكَ، قَبلَ ايِّ شَيءٍمَدعوٌّ وَمُرسَلٌ... وَوَطنُكَ لبنان، على صَورَتِكَ كَمِثالِكَ. لا تَخَف أن هكذا تُحَقِّقَهُ!.

الآخَرونَ، اولئِكَ الذينَ مِن اوطانٍ اخرى، مِن كُثبانِ جُغرافيا أو أوهام سياسَةٍأو تَعَنُّتِ تاريخٍ، مُرورُ إنسانِها فيها رَغبَةٌ تَجعَلُها مَرغوبَةُ لِما فيها هي، لا لِما فيهِهو مِن إلزامِ تَجاوبٍ مَعَ المُطلَقِ. وَكُلُّ رَغبَةٍ لَيست بِدَعوَةٍ، لأنَّ النُقصانِ في وجدانِها، فلا تَندَفِع الى فَوق، بَل تَستكفي الزَحفَ في دَهاليِزِ التَحتِ غايةً.

أنتَ كَلُبنانيٍّ، حَقيقَةُ تَفاعُلِكَ هي في تَنادي أرضِكَ والسَماءِ، السَماءِ وأرضِكَ. وَنِقطَةُإرتِكازِ هذا التَنادي وَمِحوَرِيَّتُهُ: الله... لا العَدَم.

وَلَيسَ أيَّ إلَهٍ. بَل "ذاكَ الكائِنَ قَبلَ الشَمسِ"، وَقَد "غابَ وَقتاً في الرَمسِ"، الأ انَّهُ، وَهوَ النورُ الحقيقيُّ، "وَطِىءَ المَوتَ بالمَوتِ، وَوَهَبَ الحياةَ للذينَ في القُبورِ"... فَتَمَجَّدَ بالنورِ.

أنتَ كَلًبنانيِّ، مَطعونٌ في قَلبَكَ، وَقَد أُلقِيَ عَلى وَطَنِكَ إثمَ الجَميعِ فَسيقَ الى الذَبحِ، لامِسٌ لِهَذِهِ القيامَةِ فيكَ. وَبِكَ تُلمَسُ في العالَمِ الذي أنتَ فيهِ. في تَجَلِّيكَ، إنبِعاثُ العالَمِ، وفي إنبعاثِ العالَمِ تأكيدُ جَوهَرِكَ الفَصحيِّ والإفخارِستيِّ.

جَدَليَّةُ مَجدٍ

أنتَ كَلُبنانيٍّ، ألا أدرِكأنَّ مَجدَ وَطَنِكَ مُتأتٍّ مِن أنَّ مِن جِراحاتِهَ شِفاءُ العالَمِ، وَمِن مَجدِهِ تَمَجَّدَ الله فيه وفي العالَمِ. وفي ذَلِكَ ذُروَةُ فَرَحِكَ، لأنَّكَ، متى كُنتَ وَوَطَنِكَ واحِداً، أطلَقتَ قَوَّةَ القيامَةِ غَلَبَةً على ظلامِ المَوتِ السائِدِ في العالَمِ وَعلى أرضِكَ.

أجَدَليَّةٌ هَذِهِ؟ بالتأكيد! وَهيَ مِن مَجدٍ لَيسَ بِفانٍ، إذ هو يَقظَةُمُتَوَثِبَةٌ أنتَ مُشعِلُها بالفَرَحِ مِنكَ... نَحو الأعماقِ.

ألا أقبِل الى هَذا الرَجاءِ لا كَوَعدٍ بَل كَمِلءِ حَقيقَةٍ! كُن قياميَّأ لتَذوقَ أرضُكَ وَعالَمُكَ، وَقَد غَديا لَعنَةً بِسقوطِهِما في الجَحيم، ذاكَ الإنبِعاثَ الذي إليهِ تَوقُهما مُذ ذاقا المَوتَ... فَيَغدوانِ، بِكَ وَفيكَ وَلَكَ نِعمَةً: تَحَرُّراً مِن واقِعِ مَوتٍ حَتميٍّ، حَياةً جَديدَةً، بِها كُلُّ شَيءٍ يَصيرُ جَديداً.