إذا كانت المصالح الشخصية والحزبية تُفرِّق طول الوقت، فهمّنا الوطني والإجتماعي والتثقيفي هو الأهم في مسيرتنا السياسية، وقبلنا خوضها من بلاد الإغتراب وأرضنا المقدّسة ​لبنان​ بالتشاور مع إعلاميين كِبار وأكاديميين مُلتزمين وطنيًا وغير مُلحقين بأي حزب أو مجموعة حزبية تابعة لجهات خارجية. وإذا كانت السياسة في لبنان تدعو تباعًا إلى إحتكار الرأي والإعتكاف عن قول الحقائق المُجرّدة، فإنّ همّنا الوطني التثقيفي يدعونا إلى العمل المستمر والبحث الدؤوب عن تنوير الرأي العام وإنتشاله من حالة الجهل التي وضع نفسه فيها، وخصوصًا في آخر إنتخابات، حيث تمّ التصويت لأغرب سلطة فاسدة لا بل تمّ التجديد لها، لأنّ شعبنا يفتقر إلى الحقيقة، وأكثر من ذلك تمّ تضليله بموجب مؤامرة خبيثة حاكها كل من هُم في السلطة بوجه شيطاني أفرز هذه النتيجة .

إنّ هذه المشكلة أي التضليل لم تعُد مشكلة فرديّة أو مشكلة هامشيّة أو قضيّة يمكن حلُّها بإجتماع عابر، أو بشُرطي إشارة على ما قال أحد عباقرة السياسية في هذا الزمن العابر، أو يمكن التصدي لها على مستوى القرارات المتسّرعة أو الإرتجاليّة على ما يفعل أحد المتطفّلين على السياسة أو المستغلّين للسلطة أو المستفيدين من وجودهم في السلطة، لقد تحوّلت المشكلة إلى مشكلة وطنيّة سياسية، إقتصادية، أمنيّة، مالية، إجتماعية وبنيوّية تطول كل مواطن حتى أنصار الأحزاب والمستفيدين، وتمسّ كل مواطن وطالب وأستاذ ومسؤول ورجل أمن وإعلامي ورجل دين وموظف ...

لقد تحوّل موضوع إغتصاب الديمقراطية إلى مأساة موجعة، كما تحوّل العمل التنويري السياسي في كل الأقضية إلى عملية تحـــدٍ يقوم بها أي راشد سياسي وكأنه يُصارع نفسه والزمن، وإذا كانت هذه النتيجة الإنتخابية المؤلمة وعلى ما هي عليه على ما يُرام بحسب ما قال أحد الدينيين فعلى الدُنيا السلام، إنّ هذه النتيجة تكاد تقضي على الوطن بكل مؤسساته الشرعية المدنية والأمنيّة. وكأنه حُكِمَ على المواطن الطيِّبْ أن يدفع هو بنفسه ومن حريته ومن ديمقراطيته ثمن هذا الغِش السياسي من دون ذنب إقترفه ولا جرم .

كلّنا من دون تمييز وأعني بكلمة "كلنا"، أي كل مواطن شريف، ولن أجعل سماسرة السياسة يستغلّون كلمة "كلنا" لأنّ كلمة "كلنا" تعني حصرًا من يلتزم بالقوانين المرعيّة الإجراء ومن يلتزم بالدولة وبسيادتها المطلقة، ومن يكون صاحب ولاء وطني للبنان وليس لأي دولة أخرى، ولن يكون تاجر بشر يسمسر بالحروب ويُشعِل الفتن ويُجيِّر السيادة للغرباء، نعم كلنا من دون تمييز نحن الشرفاء نشعر بعمق هذه المشكلة، ولكن ما هو الحـــل؟.

على ضوء هذه المنطلقات قرّرت أن أكتب وأستنفر كل طاقاتي في عالم الإغتراب وفي لبنان، إنني وفريق عملي نريد أن نعمل على إطلاق فكرة تنوير الرأي العام عبر التشديد على عملية التثقيف الوطني عبر مقترحات ورؤى تكون بنات أفكارنا الوطنية الصرفة، وثمار جهودنا وتجاربنا وعلاقاتنا وتضحياتنا وصلوات أمهاتنا وأبائنا ووصيتهم المؤتمنين عليها، وهي "حافظوا على لبنان الحر السيّد المستقل، وطن أجدادكم وحيث يُدفن أحبابكم، وأرض القدّيسين وأرض الشرفاء"... إنها الوصية التي هي بمثابة الفصل الخامس من الكتاب المقدّس المكتوب بوصيّة الأباء والأجداد بعرقهم وتضحياتهم وشهامتهم .

أملي كبير في أنْ نصل جميعًا إلى حلول تضع الأحلام موضع التنفيذ، عبر تنوير الرأي العام والعمل على تثقيفه سياسيًا ووطنيًا وقطع دابر كل زعيم يحمل الشر والإنحياز والتبعية والتقليل من قيمة الدولة وتضليل الرأي العام. تلك هي مهمتنا المقدّسة التي تعلو فوق كل الإعتبارات، كفى شعبنا تضليلا، لقد عانى الأمريّن من هذه ​الطبقة السياسية​ الفاسدة والمُفسدة، وعانى التضليل المتعمّد والذي يُعاقب عليه القانون. علينا أن نتأكد أنّ مكتبنا في قلب العاصمة ​بيروت​ سيبقى بابه مفتوحًا لكل شريف وفخرنا كبير أن نلتقي دائمًا في رحابه لنعمل سويًا في سبيل لبنان و​الشعب اللبناني​.