أشارت مصادر لصحيفة "الجمهوريّة"، إلى أن "رئيس التيار الوطني الحر النائب ​جبران باسيل​ لم يعلّق على كلام رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ في ذكرى اختفاء الإمام موسى الصدر، ولا على كلام رئيس حزب "القوات ال​لبنان​ية" ​سمير جعجع​ في ذكرى شهداء الحزب، لأنه سيجري بعد اجتماع المجلس السياسي للتيار اليوم، مطالعة سياسية شاملة تتناول في العمق أزمة النظام السياسي وتفرعاتها والحلول المقترحة، واسباب امتناع رئيس الحكومة المكلف ​نجيب ميقاتي​ عن تشكيل الحكومة وفقًا لمقتضيات الميثاق، وانعكاسات ​الفراغ الرئاسي​ المحتمل ومخاطر عدم القيام بالإصلاحات المالية والاقتصادية". وأوضحت أن "كلام باسيل يأتي في سياق مرحلة سياسية جديدة يتحضّر التيار لدخولها".

الأوروبيون خائفون

كشفت مصادر موثوقة لـ"الجمهورية" عن "مخاوف جدية، ينقلها الدبلوماسيون الأجانب إلى الجهات اللبنانية الرسمية والسياسية، من تفويت المكونات السياسية فرصة انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن الموعد الطبيعي لهذا الانتخاب، والانتقال الى مرحلة جديدة تؤسّس لتحويل مسار لبنان خارج مدار أزمته. فبديل ذلك، تعميق أكبر لأزمة لبنان ومزيد من البؤس والمعاناة للشعب اللبناني".

ونقلت المصادر عن أحد الدّبلوماسيّين الأوروبيّين، قوله لأحد كبار المسؤولين: "ننتظر ان يُقارب اللبنانيون الاستحقاق الرئاسي بما تستوجبه مصلحة لبنان، وإخراج الشعب اللبناني من معاناته. بالتأكيد نحن لا نريد ان نراه يعاني اكثر، ونحن نشارك اللبنانيين خوفهم على بلدهم، وهذا ما يجعلنا نؤكد بإلحاح على القادة السياسيين في لبنان بأن يدركوا ان لبنان في خطر، ومصيره مهدد".

كما نقلت أنّ "الدبلوماسيين في مداولاتهم مع القيادات والمراجع السياسية والروحية، يمرّون بالعموم على اسماء بعض المرشحين المفترضين ل​رئاسة الجمهورية​، ويستفسرون عمّن هو الأقرب من بينهم لكي يحظى بصفة مرشح جدي، ولكنهم يتجنبون تزكية أي مرشّح من بينهم، بل يشددون على مواصفات عامّة، جوهرها التوافق بين المكونات السياسية على رئيس جديد للجمهورية يلبّي تطلعات الشعب اللبناني وتوقه الى الخلاص".

4 دول فاشلة!

ركّزت "الجمهوريّة" على أنّه "على الرغم من انسداد الافق الحكومي وفشل رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ وميقاتي في التوافق على حكومة جديدة تقود المرحلة الراهنة، وتتولى مسؤولية الدولة واحتياجاتها في فترة الفراغ الرئاسي إذا ما تعذّر انتخاب رئيس للجمهورية خلال فترة الستين يوما، فإنّ المستويات الدولية ما زالت ترسل اشارات متتالية، تحثّ فيها القيادات اللبنانية على منع سقوط لبنان في منزلقات خطيرة على وجوده، تُضاف إلى ازمته المالية والاقتصادية ما قد يذهب بلبنان الى مخاطر يصعب أو بالاحرى يستحيل احتواؤها". وبيّنت أنّ "الشرط الاساس لمنع هذا السقوط، إتمام الاستحقاقات سريعا، سواء عبر تشكيل حكومة، او انتخاب رئيس جديد للجمهورية ووضع لبنان على طريق اعادة انتظام مؤسساته وسلطاته".

وشدّدت على أنّه "لعل اخطر الاشارات المباشرة، وردت في تقرير حول ازمة لبنان وَضَعه فريق من خبراء احدى المؤسسات المالية الدولية، وأُبلغ الى جهات اقتصادية مسؤولة، وفيه ما حرفيّته:

اولاً، ان لبنان بلد غني بثروات ظاهرة، وغير ظاهرة، ولكن هذا البلد عومِل بقسوة وبطمع بلا حدود من المُمسكين بالسلطة فيه على مدى سنوات طويلة.

ثانياً، اسباب انهيار الوضع في لبنان متعددة ومتشعبة منها ما هو سياسي ومنها ما هو مالي واقتصادي ومنها ما هو إداري، وابرزها:

- سوء ادارة الدولة بشكل عام.

- إلغاء مبدأ المحاسبة الحقيقية، من خلال الاختباء خلف الصيغة الطائفية والمذهبية، والدفاع عن الفاسد وتحصينه طائفيا ومذهبيا.

- التقصير الفاضح والمزمن لدى المسؤولين عن السلطة في لبنان، لجهة عدم ترسيخ ما تسمّى "المسؤولية المجتمعية"، وعدم مبادرة الحكومات المتعاقبة في لبنان الى تفسير ما هي "الضريبة"، بما هي ثروة الدولة في جيوب مواطنيها، وبما هي واجب لصحة المجتمع، بل الحث على التهرّب منها، من خلال التلهي فقط الى ممارسة سياسات شعبوية غير مسؤولة.

- إنعدام الرؤية الاقتصادية، والمشين في حالة لبنان انه لم يصل بعد الى اعداد خطة نهوض واقعية. ان ما اعلن في لبنان عن اعداد خطة للتعافي اعتبر خطوة ايجابية، لكنها لم تستكمل لاصطدامها بعوامل سياسية. المطلوب في حالة لبنان الاسراع في الخطة، مهما كان اسمها خطة انقاذ، خطة تعاف.

ولفتت الصحيفة إلى أن "بحسب التقرير، فإن المطلوب ثورة اصلاحية شاملة في لبنان لا تستثني أياً من قطاعاته، ومن هنا فإن اي توجّه الى تخصيص مرافق ​الدولة اللبنانية​ في وضع الدولة الراهن، مردوده سلبي، حيث ان الاموال ستذهب مجددا الى جيوب الذين قاموا بـ"ال​سياسة​ التدميرية" للبنان من الطبقة السياسية غير المسؤولة".

وحذّر التقرير من انّ "مسودة تقرير لإحدى المؤسسات المالية الدولية (ربما البنك الدولي) يجري اعدادها، وما يرشح عنها يفيد بأنّ التقرير سيسمّي اربع دول فاشلة كليا: الصومال، اليمن، زيمنابوي ولبنان". وأفادت بأنّه "يسلّط النظر على ما يسمّيه "نكران الواقع والانتعاش الوهمي"، الذي وقع به اللبنانيون منذ بداية الصيف، وحديثهم عن صيف واعد واموال سياح ومغتربين، حيث ان كل ذلك لم يسد ولو جزءًا يسيرا جدا من حاجة لبنان، وشكّل ما يشبه "حبة مسكّن" غير فعالة لمرض عضال".

إلى ذلك، ذكرت "الجمهوريّة" أنّ "اخطر ما في التقرير عينه، هو رفع درجة التحذير للمسؤولين عن السلطة في لبنان، بحديثة عما سمّاها "الحقيقة المتوحشة" التي سيصطدم بها لبنان حتماً، ما لم يبدأ بالاصلاحات الهيكلية والجذرية بصورة عاجلة جدا. يخطىء اللبنانيون إن راهنوا على انفراج في ازمتهم من باب الغاز والنفط في البحر، فاستخراجهما يتطلّب سنوات طويلة، وحتى ذلك الحين سيعاني لبنان من دون اصلاحات علاجية فورية".

ماذا سيحمل هوكشتاين

أشارت مصادر معنيّة بملف الترسيم لـ"الجمهورية"، إلى "اننا لسنا على علم بما في جعبة الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتيان، فقد وعدنا في آخر اجتماع بأنه سيأتي بالجواب الاسرائيلي على الطرح اللبناني الموحد، بالتمسّك بحدودنا البحرية الكاملة وحقوقنا الكاملة وغير المنقوصة بثرواننا البحرية. وبالتأكيد انّ الجديد الذي ننتظره هو الاستجابة لطرح لبنان، ودون ذلك سيبقى الملف مكانه".

وعما اذا كانت ثمة اشارات ايجابية حول قرب توقيع الاتفاق، أوضحت "أنّنا سمعنا أن هوكشتاين آت، ولكن لا نعرف ما سيأتي به. كما لم نلمس ابداً اي اشارة الى ايجابية تضع هذا الملف على سكة الاتفاق على الترسيم، بالشكل الذي يؤكد حق لبنان بحدوده كاملة ومياهه كلها. وفي الخلاصة، لن نستبق الامور، فنحن لسنا متفائلين وايضاً لسنا متشائمين، سننتظر ما سيأتي به هوكشتاين، وعلى أساسه سنبني على الشيء ما تقتضيه مصلحة لبنان".

مطلوب رئيس "فقير" للجمهورية!

اعتبرت إحدى الشّخصيّات السّياسيّة المارونيّة، لـ"الجمهوريّة"، أنّ "أهم صفة يجب ان يتحلّى بها الرئيس المقبل، لم يتطرّق اليها احد بعد، وهي انّه يجب ان يكون فقيرًا، لا يملك ثروة مالية".

وقد أبلغت تلك الشخصية رأيها إلى مرجعية روحية، مؤكّدة لها انّ "الرئيس الفقير هو القوي الحقيقي والسيادي الفعلي، لأن ليست لديه مصالح يخاف عليها و"يعتل همّها"، وبالتالي يكون متحرّرًا من هذا العبء، وقادرًا على اتخاذ القرارات وفق ما تقتضيه الضرورات الوطنية لا متطلبات حماية مصلحته الشخصية".

وبيّنت أنّ "التجربة أثبتت انّ بعض المسؤولين تكبلهم ثرواتهم ويصبحون أسرى لها في مواقفهم وخياراتهم، خوفًا من ضغوط يتعرّضون لها او أثمان يدفعونها إن ذهبوا في اتجاهات سياسية واقتصادية تعارض هذه الإرادة الدولية - الإقليمية او تلك"، مشدّدةً على "أهمية السعي إلى انتخاب الرئيس خلال مهلة الشهرين الدستورية الممتدة حتى 31 تشرين الأول، لأنّ هامش لبننة الاستحقاق في هذه الفترة تحديداً يكون أوسع، بمعنى انّ القوى الداخلية تملك خلالها القدرة على تأدية دور أساسي في تظهير صورة رئيس الجمهورية".

وفسّرت أنّه "إذا تعذّر إنجاز الاستحقاق في الموعد الدستوري ووقع الفراغ بكل ما سيرتبه من تداعيات، فإنّ تأثير الخارج يصبح أكبر بكثير في هذه الحال، وقد يُفرض الرئيس فرضًا تحت وطأة تفاقم الأزمة، تمامًا كما حصل في تجارب أخرى عند تدحرج الأزمات حين كانت تأتينا التسويات والتسميات «معلّبة» في الخارج ومفصّلة على قياسه".

وتساءلت: "إذا حصل إن هبط الرئيس في المظلة بدل ان ينبثق من الديناميات الداخلية، ماذا يبقى من السيادية التي ينادي بها الجميع، وان اختلفوا على فحواها؟ وماذا يبقى من الكرامة التي يدّعي الجميع الحرص عليها وان كان لكل منهم تعريفهم لها؟". ورأت أنّ "أخطر ما يمكن أن نفعلهـ هو ربط الاستحقاق بقاطرة الملفات الإقليمية والدولية المتشابكة والمعقّدة. ولذلك علينا التقاط فرصة المهلة الدستورية لنقتنص رئيسًا مقبولًا وفق معاييرنا بالمقدار الممكن، قبل أن نفقد السيطرة على هذا الملف كليًا وننتقل قسرًا من موقع المبادر إلى موقع المتلقي، على قاعدة نفّذ ثم اعترض".