رأى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس ​المطران الياس عوده​، خلال ترؤسه القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس. أنّ "إنجيل اليوم، أعمى أمثولة لأبناء هذا الوطن. كثيرون يريدون أن يغمضوا أعين المواطنين عما يجري من ويلات تزيد الهوة الجهنمية عمقا. يريدون إصابة الشعب بالعمى عما فيه مصلحته، عبر إلهائه عن الجوهر بمواضيع هامشية. فالمحروقات أصبحت تلهب جيوب المواطنين، والكهرباء أعمت ظلمتها عيون الطلاب الذين يستعدون للامتحانات المدرسية والرسمية. الأدوية لا تزال مفقودة، وبورصة الرغيف تنذر بثورة جياع. المياه ندر وصولها إلى المنازل على أبواب حر الصيف، أما سعر صرف عملتنا ففي الحضيض. كل هذا يحدث، والشعب يتلهى بمن فاز أو من نال حزبه الأكثرية. ماذا يجدي عدد الأصوات وعدد النواب ورئاسة مجلس أو لجنة إذا ربحت الأحزاب وخسر لبنان، أو إذا ربحت هذه الكتلة أو تلك وخسرنا لبنان وأبنائه؟

وقال: "الأكثرية هي من الجياع، والمرضى، والمنكوبين... هؤلاء من يمثلهم؟ من يطالب بحقوقهم في بلد لا هم لمسؤوليه سوى المصلحة والمناصب؟ الكنيسة تقوم بواجباتها بصمت إنجيلي، بحسب ما أوصاها مسيحها، لكن الكنيسة ليست الدولة. فهل من عين ترى الظلم المحيق بأبناء الله في هذا البلد؟ أم أصاب العمى عيون المسؤولين، إذ هم لا يبصرون ما لا مصلحة لهم فيه؟ خطوة مباركة شهدناها في إزالة بعض الحواجز الفاصلة بين الشعب ومبنى ممثلي الشعب، علها تستتبع بإسقاط جميع الحواجز، وبشكل خاص الحواجز التي تفصل المسؤولين عن شعبهم. المسؤول الحقيقي لا يقبع بعيدا من شعبه لأن واجبه الأول سماع صوت الشعب والاهتمام بشؤونه، فكيف إذا كان الشعب يعاني ما يعانيه اللبنانيون؟ قرأنا منذ مدة أن البنك الدولي اتهم من سماهم النخبة بالانهيار، لافتا إلى أن «الكساد كان سببا متعمدا من النخبة التي استولت على الدولة". وها نحن نشهد تبادل الاتهامات بين مختلف الأطراف بإشعال الأسعار والتلاعب بسعر الدولار ومنع حل مشكلة الكهرباء المستعصية فقط على دولتنا".

أضاف عوده: "من حق المواطن أن يسأل: من أوصل البلد إلى الانهيار؟ من تغاضى عن التضخم والفقر والبطالة والهجرة؟ من أهدر مدخرات المواطنين وجلهم ممن كسبوها بعرق جبينهم لا باستغلال نفوذهم ومراكزهم؟ من منع وصول الكهرباء إلى منازلهم؟ من حرم أطفالهم الحليب وأولادهم الطعام؟ من تاجر بالأدوية الفاسدة التي قضت على مرضاهم؟ من استباح دستور دولتهم وقوانينها وقدم مصالحه على المصلحة العامة، وتدخل في عمل القضاء ليعطله؟ ومن جعل مجلس الوزراء صورة مصغرة عن المجلس النيابي فعطل المحاسبة؟ ومن شرع التهريب عبر الحدود المستباحة وتاجر بالمحروقات والأدوية والمواد الغذائية فحرم المواطنين منها؟ من عطل المؤسسات الرقابية؟ والأهم من كل ذلك من فجر مرفأ بيروت وشوه وجه العاصمة وقتل أبناءها وشردهم؟ أليس من حق المواطن أن يحصل على أجوبة عن كل هذه الأسئلة؟ أملنا أن يضطلع المجلس النيابي الجديد بمسؤولياته في أسرع وقت، ويقوم بواجبه على أكمل وجه، ليعيد للبنان صورته الديموقراطية الناصعة، التي تحمل الأمل لأبنائه".