أشار ​السيد علي فضل الله​ إلى أن "الانهيار الذي أصاب هذا البلد لم تقف تداعياته عند حدود ما يعانيه اللبنانيون للحصول على الحد الأدنى من احتياجاتهم، بل وصل إلى حد عدم قدرة الدولة على تأمين الاحتياجات اللازمة لتسيير مرافقها، والتدني في رواتب الإداريين والموظفين والعاملين فيها، والتي لم تعد تؤمن لهم أبسط مقومات حياتهم ولا تكفي لانتقالهم إلى مراكز عملهم، ما أدى إلى الإضراب العام والشامل والذي دخل اليوم أسبوعه الرابع وبات يتوسع ليعم كل مرافق الدولة، ونخشى أن يصل إلى الجيش والقوى الأمنية".

وفي خطبة الجمعة التي ألقاها من على منبر مسجد الإمامين الحسنين، لفت إلى أن "كل ذلك يحصل من دون أن تبدو في الأفق أي معالجة تذكر على هذا الصعيد، في وقت تدعو الحاجة إلى معالجة سريعة نظراً إلى الانعكاسات السلبية للإضرابات على صورة الدولة وعلى مصالح المواطنين وحاجاتهم الماسة إلى هذه المرافق لتسيير شؤونهم".

ونبه "أن لا تكون المعالجات موضعية كالتي حدثت مع القضاة رغم أهمية الحاجة إلى هذا المرفق والتي قد تصل إلى مرافق أخرى ما يضر بوحدة الدولة ووحدة مؤسساتها"، معرباً عن أسفه لأن هذه اللامبالاة تأتي "في ظل كل الترهل الذي يشهده الواقع السياسي والحكومي حيث يستمر التعقيد على صعيد تأليف الحكومة والذي تترجمه البيانات المتبادلة والحادة والاتهام بالتعطيل والجمود في الاتصالات التي تجري لإزالة العقبات التي تحول دون هذا التأليف"، داعياً إلى "بذل كل الجهود وتجاوز كل الحسابات الخاصة والمصالح الفئوية التي تؤمن الإسراع في تأليف حكومة كاملة الصلاحية قادرة على مواكبة هذه المرحلة الصعبة، والتي نخشى إن استمرت أن تؤدي إلى الانفجار الاجتماعي الذي لا تُعرف تداعياته".

من ناحية أخرى، أشار إلى أن "ملف ترسيم الحدود يعود إلى الواجهة بعد اللامبالاة التي أظهرها العدو إزاء حقوق اللبنانيين في الحصول على ثرواتهم النفطية والغازية والتي تمثل عصب الحياة لهم، وعدم أخذه في الاعتبار ما تعنيه الرسالة التي حملتها المسيرات التي كان يراد منها تحذير العدو من الاستمرار في سعيه لاستخراج الغاز، ما جعل المقاومة الحريصة على ثروات الوطن كما على أرضه أن تصعد في موقفها تجاه هذا العدو، ولتقول له مجدداً أن لا يستمر في اللامبالاة وأنه لا يحق له الاستفادة من الغاز فيما اللبنانيون الذين يعانون الجوع يُمنعون من ذلك".

ودعا الدولة اللبنانية المعنية بالمفاوضات إلى "الاستفادة من هذا الموقف إلى أبعد الحدود في عملية التفاوض لتحصيل الحقوق، وإلى التحرك على الصعيد الدولي للتأكيد على حق اللبنانيين بثروتهم ومدى حاجتهم إليها منعاً لاستمرار المناورات التفاوضية والمماطلة الإسرائيلية التي تهدف لتمرير الوقت الكافي لفرض أمر واقع يكرس فيه العدو سيطرته، ويحقق ما يعلن عنه بأنه سيقوم باستخراج الغاز في أيلول دون أي اعتراف بالحقوق اللبنانية والتي يرى نفسه غير معني بها".

كما دعا اللبنانيين إلى أن "يوحدوا جهودهم في هذه المرحلة وأن لا ينقلوا الخلافات إلى داخلهم، وأن يقفوا صفاً واحداً في مواجهة الاحتلال الجديد لثروتهم بدلاً من المواقف التي يستفيد منها العدو".

أما صعيد ما يجري في المنطقة في أعقاب زيارة الرئيس الأميركي إليها، رأى أنه "أصبح من الواضح أن الهدف منها هو دعم الكيان الصهيوني وتعزيز حضوره في المنطقة ليكون له الموقع المميز فيها في المرحلة القادمة والأقوى فيها، بحيث يصبح مكوناً أساسياً من المنظومة السياسية والأمنية والاقتصادية للمنطقة، والمستفيد من خيراتها وإمكاناتها من خلال توسيع التطبيع معها، متناسياً في ذلك الأهداف التوسعية لهذا الكيان وحقوق الشعب الفلسطيني ومعاناته المستمرة، وآخرها ما جرى للصحافية شيرين أبو عاقلة الأميركية الجنسية"، داعياً الدول العربية والخليجية، الذي جاء الرئيس الأميركي لاسترضائها والحصول على نفطها بالكلمات والوعود المعسولة التي أثبت الماضي القريب والبعيد عدم جدواها، إلى أن "تأخذ هذه المرة في الاعتبار مصالحها، وتؤكد استقلاليتها وتفرض خياراتها من موقع قوتها وحاجة العالم إليها فلا تكون صدى لخيارات الآخرين أو تبقى كما يراد بقرة حلوب عندما تدعو إليها الحاجة أو ساحة لحروب تستنزف مواردها وقدراتها".