قبل أيام قليلة من فتح صناديق الإقتراع، يوم الأحد المقبل، بات من الضروري، مع إرتفاع حدة المعركة الإنتخابيّة، طرح مجموعة من الأسئلة على الأكثريّات النّيابية المفترضة، خصوصاً أنّ هذه الأسئلة من المفترض أن تُطرح عليها مباشرة في اليوم التالي، لأن ​لبنان​ تنتظره مجموعة من الملفّات الداهمة، قرّرت القوى السّياسية مجتمعة تأجيلها إلى ما بعد هذا الإستحقاق، خوفاً من تداعيات أيّ قرارات غير شعبيّة قد تذهب إليها.

في هذا السياق، من الضروري الإشارة إلى أنّ الإنتخابات النّيابية، في الدورة الحاليّة، تحولت ما يشبه الإستفتاء على سلاح "​حزب الله​"، بينما غابت المشاريع الإقتصاديّة والإجتماعيّة التي وجب أن تعطى الأولويّة، خصوصاً في ظلّ الإنهيار الشامل الذي تشهده البلاد منذ السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019، الأمر الذي يظهر من خلال رفع جميع معارضيه لواء نزع السلاح، مقابل إستخدام الحزب ذلك بهدف شدّ عصب جمهوره.

في خطاب أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله، أول من أمس، الذي تطرق فيه إلى هذه الطروحات للرد عليه، كان من الواضح أن الحزب يعتبر أن هذه المسألة، على الأقل، غير واقعيّة، الأمر الذي عبّر عنه بالقول: "فشروا أن ينزعوا ​سلاح المقاومة​"، بينما غالبيّة معارضي الحزب يدركون جيداً أنّهم حتى ولو فازوا بالأكثريّة النيابية لا يملكون القدرة إلا على طلب مناقشة الإستراتيجيّة الدفاعيّة، وهو ما لا يرفضه الحزب، بدليل أنهم كانوا يشكلون الأكثرية النيابية من العام 2005 حتى العام 2016.

بالعودة إلى الأسئلة التي يجب أن تطرح على الأكثريّات النيابية المفترضة، فإن البداية من تكون من قوى الأكثريّة الحالية، نظراً إلى أنّ الترجيحات تعطيها الأفضليّة لإعادة الفوز بها من جديد، حيث يصرّ مختلف أركانها على أهميّة تحقيق هذا "الإنجاز" بهدف تنفيذ الوعود "الكبرى" التي تقطعها إلى الناخبين، فهل يعني ذلك أنّ الخلافات فيما بينها لن تعود من جديد بعد الخامس عشر من أيار، خصوصاً بين "​التيار الوطني الحر​" و"حركة أمل"؟!.

من حيث المبدأ، هذه الأكثرية غير راضية عن اللوائح التي شكّلتها، حيث تشهد المهرجانات الإنتخابيّة تبادل الإتّهامات بين بعضها البعض، بينما هي لا تتّفق على العناوين العريضة لأيّ برنامج إصلاحي يُقدّم للخروج من الأزمة الراهنة، لا بل تنتظرها معركة ضارية في الإنتخابات الرئاسيّة المقبلة، نظراً إلى أنها تقدّم مرشحين أساسيين هما رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل ورئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، ومن المستبعد أن يذهب أحدهما للتنازل لصالح الآخر.

بالنسبة إلى قوى الرابع عشر من آذار، أو من تبقى منها ، فإنّ السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه، في حال فوزها بالأكثرية النيابية، يتعلق أيضاً بقدرتها على تقديم برنامج موحد حول كيفيّة إدارة البلاد في المرحلة المقبلة، حيث بداية الخلاف حول كيفية التعامل مع إستحقاق إنتخاب رئيس ​المجلس النيابي​ المقبل، فهل يتوافق حزب "القوات اللبنانيّة"، الذي أعلن أنّه لن يصوّت لصالح نبيه بري، مع "الحزب التقدّمي الاشتراكي"، الذي يعتبر رئيسه وليد جنبلاط برّي حليفه الأساسي على الساحة اللبنانية؟!.

بالإضافة إلى ذلك، الكثير من الأسئلة تُطرح حول كيفيّة تعامل هذه القوى مع استحقاقين آخرين أساسيين: تسمية رئيس الحكومة المكلّف وتأليف الحكومة التي ستلي الإنتخابات، فـ"القوات" يرفض المشاركة في حكومات الوحدة الوطنية بينما "الاشتراكي" لا يمانع ذلك، بدليل حرصه على أن يتمثّل في السنوات الماضية مقابل مقاطعة "القوات"، لكن الأهمّ يبقى حول كيفية تعاملهما مع الفريق الآخر، نظراً إلى الإختلاف الجوهري في مقاربتهما هذه المسألة، من دون تجاهل أنّ الخلافات حول الحصص في بعض الدوائر كان من الممكن أن تقود إلى إسقاط التحالف بينهما.

في الختام، يبقى ما يسمى بـ"القوى التغييرية"، التي لا تزال تطمح بتحقيق خروقات كبيرة في هذا الإستحقاق، حيث السؤال الأساسي، الموجّه لها، يتعلق بإمكانيّة إتفاقها على برنامج موحد، في حين أنّ الخلافات فيما بينها حالت دون إتّفاقها على تشكيل لوائح موحّدة تخوض من خلالها الإنتخابات، الأمر الذي أضعف من فرص فوزها وشكّل إحباطاً للكثير من المواطنين الراغبين بالتغيير.