أشار العلامة السيّد علي فضل الله، إلى "الاستهداف للثّروة الغازيّة والنّفطيّة للبنان من قبل العدو الصهيوني، باستقدامه للسفينة التي تضم وحدة إنتاج الغاز الطبيعي والتي تسمح باستخراج الغاز في خلال ثلاثة أشهر من حقل كاريش، من دون أن يأخذ في الاعتبار الخرائط التي قدمها المفاوض اللبناني، التي أثبت من خلالها دخول هذا الحقل في إطار السيادة اللبنانية، فيما أدار العدو الصهيوني ومعه المفاوض الأميركي الظهر لها، حتى أنه لم يتم الإقرار بأن هذا الحقل هو موضع نزاع، وهو في ذلك استفاد من تلكؤ الدولة اللبنانية في القيام بمسؤوليتها في تقديم الوثائق التي تملكها لتثبيت حدود سيادتها البحرية إلى الأمم المتحدة لتعديل ما كان وارداً لديها على هذا الصعيد، ما أضعف الموقف اللبناني على الصعيد الدولي وبدا معه غير موحد".

وأكّد، خلال إلقائه خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، أنّ "من المؤسف أن يجري هذا التلكؤ، في وقت كان العدو الصهيوني ومنذ سنوات يعمل على التنقيب في المنطقة التي هي من حق لبنان واللبنانيي، ورغم إعلانه المسبق استقدام سفينته التي ستتولى الاستخراج بعد الفراغ من التنقيب...".

وشدّد فضل الله على أنّ "من حقنا ومن حق اللبنانيين أن يتساءلوا عن الأسباب التي أدت إلى كل هذا التباطؤ والمستمر حتى الساعة"، ورأى أن "من واجب المعنيين بالتفاوض أن يقدموا للبنانيين الجواب الكافي والمقنع عن أمر ليس من حق أحد التفريط به". ودعا الدولة اللبنانية إلى أن "تستدرك هذا الخطأ، بالعمل بكل جدية ومسؤولية للإسراع في القيام بالإجراءات الكفيلة التي تضمن تثبيت حدود السيادة اللبنانية، من دون أي تفريط بأية نقطة ماء وبالثروة الحيوية للبنانيين، وأن لا يكون الاعتبار في ذلك إلا مصلحة لبنان واللبنانيين التواقين إلى ما ينقد بلدهم".

وركّز على "أنّنا نريد للدولة اللبنانية أن لا تتعامل مع هذا الأمر السيادي على كل الصعد من موقع الضعف أو الاستجداء، بل من موقع الحق والقانون، ومن موقع القوة التي يمتلكها اللبنانيون والتي أثبتت أنها قادرة على أن تجعل العدو يحسب ألف حساب قبل إقدامه على أي مغامرة تمس سيادة هذا البلد إن في البر أو البحر".

ونوه فضل الله بـ"كل المواقف الإيجابية التي أشارت إلى حق اللبنانيين باستعمال كل الوسائل الكفيلة بحفظ هذا الحق"، داعيًا إلى "تكامل هذه المواقف لتشمل كل القوى السياسية، لنؤكد لكل الذين يراهنون على اللعب على انقسام اللبنانيين، أن اللبنانيين يقفون صفاً واحداً عندما يتعرض البلد لاعتداء أو تُمس سيادته وثروته الوطنية".

وطالب بأن "تجمد لأجل ذلك كل الخلافات والمناكفات والصراعات التي تضج بها الساحة اللبنانية، والابتعاد عن أسلوب المزايدات، لينطلق الجميع صفاً واحداً لمواجهة هذا العدوان الجديد على ثروات لبنان بما يمس مستقبله ومستقبل اللبنانيين".

من جهة ثانية، دعا فضل الله المجلس النيابي بكل هيئاته وبعد اكتمال عقده، إلى "ورشة عمل يتعاون فيها الجميع هي مطلوبة على الصعيد التشريعي والرقابي، وأن لا يغرق في حسابات الربح والخسارة لهذا الفريق أو ذاك، وندعو في الوقت نفسه إلى الاستعداد للقيام بدور ريادي على صعيد الاستحقاق الحكومي".

ودعا على صعيد هذا الاستحقاق المنتظر، إلى "عدم التباطؤ والإسراع بالبدء بالاستشارات اللازمة لتأليف الحكومة القادرة على القيام بالمسؤوليات في هذه المرحلة الخطيرة التي يواجه فيها البلد الكثير من التحديات، لأن أي تأخير على هذا الصعيد ستكون فاتورته مرتفعة جداً ويدفع ثمنها اللبنانيون الذين لم يعودوا قادرين على تحمل الواقع الاقتصادي والمعيشي الذي وصلوا إليه، والذي يمس لقمة عيشهم ودواءهم وسبل استشفائهم وتنقلاتهم وتأمين مقاعد الدراسة لأولادهم، أو تحمل كلفة الكهرباء والمحروقات وغير ذلك...". وأعلن "انّنا هنا نخشى من الحديث المتزايد عن عدم القدرة على تأليف الحكومة وإبقاء الوضع على ما هو عليه".

إلى ذلك، نوه بـ"الجهد الذي بذله ويبذله الجيش في ملاحقته كل الذين يبثون سموم المخدرات في جسد هذا الوطن، والذي أصاب ويصيب الكثير من أبنائه، والتي تجاوزت حدوده إلى أوطان أخرى وتسببت في الإساءة إلى سمعة لبنان واللبنانيين والمس بصورة البلد".

وشدّد فضل الله على "ضرورة وقوف الجميع في هذه الخطوة مع الجيش والقوى الأمنية والتي يستفيد منها لبنان بكل مكوناته، لأن كل اللبنانيين خاسرون عندما تنتشر هذه الآفة في هذا البلد، في الوقت الذي ندعو الجيش وكل القوى الأمنية أن يكونوا على قدر آمال أهالي المناطق التي تجري فيها ملاحقة المطلوبين في تحمل المسؤولية الأمنية وبالصورة التي نعهدها منهم، ولتبقى هذه الصورة ناصعة في أعين كل اللبنانيين".

وأكّد أنه "لا يكفي الاستناد إلى القوة الأمنية لاستئصال هذه الآفة، بل لا بد من رفدها في شكل متواز بالتوجيه والتربية بالعمل على توفير فرص العمل، والقيام بالمشاريع الإنمائية من زراعية وصناعية بل وسياحية وخدماتية، وتأمين أبسط مقومات العيش الكريم في المناطق التي تنتشر فيها".