أشار رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ ​علي الخطيب​، خلال خطبة الجمعة، إلى أنه "ما يعيشه المجتمع الانساني من مشاكل وهموم تبدأ بفقدان العدالة ولا تنتهي بفقدان الامن والاستقرار بفعل الجشع وحب الاستحواذ وطلب النفوذ للقوى التي تمتلك مقدرات الهيمنة لفرض ارادتها واستفرادها بالقرار على المستوى الدولي والتي تمظهرت بحروب دولية كبرى ادت الى فجائع وكوارث على المستوى الانساني والمادي لا تحصى سواء بعدد القتلى او الدمار المادي للمجمعات السكانية او على المستوى الاقتصادي وخصوصا في القرن الماضي، وتبقى القضية الفلسطينية وما تعرّض له شعبها أكبر شاهد على هذا التاريخ، ونشهد اليوم واحدة من أخطرها يحذر الباحثون الاستراتيجيون من تحولها الى حرب كونية بدأ العالم يشعر بآثارها الكارثية على مستوى الامن الغذائي العالمي عدا عن تأثر الشركات الصناعية الكبرى وما يسببه من تأثير على الحياة العامة".

ولفت إلى أنه "اعتقد انه صار واضحاً من خلال هذا العرض ان المشكلة تكمن في الفلسفات الاجتماعية المادية الغربية والشرقية على السواء التي مهدت الطريق فكريا للأنظمة الدولية الحاكمة واطلقت العنان للفوضى الغرائزية وما اطلقت عليه زورا الحرية الفردية في الحصول على الغاية من الاشباع الغرائزي ناسفة كل القيم الاخلاقية غير معترفة بها معتبرة اياها تقييدا لحرية الانسان وانتهاكا لحقوقه الطبيعية واتاحت بناء على هذه الفلسفة الحيوانية غير الانسانية وخلطا للمفاهيم اتاحت له ارتكاب الخطايا الاخلاقية بحق ​القيم الانسانية الفطرية​"، مضيفًا: "ان الاهل واساتذة المدارس والمربين والمهتمين بالدراسات والبحوث التربوية والاجتماعية والنفسية مدعوون جميعا للقيام بواجبهم في مواجهة عوامل انتشار الفساد المستشري والخطير، كما ان ائمة المساجد وخطباء المنبر الحسيني مدعوون الى التركيز في خطبهم وكلماتهم على هذا الجانب وتوجيه المؤمنين بالاهتمام بابنائهم وايلائهم الاهتمام اللازم بهم وتعليمهم وتربيتهم والتعرف على من يخالطون فإن ذلك من حقهم عليهم".

وأوضح الخطيب، أنه "لقد كان الحق وكلمة الحق كل ما يملكه النبيون والمخلصون الذين واجهوا بها قوى الضلال والافساد الذين امتلكوا الكثير من القوى المادية، ولكن النصر كان نصيب اهل الحق ومن التزم طريق الحق والهدى (واستقم كما امرت ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيله)، ويقف على راس هؤلاء الذين ينشرون الفساد في الارض اليهود الصهاينة، الذين لا يقتصر خطرهم على التهديد العسكري واعتداءاتهم واحتلالاتهم واغتصابهم للأرض وممارساتهم الاجرامية للقتل كما فعلوا ويفعلون مع الشعب الفلسطيني المظلوم وكما فعلوا ويفعلون مع ​لبنان​ واللبنانيين من المجازر واحتلال الارض وممارسة الارهاب وصناعته بتشكيل العصابات المأجورة وصناعة ​الفتن المتنقلة​ ومنع لبنان من الاستفادة من خيراته وحصاره بالتعاون مع القوى الحليفة والداعمة له، بل تعدى فسادهم الى نشر الفساد الفكري والاخلاقي في العالم وهم يخترقون مجتمعاتنا بشكل شيطاني كما يجري الدم في العروق، فكان لزاما مواجهتهم في هذا الميدان كما في ساحات القتال".

وشدد على أن "علينا ان نخوض هذه المعركة جميعا كما نخوض المعركة العسكرية وان نحشد لها ما لدينا من امكانات فكرية وتربوية وعبر الجمعيات والندوات وكل وسائل التأثير، واخيرا لا بد لنا من التنويه بوحدة الموقف الرسمي اللبناني في معركة الدفاع عن ​ثروة لبنان البحرية​ وانتزاع حقه في استغلالها لصالح الشعب اللبناني الذي يمتلك قوة الحق تقف وراءه قوة وحدة الموقف الشعبي وقوة المقاومة و​الجيش اللبناني​ واجبار هذه الافعى على الانكفاء التي تسللت في عتمة ليل اللبنانيين المنشغلين عنها بانقساماتهم بانتظار الفرصة المؤاتية لافتراسهم، كما لا بدّ حمايةً للبنان واللبنانيين من استكمال هذه الخطوة وتدعيمها بالمسارعة الى تشكيل الحكومة وتعزيز الوحدة الداخلية وتخفيف معاناة المواطنين وعدم تركهم لشأنهم فلا يمكن تصور المشهد الكارثي الذي يمكن ان تنتهي اليه الامور عند التخلي عن القيام بهذا الواجب الوطني".