كانت لافتةً خلال الأُسبوع المُنصَرِم، استماتة نُوّاب "اللقاء الدّيمقراطيّ"، في الشّأن التّشريعيّ!. فَهُم قد شمّروا عن زُنودِهم، وانبرَوا بمشروع قانونٍ طالعٍ... وتعديل قانونٍ نازلٍ... في الزّمن الانتخابيّ الماحل!.

فـ"اللقاء الدّيمقراطيّ" طالب الأسبوع الماضي بتعديل قانون الانتخاب لإِقرار الكوتا النّسائيّة. وقد سبقَت المُطالبة تِلك، اقتراحاتٌ للّقاء الدّيمقراطيّ عناوينها: "الأَفضليّة للمُنتجات اللُبنانيّة في مُناقصات الدّولة"... و"تخفيف اكتظاظ السُّجون" وغيرهُما مِن مشاريع القوانين في إِطار الحركة البرلمانيّة الاشتراكيّة النّاشطة!... ولكنّ ذلك يفرض على المُقترعين–إِذا ما أَرادوا أَن يُحسِنوا اختيارهم النّيابيّ، أَنْ يمتِلكُوا مَهارة التّمييز في جدوى القوانين، وأَهميّتها ضمن سُلّم الأَوليّات التّشريعيّة، وكذلك مدى جديّة الجهة النّيابية السّاعية إِلى تحقيق مشروع القانون، كيلا يبقى مُجرّد كلماتٍ في جعجعةٍ نيابيّةٍ بلا طحينٍ تشريعيٍّ!.

وفيما الحملات الانتخابيّة إِلى تصاعُدٍ، كان لافتةً في المُقابل مواقف جُنبلاطيّةٌ ناريّةٌ، عبّر عنها ​وليد جنبلاط​ ومفادُها: لا باسيل ولا فرنجيّة... و"بالأَكثريّة النّيابيّة نفرِض كلمتنا"... مُضيفًا أَنّ "غياب (سعد) الحريري مُؤثّرٌ، ولكن سنتعاوَن مع فُؤاد السّنيورة والوطنيّين مِن السُنّة".

وَأمّا الفيحاء فعلى حالها مِن الغُموض السنيّ المُستَشري شمالًا... إِذ ثمّة غُموضٌ يلفّ معركة طرابلس بفعل الانكفاء السنيّ وتشتُّت المُعارضة المدنيّة.

وفي المُقابل، لا يُخفَى الوضع الجنبلاطيّ المُريح، إِذ إِنّ معارك المَقاعد الدرزيّة محصورةٌ بالمقعد الثّاني في الشّوف وبَيْروت الثّانية، لذا فالاستماتة التّشريعيّة قد تُفهَم بأَنّها "استعراضيّة" أَو لُزوم ما لا يُلزم"... مع أَنّ "الثُّنائيّ الشّيعيّ و"المُستقبَل" يُحدّدان اليَوم نتائج أَربعة مقاعد درزيّةٍ. ومِن هذا المُنطلَق تُفهَم العراضة الجنبلاطيّة!.

وفي موازاة ذلك يُؤخَذ على "حزب الله" أَنّه يستدرِج المُعترِضين إِلى ملعبه الانتخابيّ، فمُقابل مُعادلة "نزع السّلاح"، ثمّة تُهمٌ يُقال إِنّها جاهزةٌ تحت عناوين "العَمالة"، و"التآمُر" و"السّفارات"!... في حين يُجهّز "الحزب" العدّة للحالة السنيّة... وصولًا إِلى العاصمة حيثُ يبدو أَنّ الأُمور تتّخذ مَنحى الصّراع على المَقاعد، في بَيْروت الثّانية، على خلفيّة: "ويا ربّ نفسي"، تزامُنًا مع ولادة لوائح في بَيْروت الثّانية.

وبين بيروت الأولى والثّانية... ودائرتَي الجنوب الأُولى والثّالثة، يتأبّط مرشّحو "بيروت مدينتي" خُطّةً إِنقاذيّةً يقولون إِنّهُم يُكمِلون بها اليوم مسيرةً، كانت "مدينتي" بدأتها في الـ2016، وستخوض الانتخابات النّيابيّة على خلفيّتها، لأَنّ المُرشّحين "مُؤمِنون أَنّ في إِمكانِهم بناء مُؤسّسات الدّولة"، ولأَنْ لدَيْهم رؤيةً سياسيّةً واضحةً وحلولًا خلّاقةً تُؤمّن للجميع حياةً كريمةً في بلدٍ سيدٍّ حُرٍّ ومُستقلٍّ".

وثمّة نصيحةٌ في عدم اعتماد الأَوراق البَيْضاء، إِذ إِنّ انخفاض الحَواصل يُفيد أَحزب الأَمر الواقع... وكذلك حذارِ المُقاطَعة إِذا كانت ثمّة إِرادةٌ في تغيير الوضع الانتخابيّ!. فهل يتحقّق حُلم البطريرك المارونيّ بشارة الرّاعي، في أَن يُثبت اللُبنانيّون تَوْقهُم "إِلى اللحظة الّتي تُرفَع فيها الهَيْمنة عن لُبنان"؟. غير أَنّ "معبرًا شرعيًّا" واحدًا يتبغي سُلوكه للوصول إِلى حُلم الرّاعي: تحقيق الأَكثريّة السّياديّة الاستقلاليّة!...

ولكن مَهلًا... هل ثمّة رؤيةٌ لُبنانيّةٌ واحدةٌ للسّيادة والاستقلال تجمع بَين اللُبنانيّين؟... فالسّيادة ما هو تحديدها؟... والاستقلال عن أَيّ احتلال، بين "باكيتج" مِن الاحتلالات العابقة أَنفاسُها في الأَثير اللُبنانيّ؟، إِذ إِنّ أَيّ دولةٍ، أَعُظمى كانت أَم إِقليميّةً (مِن دون التّفليل مِن قيمة أَحدٍ)، ينقسم اللُبنانيّون في شأنها بين بعضٍ ينعتها بدولة "الاحتلال"... وآخرين يَرَون فيها "الدّولة الصّديقة... الحليفة... الغيورة على لبنان"... وأَمّا هامش الاختلاف بين النّظرتَيْن فهو نيّفٌ و180 درجةً فقط!.