خطفت زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية الى لبنان، الاضواء في خضم حركة سياسية ناشطة على الساحة الفلسطينية في لبنان،ولاقت اهتماما سياسيا لبنانيا وفلسطينيا ترقبا للمواقف التي أطلقها والرسائل التيوجهها في أكثر من اتجاه بدء من الملف الفلسطيني مرورا بالعلاقة مع لبنان وصولا الى خصوصية محور المقاومة مع التهديدات الاسرائيلية المتصاعدة ضد لبنان مجددا ومنعه من استخراج ثرواته النفطية.

وزيارة هنية الى لبنان هي الثانية في غضون عام واحد، اذ حصلت الزيارة السابقة في نهاية حزيران العام الماضي 2021 وهي تحظى باهتمام لبناني وفلسطيني كبيرين بخلاف زيارة رئيس حركة "حماس" في الخارج خالد مشعل، الذي زار لبنان في منتصف كانون الاول العام الماضي 2021 للمشاركة في أنشطة ذكرى انطلاقة الحركة وأثيرت ضجة كبرى حولها بسب بمواقفه من الاحداث في سوريا، حيث كان رئيسا للمكتب السياسي ومسؤولا عن مغادرتها، وقد قاطعته بعض الفصائل الفلسطينية احتجاجا، ولم يلتقِالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في حينها للسبب ذاته.

وأكدت مصادر فلسطينية لـ "النشرة"، ان زيارة هنية الى لبنان اكتسبت اهمية كبيرة لجهة التوقيت الدقيق والرسائل السياسية التي حملتها وأبرزها:

-انهاجاءت في توقيت حساس لجهة دقة المرحلة وخطورتها على لبنان وفلسطين معا، على ابواب زيارة الرئيس الاميركي جو بايدن الى المنطقة، والحديث عن تشكيل محور جديد يقوم على التعاون والتنسيق بين عدد من الدول العربية و"اسرائيل"، حيث فرضتهذه التطورات التشاور بين "محور المقاومة" لمواجهة لتحديات المقبلة والتهديدات المشتركة في فلسطين ولبنان مع السير قدما في التطبيع المجاني مع اسرائيل والاضرار بالقضية الفلسطينية وحقوق شعبها.

-إتخذت طابعا سياسيا وتميزت بعقد اجتماع مطول مع السيد نصرالله،حيث ‏جرى استعراض لمختلف التطورات السياسية والميدانية في فلسطين ‏ولبنان والمنطقة، وتطور "محور المقاومة" والتهديدات والتحديات ‏والفرص القائمة، مع التأكيد الحاسم على تعاون كل أجزاء هذا المحور ‏بما يخدم الهدف المركزي له، والذي يتعلّق بالقدس والمقدسات والقضية ‏الفلسطينية.‏

-إتخذت طابعا رسميا، اذ شملت زيارات الى المسؤولين اللبنانيين وابرزها الى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، على ان يزور رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم (الاثنين) بعد زيارة الامين العام لـ"الجماعة الاسلامية" عزام الايوبي، وقد شددت على متانة العلاقة الثنائية وتوحيد الموقف جراء تطورات المنطقة، على اعتبار ان الخطر الداهم واحد على لبنان والقضية الفلسطينية معا.

-اتخذت طابعا وطنيا وقوميا، اذ شارك في"المؤتمر القومي الإسلامي" بدورته الحادية عشرة الذي عقد في بيروت تحت شعار "لدعم المقاومة بكل أشكالها"، حيث دعا هنية الى "عقد مصالحات بين مكونات الأمّة وفي داخل الدولة الواحدة"، مشددا على "أهمّية التنسيق بين ساحات وجبهات المقاومة وعدم السماح لإسرائيل برسم المشهد القادم في المنطقة"، مؤكدا "إن التطبيع مع إسرائيل يضّر بفلسطين وبالدول المطبعة ويخدم اسرائيل، الذي يتم دمجه في المنطقة عبر تحالفات عسكرية لمواجهة إيران وحزب الله وحماس".

-خصصت حيزا كبيرا للملف الفلسطيني الداخلي، دون ان تشمل اي مبادرة باتجاه حركة "فتح" في مشهديّة ثلاثيّة الابعاد، متابعة اوضاع ابناء المخيّمات على ضوء تداعيات الازمة الاقتصاديّة والمعيشيّة اللبنانية، حيث افادت التقارير ان 86% يعيشون تحت خط الفقر، عقد سلسلة لقاءات سياسية ثنائية وموسعة مع الامناء العامين للقوى الفلسطينية، واجتماعات داخلية لتقييم وضع حركة "حماس" وخطة عملها في المرحلة المقبلةلتوحيد الرؤية الفلسطينية قدر الامكان ورسم شبه استراتيجية لاي مواجهة وعلى مختلف المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية المعيشية.

رسائل هنية

والى جانب التوقيت، حملت زيارة هنية رسائل كثيرة:

-اولا:التأكيد على دعم لبنان الرسمي والسياسي والمقاوم والشعبي،والوقوف الى جانبه في معركة ترسيم حدوده البحرية، ورفض سرقةإسرائيللثرواته ورفض ابتزازه تحت اي عنوان.

- ثانيا: التأكيد على انّ"محور المقاومة" موحد في وجه اي تهديدات اسرائيلية او تحديات في المنطقة، وخاصة مع الحديث عن تشكيل محور مقابل قد يقرع طبول الحرب في المنطقة.

-ثالثا: التشديد على أنّ الموقف الفلسطيني موحد في الحياد الايجابيوعدم التدخل في الشؤون اللبنانية، والحفاظ على الوجود الفلسطيني كعامل أمن واستقرار مع التمنّيبالتعافي من أزماته الاقتصاديّة والمعيشيّة سريعا،ودعوة الدولة اللبنانية للنظر بجدية الى الحقوق الفلسطينية خاصة مع تقليص الاونروا لخدماتها".

-رابعا: التمسّك بوكالة "الاونروا" بعد انتهاء اجتماعي "اللجنة الاستشارية" في بيروت ممثلي "الدول المانحة" في نيويورك، وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته،والتمسك بحق العودةالى فلسطين ونرفض التوطين والوطن البديل والتهجير".

العلاقة مع سوريا

والى جانب التوقيت والرسائل، فان بعض الاوساط الفلسطينيّة قرأت فيها انها زيارة تمهيدية لعودةالعلاقات مع سوريا في وقت قريب، اذ تزامنا مع وصوله الى لبنان،سرّبت معلومات عن اتخاذ "حماس" لقرار إعادة العلاقة مع دمشق بعد قطيعة دامت سنوات نتيحة الاحداث التي جرت فيها، غير ان الناطق الرسمي باسم الحركة جهاد طه،لفت الى ان الزيارة لا علاقة لها بهذا القرار، وهو موضوع منفصل"، بينما اشارت اوساط فلسطينيّة أخرى انه خلال زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى ايران ولقائه المرشد الإيراني الاعلى علي خامنئي جرى مناقشة الموضوع ولكنه لم ينضج بعد بانتظار بعد الوقت والتفاصيل الترتيبات.