توجّه الرّئيس الأَميركيّ جو بايدن إِلى أُوروبا السّبت الماضي، في جَوْلةٍ ديبلوماسيّةٍ تمتدّ أُسبوعًا، يأمل عبرها في تعزيز التّحالُف الغربيّ ضدّ روسيا، والتصدّي للتحدّيات الصّينيّة، بينما تشهد الولايات المُتّحدة اضطراباتٍ سياسيّةً في شأن إِلغاء حقّ الإِجهاض. فما هي تداعيات قرار إِلغاء حقّ الإِجهض على السّاحة الأَميركيّة؟.

لقد نال بايدن إِشادةً واسعة النّطاق لاستعادته القيادة الأَميركيّة في التّحالُفات الأُوروبيّة والآسيويّة، كما وشهد الردّ على روسيا في شكلٍ خاصٍّ وحدةً قويّةً عبر المُحيط الأَطلسيّ سواء مِن أَجل تسليح الأُوكرانيّين أَو فرض عُقوباتٍ اقتصاديّةٍ قويّةٍ على موسكو.

وفي المُقابل فإِنّ تداعياتٍ في شأن حقّ الإجهاض على بايدن مواجهتها، في حين أَنّ على غرار الكثير مِن القادة الأُوروبيّين، يُواجه بايدن أَيضًا ضغوطًا في الدّاخل بسبب تداعيات العُقوبات الّتي ساهمت في رفع أَسعار الوقود وفرضت عبئًا ثقيلًا على الاقتصادات الّتي تُحاول التّعافي مِن صدمة وباء كوفيد 19.

كما ويُعاني الرّئيس الأَميركيّ ضغطًا سياسيًّا محليًّا قبل انتخابات التّجديد النّصفي في تشرين الثّاني والّتي قد تُؤدّي إِلى سَيْطرة الجُمهوريّين على الكونغرس خلال العامَيْن المُقبلَيْن.

لقد فتح قرار المحكمة العُليا يَوْم الجمعة الماضي، بإِنهاء عُقودٍ من الحماية الفدراليّة لحقّ الإِجهاض ساحة معركةٍ جديدةٍ، إِذ دعا بايدن النّاخبين إِلى جعلها قضيّةً رئيسيّةً في اقتراع تشرين الثّاني.

وكان بيدن تطرّق إِلى المسألة مُجدّدًا السّبت قبل توجُّهه إِلى أُوروبا، قائلًا إِنّ المحكمة العُليا اتّخذت "قرارًا صادمًا"، فما أَنهَت المحكمة الأَميركيّة العُليا حقّ ​الإِجهاض​بإِصدارها قرارًا له وقعٌ مُزلزلٌ ويقضي على نصف قرنٍ مِن الحماية الدُّستوريّة في واحدةٍ مِن أَكثر القضايا إِثارةً للانقسام في المشهد السّياسيّ الأَميركيّ. وهو قرارٌ تاريخيٌّ معروف باسم "رو ضد واد"، والّذي صدر في العام 1973، ليُكرّس حقّ المرأَة في الإِجهاض. وقالت إِنّ في إِمكان كُلّ ولايةٍ أَن تسمح بالإِجراء أَو أَن تُقيّده كما ترى، كما كان سائدًا قبل السّبعينيّات.

وصادق حاكم ولاية​أُوكلاهوما​كيفن ستيت، على قانونٍ يُحظّر كلّ عمليّات الإِجهاض مُنذ الإِخصاب، ليُصبح بذلك هذا المعقل المحافظ في جنوب​الولايات المُتّحدة​الأَكثر تشدّدًا في البلاد، لناحية شُروط الإِنهاء الطّوعيّ للحمل. وأَعلن ستيت في بيانٍ: "وعدْتُ سكّان أُوكلاهوما بأَنّني سأُوقّع، بصفتي حاكمًا، أَيّ قانونٍ مُؤيّدٍ للحياة يُحال إِليّ، وأَنا فخورٌ بأَنّني وفيْت بهذا الوعد اليوم". والقانون الّذي أَقرّته أُوكلاهوما مُستوحًى من قانونٍ أَقرّته ولاية تكساس في أَيلول الماضي، وهو يسمح لأَيّ شخصٍ، حتّى ممّن لا صفة له، أَن يرفع ​دعوى قضائيّةً​ ضدّ نساء خضعْن لعمليّات إِجهاضٍ أَو أَشخاصٍ أَجروا هذه العمليّات.

غوغل على الخطّ؟

ومِن البحث عن أَساليب لتحديد النّسل عبر "غوغل"، إِلى التّحادث مع صديقةٍ حامل عبر "فيسبوك"، مُرورًا بالبيانات على تطبيقات متابعة الدّورة الشّهرية، آثارٌ رقميّةٌ كثيرةٌ قد تُشكّل مَمسكًا ضدّ النّساء وشركائهنّ المُفترضين في حالات الإِجهاض في بعض الولايات الأَميركيّة.

ودعا أَعضاء ديمقراطيُّون في الكونغرس، وجماعاتٌ حقوقيّةٌ، منصّات التّكنولوجيا الرّئيسيّة إِلى حماية البيانات الشّخصيّة في شكلٍ أَفضل، عقب قرار المحكمة العُليا الأَميركيّة إِلغاء الحقّ في الإِجهاض على المُستوى الفدراليّ.

وفي هذا الإطار، كتبت مُديرة الأَمن السّيبراني في منظمة "إلكترونيك فرونتير فاونديشن" غير الحُكوميّة، إِيفا غالبرين، عبر "تويتر": "الفَرق بَيْن اليَوْم وآخر مرّةٍ كان الإِجهاض فيها غير قانونيٍّ في الولايات المُتّحدة، هو أَنّنا نعيش في عصر مُراقبةٍ غير مسبوقةٍ عبر الإِنترنت، إِذا كانت شركات التّكنولوجيا لا تريد أَن تتحوّل بياناتها إِلى مَصْيَدةٍ، فعليها التوقُّف عن جمع تلك البيانات الآن. يجب عدم بَيْعها أَو تقديمها عندما تصدر أَوامر قضائيّة".

ويتتبّع كُلٌّ مِن "غوغل" و"ميتا" (الشّركة الأُم لـ"فيسبوك"، و"إِنستغرام" و"مسنجر" و"واتسأب")، مُستخدميهما عن كثبٍ ليتمكّنوا مِن بَيْع المُعلنين مساحاتٍ إِعلانيّةً مُوجّهةً بدقّةٍ. ولا تُرفق المعلومات الّتي تُجمع عبر المنصّات الإِلكترونيّة بأَسماء أَصحابها، ولكنّها تبقى في مُتناول السّلطات بأَمرٍ قضائيٍّ.

ومع ذلك، وبعد قرار المحكمة العُليا، تُخطّط ولاياتٌ مُحافظةٌ كثيرةٌ، لحظر الإِنهاء الطّوعيّ للحَمْل على أَراضيها. ويُشجّع بعض القوانين الّتي تمّ إِمرارها حتّى قبل حُكم المحكمة العُليا، كما الحال في تكساس في أَيلول، المُواطِنين الأَميركيّين العاديّين على مُقاضاة النّساء المُشتبه في إِجرائهنّ عمليّات إِجهاض أَو أُولئك الّذين ساعدوهُن، حتّى سائق الأُجرة الّذي يُزعم أَنّه نقلهُنّ إِلى العيادة، لذلك، فإِنّ تقنيّات "غوغل" قد تُصبح أَدوات للمُتطرّفين الّذين يُريدون قمع الأَشخاص السّاعين إِلى الحُصول على رعاية الصحّة الإِنجابيّة، على ما كتب 42 مسؤُولًا أَميركيًّا مُنتخبًا في رسالةٍ مفتوحةٍ وجّهوها أَواخِر أَيّار الماضي إِلى رئيس "غوغل" سوندار بيشاي.

وأَضاف المسؤُولون في الرّسالة: "لأَن غوغل تحتفظ بمعلوماتٍ في شأن المَوْقع الجُغرافيّ لمئات الملايين مِن مُستخدمي الهواتف الذّكيّة، وتشاركها في انتظامٍ مع الوكالات الحُكوميّة".

ولم تردّ "غوغل" على طلباتٍ عدّة في شأن المَوْضوع، كما الحال مع "ميتا" و"آبل".

وتزامُنًا، فقد انتشرت مقاطع "فيديو" على "تيك توك" و"إِنستغرام"، تدعو فيها مؤثرات إِلى إِزالة تطبيقات الهاتف المحمول المُرتبطة بالخُصوبة أَو منع الحمل.