كشفت الحركة السياسية ال​فلسطين​ية في ​لبنان​ غير المسبوقة منذ فترة طويلة، عن خطورة المرحلة المقبلة التي تهدف اولا الى تصفية ​القضية الفلسطينية​ وشطب حق العودة، وثانيا الى سرقة ثروات لبنان البحريّة، وذلك على ضوء سلسلة من التطورات السياسية والامنية، وابرزها:

1- زيارة الرئيس الاميركي ​جو بايدن​ الى المنطقة منتصف تموز الجاري، وسط المساعي الحثيثة الجارية لانشاء "ناتو أوسطي" بين "​اسرائيل​" وبعض الدول العربيّة، في مقابل "محور المقاومة" الّذي يشكل "​حزب الله​" وحركة "حماس" رأس الحربة فيه، وسط رفض مطلق لتقديم تطبيع مجاني يضعف القضية الفلسطينية ويساهم بشطب حق العودة.

2- المساعي الاميركية ل​ترسيم الحدود البحرية​ بين لبنان و"اسرائيل"، وفق الشروط الاسرائيليّة التي تحرم الأوّل من الاستفادة من كامل ثروته من النفط والغاز، ما يشير الى مخاطر جدّية من توتّر أمنيّ وسط استبعاد اندلاع حرب لاسباب كثيرة، ومنها ما يتعلق بالداخل الاسرائيلي والازمة السياسية المستجدة.

3- ممارسة المزيد من الضغوط على القيادة الفلسطينية، وقد بدأت وسائل الاعلام الاسرائيلية بشن حملة تحريض على الرئيس الفلسطيني ​محمود عباس​ "ابو مازن"، ووصفه بانه الراعي للارهاب على غرار ما جرى مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات "ابو عمار"، بسبب تمسكه بالتوابث الوطنية دون اي تنازل عنها بخلاف الارادة الاميركية والاوروبية والدولية وبعض العربية.

وخطورة المرحلة المقبلة ومخاطرها، فرضت الحركة السياسية الفلسطينية اللافتة، التي بدأت مع زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنيّة، وتواصلت مع لقاءات الامناء العامين للفصائل الفلسطينية والاجتماعات الموسّعة والثانية، واستكملت مع عضو اللجنتين التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" و"المركزيّة" لحركة "فتح" عزّام الاحمد الذي يزور لبنان منذ أيّام لوضع المسؤولين اللبنانيين، في عناوين خطّة القيادة الفلسطينيّة ومطالبها من بايدن كخطوة أولى على طريق اعادة تصحيح العلاقة الثنائيّة.

واكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان الاحمد ركز خلال لقاءاته بالمسؤولين اللبنانيين الرسميين والروحيين والسياسيين والامنيين كما مع مسؤولي فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية"، على سلسلة مطالب اساسية لا تنازل عنها:

أ- ضم دولة فلسطين الى عضوية مجلس الامن الدولي.

ب- فتح القنصلية الأميركية في القدس.

ج- رفع منظمة التحرير الفلسطينية عن قائمة الارهاب وفتح مكتبها في واشنطن، بعد قرار الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب باقفاله كخطوة على طريق ممارسة الضغط السياسية على القيادة الفلسطينية للموافقة على "صفقة القرن"، ناهيك عن دعوة بايدن الى اقران اقواله ووعوده بالافعال، اذ لا يكفي التعامل الايجابي مع السلطة الوطنية دون القيام بخطوات فعلية حول مجمل السياسة الاسرائيلية، خاصة الاجراءات أحادية الجانب المتعلقة في القدس والاستيطان، الجدار، والتهجير الذي تقوم به في الشيخ جراح والاغوار وغيرها من المدن والقوى والبلدات الفلسطينية.

وتقاطعت المعلومات الفسطينية لـ"النشرة"، بانّ هدف زيارتي هنيّة والاحمد الى لبنان ليس عنوانا فلسطينيا خاصا، يتعلق باطلاق ايّ مبادرة جديدة بالشأن الداخلي على ضوء الخلافات والقطيعة بين الطرفين رغم اهميّة الوحدة وردم هوّة الخلافات على ضوء هذه التحدّيات والمخاطر، وبدت المصالحة معلّقة حتى اشعار آخر بانتظار تغيير الظروف، او عقد اي لقاء ثنائي بين القيادتين لتنسيق المواقف، او الصراع على القرار الفلسطيني في لبنان او من يمسك بزمام أمن المخيمات الفلسطينيّة، اذ ما زالت "هيئة العمل المشترك" في لبنان تشكل حلقة وصل بين الطرفين والتي تعتبر المرجعية السياسية والامنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني في لبنان، وتتلاقى على تحقيق مصالحه، ولا سيما منه ما يتعلق بحفظ أمن واستقرار المخيّمات والدفاع عن حقوقه ضد سياسة الاونروا وتقليص خدماته وسواها.

وتوازيا مع المخاطر السياسية والامنية، بقيت مخاطر انهاك وكالة الاونروا ومحاصرتها المالية حتى انهاء خدماتها تؤرق القوى السياسية والدول المضيفة للاجئين ولأبناء المخيمات انفسهم، اذ جاء مؤتمر مانحي التبرعات لوكالة الاونروا الذي عقد في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك منذ اكثر من اسبوعين مخيبا للامال، اذ قدّم تعهدات بقيمة 160 مليون دولار لدعم الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية والخدمات الأساسيّة الأخرى التي تقدمها الوكالة، فيما العجز المالي التي تعاني منه يزيد عن 100 مليون دولار في ميزانيّتها الأساسية.

وفيما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنّ "الاستثمار في "​الأونروا​" يعني الاستثمار في استقرار المنطقة"، اعتبر المفوض العام لوكالة "الاونروا" فيليب لارازيني "ومع هذه المساهمات، سيكون من الصعب للغاية التوفيق بين متطلبات التفويض، والمصاعب الهائلة التي يواجهها لاجئو فلسطين ونقص التمويل الذي لا يزال قائما.

ولم تمض ايام على المؤتمر، حتى عاد المفوض لارازيني ودقّ ناقوس الخطر من خطورة عدم التمكن من دفع رواتب الموظفين في الاشهر المقبلة، مقرونة بقرار لتوقيف عدد من موظفيها وملاحقة آخرين تحت ما يسمى "انتهاك" حياد الاونروا وفقا لاتفاقية الاطار الموقعة مع الولايات المتحدة في العام الماضي، الامر الذي اثار ضجّة فلسطينية من القوى السياسية التي دعت ادارة الوكالة الى التراجع الفوري عن القرار، مؤكّدة ان استجابتها للضغوط الاسرائيلية والاميركية بشأن مزاعم الحياد يجعل الموظفين عرضة لحالة من القلق، خاصة حين تكون بعض قرارات الاونروا منسجمة مع المواقف الاسرائيلية بشأن ما سمّي التحريض، ما يجعل من حرية الرأي والتعبير في المنظمات الدولية، ومنها وكالة الغوث اسما خاليا من اي مضمون فعلي، وبالتالي يشجع المنظمات الاسرائيلية على مواصلة حملتها ضد الوكالة وموظفيها.