يخوض النواب "التغييريون" في لبنان، أول اختبارات تماسكهم ككتلة واحدة في انتخابات اللجان النيابية التي ستجري يوم الثلاثاء المقبل، وتسمية رئيس جديد للحكومة، بعد انتخابات رئيس ​مجلس النواب​ ونائبه، أول من أمس، ما دفع لمضاعفة الاتصالات والحوارات لتشكيل ائتلافات، وفق مقاربات محددة على عناوين اقتصادية وسياسية ومعيشية.

وتُبذل جهود لتشكيل ائتلاف من القوى المدنية والمستقلين بهدف مواجهة الاستحقاقات، أشار إليه النائب عبد الرحمن البزري في حديث إذاعي، ويضم "النواب‌ التغييريين وبعض النواب المستقلين الذين قد يتراوح عددهم ما‌ بين ‌15 إلى 25‌ نائباً"، لكن هذا الائتلاف يواجه عقبات كثيرة بسبب الخلافات بين الشخصيات على عناوين سيادية وأخرى اقتصادية، لا سيما ملف "تأييد الصندوق السيادي"، وهو الملف الاقتصادي الأكثر حماوة الآن، حسبما قالت مصادر قريبة من نواب تغييريين لـ"الشرق الأوسط"، مشيرة إلى أن هؤلاء "يقومون منذ الأسبوع الماضي باجتماعات، بهدف التنسيق واتخاذ القرارات".

فراس حمدان

لكن النائب فراس حمدان أكد أن النواب التغييريين والمستقلين "في إطار التنسيق والتشاور والحوار المتواصل"، لافتاً في تصريحات لـ"الشرق الأوسط" إلى "أننا مجموعة متنوعة وموجودة في كل المناطق، ومن خلفيات سياسية متعددة". وقال: "هناك توجه عام لدينا للتوصل إلى اتفاقات مع أكبر قدر ممكن من النواب وفق رؤية سياسية واضحة، ونتقاطع معهم على رؤية موحدة لمعالجة الملف الاقتصادي الاجتماعي والسياسي"، مؤكداً أننا "نتحاور في محاولة للتوصل إلى هذا الائتلاف".

وقال حمدان إن المحاولات "لم تصطدم بأي معوقات بعد، لأن الحوار قائم"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن "هناك ضغطاً بالوقت، وأن هناك عملاً يحتاج إلى جهد ووقت ومتابعة وآليات محددة يتم اعتمادها للوصول إلى هذا المكان". ونفى "التكهنات" حول "تشتّت" مجموعة التغييريين أو وصفها بأنها "غير مترابطة وغير متفاهمة"، مشدداً على أن "هذا التكهن لا أساس له من الصحة".

واتخذ النواب التغييريون قراراً بخوض الانتخابات بشكل فاعل في جميع اللجان كما في هيئة مكتب المجلس وانتخابات نائب الرئيس. وقالت مصادر قريبة من التغييريين إن النواب الذين يبلغ عددهم 13 نائباً "وضعوا آلية عمل لاتخاذ القرار حول كيفية التعاطي بالتمثيل وباللجان، وذلك لتحديد توجهاتهم وأولياتهم".

ويرفض النواب التغييريون المساومات مع القوى السياسية على تمثيلهم في بعض اللجان دون أخرى، وأكدوا إصرارهم على المشاركة في جميع اللجان، خصوصاً لجنتي "المال والموازنة" و"الإدارة والعدل"، التي يرشح لها التغييريون النائب ملحم خلف، وهو نقيب سابق للمحامين في بيروت.

كميل شمعون

وبرر رئيس حزب "الوطنيين الأحرار" النائب كميل شمعون الاتفاق بين الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر بـ"خوف التحالف الثلاثي من وصول قوة نيابية كبيرة وفاعلة للمجلس النيابي"، لكنه اعتبر أن هذه القوة "فشلت في أول امتحان لها، عندما بدت غير متماسكة وفشلت في انتخاب أحد نوابها نائباً لرئيس مجلس النواب". وقال شمعون لـ"الشرق الأوسط": "الشعب الذي أعطانا ثقته، يريد منا أفعالاً ومنهجية واضحة لتحقيق مصالحه وليس مصالح السياسيين".

ودعا قوى التغيير إلى "مد اليد إلى نواب المعارضة من الأحزاب السيادية، والتنسيق الكامل في كل الاستحقاقات المقبلة، لا أن نبقى مجرد كتل كل منها لها أولوياتها". وتمنى على النواب التغييريين "الخروج من الشعارات والمبادئ التي ترفض التعاطي مع الأحزاب، والإقلاع عن شعار (كلن يعني كلن)، لأنه لا يبني مشروعاً سيادياً، بل يستفيد منه الطرف الآخر لتكريس سطوته".

فادي كرم

بدوره، اكد عضو كتلة "الجمهورية القوية" النائب فادي كرم، بأنه "لا يساوره الشك للحظة بوجود اتفاق بين الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر في انتخابات المجلس التي حصلت أمس (الأول)، حصدوا بنتيجته المراكز الأساسية". وأكد لـ"الشرق الأوسط"، أن هذا الفريق "لا يمكن أن يحمي نفسه إلا بالمواقع التي كسبها وبتكريس وجوده في السلطة وبتسلطه على اللبنانيين"، معتبراً أن هؤلاء "يجمعهم الخوف من القوانين ومن دولة المؤسسات ومحاسبة الشعب، وهذا الاتفاق يراد منه إنقاذ بعضهم البعض".

ووجه النائب كرم اللوم في خسارة النائب غسان سكاف لموقع نائب رئيس مجلس النواب إلى النواب التغييريين، معتبراً أن "الثنائي الشيعي والتيار العوني لم يكونوا ليحصدوا هذه المواقع لولا أداء زملاء لنا في الكتلة التغييرية، وهذا خطأ يسجل عليهم وكان بالإمكان تداركه وفوز النائب غسان سكاف، بما يعيد التوازن داخل المجلس ويمنع (حزب الله) من وضع اليد على جميع المراكز".

وتخوف النائب فادي كرم من محاولة محور الممانعة "الانقلاب على إرادة الناس والعودة مجدداً لحصد الأكثرية عبر التلويح بطعون تطال مقاعد مسيحية لقلب الأكثرية المسيحية لصالح التيار الوطني الحر". ولم يستبعد "ممارسة هؤلاء ضغوطاً على المجلس الدستوري لإبطال نيابة بعض النواب، لكننا سنواجههم ونفضح ألاعيبهم".

وحذر عضو كتلة "الجمهورية القوية" من العودة إلى "اعتماد نفس المنطق في تشكيل الحكومة العتيدة وانتخاب رئيس الجمهورية". وقال كرم إن "إدارتهم السابقة أوصلت البلد إلى جهنم، وإذا جددوا وجودهم في الحكومة المقبلة وأصروا على انتخاب رئيس من صفوفهم، فسيأخذونا إلى أسوأ أنواع جهنم".