ركّزت صحيفة "الجمهوريّة" على أنّ "الأجواء السابقة لوصول الوسيط الأميركي بمفاوضات ​ترسيم الحدود​ البحريّة الجنوبيّة ​آموس هوكشتاين​ إلى بيروت، مُلبّدة باحتمالات شديدة الخطورة، وضعت الحدود البحرية على نار الغليان، مع خشية حقيقية لأن يبلغ هذا الغليان حَد "فوران"، تتأتّى منه حرائق تمتدّ من البحر الى البر. وعلى ما تَشي الوقائع البحرية، فإنّ مصير المنطقة مُحددة وجهته بحسب الوجهة التي ستسلكها سفينة الحفر اليونانية، إمّا في اتجاه التوتير وتصعيد وفتح المنطقة على تداعيات دراماتيكية، واما في اتجاه التبريد وعودة الأفرقاء الى طاولة المفاوضات لحسم الخطوط النهائية للحدود البحرية ل​لبنان​، وكذلك المنطقة التي تقول اسرائيل انها خاضعة لها".

احتواء التصعيد

كشفت معلومات موثوقة لـ"الجمهورية"، أنّ "القنوات الدبلوماسية شهدت في الساعات الاخيرة زخماً ملحوظاً، وتحرّكت في الإتجاهين اللبناني والاسرائيلي، ولم يكن الاميركيون او الاوروبيون بعيدين عن هذا التحرّك، والهدف الاساس منها احتواء اي تصعيد، على اعتبار انه لن يكون في مصلحة اي طرف، والتأكيد على اولوية العودة الى طاولة مفاوضات الترسيم، مع التأكيد على انّ مصلحة كل الاطراف هي في الوصول الى اتفاق سريع".

وأشارت مصادر دبلوماسية للصحيفة إلى أنّ "على رغم من التصعيد السياسي والاعلامي، فإنه لا توجد اي مؤشرات تعزّز احتمالات التصعيد، ولا نعتقد انّ الاميركيين يرغبون في تطور الامور البحرية الى حد الصدام العسكري، وهذا ما تمّ نقله عبر رسائل مباشرة وغير مباشرة الى المسؤولين في لبنان".

الأشد حساسية وخطورة

أكّد مرجع مسؤول لـ"الجمهورية"، أنّ "ملف الترسيم بين لبنان و​إسرائيل​ وصلَ الى مرحلة هي الاشد حساسية وخطورة، اي مرحلة اللاعودة الى الوراء، وليس أمام لبنان سوى الاصرار على حقه بثرواته النفطية والغازية والتمسّك بسيادته الكاملة على برّه كما على كامل حدوده البحرية الخالصة، وعدم الرضوخ الى أي ضغوط تمارس عليه استغلالاً لوضعه ومعاناته من أزمته، لحَمله على التنازل والقبول بأي حلول على حساب لبنان، عبر عروض او طروحات تمسّ بسيادته وحقوقه".

ولفت الى انّ "موقف لبنان ثابت حيال حقوقه وحدوده، وهو ما جرى إبلاغه لكل الوسطاء الاميركيين، وآخرهم هوكشتاين، وهو سيؤكد عليه لبنان امام الوسيط إن حضر، وخلاصته لا نريد سنتيمتراً زيادة على حدودنا البحرية الخالصة، كما لا يمكن ان يقبل بأن ينتقص ولو سنتيمتر واحد من حدودنا".

وعمّا يتردد عن انّ الوسيط الاميركي آت ليستمع الى ما لدى الأفرقاء، لا ليقدّم مخارج حلول، أوضح المرجع "أنّنا لا نريد ان نستبِق ما قد يحمله هوكشتاين في جعبته، ولكن اعتقد ان الجميع باتوا يدركون مع الخطوات الاستفزازية التي تقوم بها اسرائيل، انّ أمن المنطقة بأسرها بات مربوطاً على ظهر سفينة، ولبنان لا يطلب من الوسيط الأميركي سوى ان يكون وسيطا نزيها، ولا يتبنّى الطروحات الإسرائيلية، وإن توفّرت هذه النزاهة والاندفاع في اتجاه ضمان حقوق الاطراف كما هي، عندها فقط تتوفر الضمانة بأن لا خوف على امن المنطقة". وبيّن "أنّنا إن عدنا الى المسارات التي سَلكها ملف الترسيم منذ بداياته نرى لدينا مجموعة من التجارب التي اثبتت انّ كل الوسطاء الاميركيين لا يرون الّا بالعين الاسرائيلية فقط".

"​حزب الله​": لـ"يجرّبوا" تأليف حكومتهم

ذكرت "الجمهورية" أنّ "مشاورات التكليف والتأليف لم تأخذ منحى جدياً بعد، على عكس المرحلة التي كانت تسبق تأليف الحكومات الماضية، قبل الشروع في ​الاستشارات النيابية​ الملزمة".

ولفتت إلى أنّه "في حين ترجّح مصادر قريبة من "الثنائي الشيعي" أن يبقى متمسكاً بوزارة المال، إلّا أنّ "حزب الله" يؤكد أنّ "أحداً لم يتحدث معنا بعد لا بإسم رئيس الحكومة، ولا بطبيعة الحكومة وما هل ستكون سياسية أو تكنو سياسية أو حكومة اختصاصيين، فلم يبدأ الكلام في هذا بعد. ومن يتحدث عن وزارة المال وطائفة الوزير التي سيتولّاها، يضع العراقيل باكراً، فيما أنّ كلّ هذا ليس مطروحاً الآن، ولا يزال باكراً الحديث عنه. فحتى رئيس الجمهورية لم يصل الى مناخ معين لإجراء الاستشارات، وبالتالي لا زلنا بعيدين من الحديث عن وزارة المال وطائفة الوزير. ولم يحصل نقاش في الموضوع معنا بعد".

وركّزت مصادر "حزب الله"، على أنّه "يجب أولاً تحديد موعد الاستشارات والأسماء المقترحة للتأليف، بعدها يطرح الرئيس المكلف شكل الحكومة والمداورة من عدمها، وعندها نحدّد موقفنا. ومن يضعون شروطاً مسبقة قبل أوانها، يخطئون بذلك"، مشيرةً إلى أنّ "غالبية الحكومات السّابقة كانت حكومات وفاق وطني، وحين ذهبنا الى حكومات غالبية، "ما مِشي حالها"، من حكومة ​نجيب ميقاتي​ السابقة التي اعتُبرت من قبل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري والآخرين أنّها حكومة أكثرية، الى حكومة حسان دياب التي اعتُبرت حكومة اللون الواحد، وهذا لأنّ تركيبة البلد الطوائفية والسياسية والمناطقية لا تسمح لفريق أن يحكم من دون التعاون مع الفريق الآخر".

ورأت أن "بالتالي، إنّ حكومات الوفاق الوطني أفضل الحكومات، لتجنُّب الانقسامات السياسية ولكي تقف القوى بعضها مع بعض لإيجاد حلول للأزمات". وأفادت بأنّ "خصوم الحزب يقولون إنّ حكومات الوحدة الوطنية جمّدت البلد وأن حكومات اللون الواحد فاشلة"، متسائلةً: "ماذا يريدون؟". وردًّا على قولهم إنّهم يريدون حكومة يؤلفونها من دون مشاركة "حزب الله" وحلفائه، أجابت: "ليجرّبوا".

حكومة ما قبل الانتخابات... حكومة ما بعد الانتخابات

شدّدت صحيفة "الأخبار" على أنّ "التكليف الجديد المرجّح لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، لتأليف الحكومة للمرة الرابعة بعد اعوام 2005 و2011 و2021، يبدو الاسهل في ما كان مر. لا مرشح سواه علناً على الاقل ينافسه. لا شروط واجبة وحتمية للتكليف كأن يكون زعيم السنّة، او الاقوى تمثيلاً في الطائفة، او رئيس كتلة نيابية وازنة، او في اسوأ الاحتمالات ان كون نائباً".

وأشارت إلى أنّه "لأنه المستفتَى الوحيد للمنصب، يحلو للرجل ان يُملي شروطه ويتدلع، ويحاول ان يكسب الرهان، ويسعه التأكد من انه قادر على تحقيقها:

-اولها، تجنّب استعادة التجربة الصعبة لرئيس الحكومة الأسبق تمام سلام ما بين عامي 2014 و2016، في خلال شغور منصب رئيس الجمهورية وتولي حكومته صلاحياته، على رأس حكومة وحدة وطنية انفجرت من داخلها مرة تلو اخرى.

-ثانيها، افصح الموقف الاخير لميقاتي من المطار الاربعاء، عن انه قد يلجأ الى توسيع مفهوم تصريف الاعمال يتخطى نطاقه الضيق، وتالياً عقد جلسات لمجلس الوزراء عند الضرورة، عن احتمال غير مستبعد هو تأخر تأليف الحكومة الجديدة، اذا حاول الافرقاء المحليون فرض شروط عليه لن يستجيبها.

-ثالثها، اسهل الشروط واكثرها تعقيداً في الوقت نفسه. لن يؤلف حكومة الا على صورة حكومة تصريف الاعمال، ان لم تكن نفسها. الاصح انه لا يريد سواها. ابدى الاستعداد للموافقة على ابدال اسم او اثنين او ثلاثة حداً اقصى من وزرائها الـ24. اما ما يرفض الخوض فيه، فهو ابدال الحقائب، وكذلك اعادة توزيعها على الطوائف والمذاهب والمراجع المعنية بالحكومة المستقيلة الحالية.

-رابعها، ليس اصرار ميقاتي على صورة الحكومة الحالية، بوزرائها التكنوقراط، سوى استبعاد اي فكرة تقول بادخال وزراء جدد اليها، من خارج القوى المساهمة في ما مضى في تأليفها".

المجتمع الدولي​ ينصح بحكومة "كاملة الأوصاف"... وبديلها أزمة مديدة

كشف مصدر دبلوماسي عربي في بيروت، لصحيفة "الشرق الأوسط"، عن أن "المعطيات السياسية التي توافرت لديه حتى الساعة، تؤكد أن رئاسة الحكومة الجديدة ستؤول حتماً إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وأن الأسماء البديلة المطروحة لتولّيها تأتي في سياق إصرار بعض الأطراف على رفع سقوفها السياسية لتحسين شروطها في التركيبة الوزارية العتيدة".

ولفت إلى أن "ميقاتي وإن كان الأوفر حظاً لترؤس آخر الحكومات في عهد رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، فإنه ليس في وارد العودة إلى رئاسة الحكومة بأي ثمن؛ لأن كلفة التأخير ستكون باهظة وسترتدّ سلباً على البلد الذي يقف على شفير الانهيار، بإجماع الدول الراغبة في مساعدته لإخراجه من التأزُم الذي بلغ ذروته".

وأكد المصدر الدبلوماسي أن "ميقاتي يرفض تقييده بشروط من هذا الطرف أو ذاك، وهو أبلغ موقفه إلى جميع الذين يلتقونه، لأن مجرد الرضوخ لها يعني بأنه سيكون وكيلاً لتفليسة يتولى إدارة الأزمة ويوقّع على التمديد لها". ووجد أنّ "الاستشارات النيابية المُلزمة لا تهدف إلى ملء الفراغ، وإنما يجب أن تتلازم مع تسهيل مهمته بتأليف حكومة متجانسة ومتضامنة، تأخذ على عاتقها السير بخطوات جدّية نحو إنقاذ البلد وانتشاله من قعر الأزمة التي يتخبّط فيها، وهذا يتطلّب من جميع المعنيين الترفّع عن الحسابات الشخصية إفساحاً في المجال أمام ملاقاة صندوق النقد في منتصف الطريق للوصول معه إلى الغاية المنشودة لإنقاذه".

من جهته، حذّر مصدر بارز في المعارض من "الرضوخ لشروط رئيس "التيار الوطني الحر" النائب ​جبران باسيل​، الذي يضغط للمجيء بحكومة يكون له فيها كلمة الفصل في حال تعذّر انتخاب رئيس جمهورية جديد قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي"، موضحًا أنّ "حزب الله وإن كان يُمهل باسيل بعض الوقت لتحسين شروطه، فإنه في المقابل لا يستطيع تمديدها، لما يترتب عليه من أضرار سياسية تتجاوز الداخل إلى الخارج، لا يستطيع أن يتحمّل تكلفتها الباهظة على المستويات كافة، باتهامه بتجيير ما لديه من فائض قوة لحليفه لاستخدامه في المكان الخطأ".

وخلصت الصحيفة إلى أنّ "رئاسة الحكومة وإن كانت ستؤول لميقاتي، في حال استجابت القوى السياسية لشروطه السياسية للانطلاق في معركة إنقاذ البلد، ولو جاءت متأخرة شرط أن يؤتى بحكومة "كاملة الأوصاف"، كما يتطلع إليها المجتمع الدولي، لتفادي إغراق البلد في فراغ ترعاه حكومة تصريف الأعمال؛ ما يعني أن البلد سيدخل في أزمة سياسية مديدة مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي".