إِتّخذت إِيطاليا مُنعطفًا حادًّا نحو اليمين، بفَوْز "الحزب الشّعبويّ" الّذي تتزعّمه جورجيا ميلوني، في الانتخابات العامّة، ما يفتح الباب للمرأَة الّتي أَبدَت في الماضي إِعجابها بموسوليني لتكون أَوّل رئيسةٍ للوزراء في تاريخ البلاد!. فقد فاز حزب ميلوني «فراتيلي ديتاليا» (إخوة إِيطاليا)، الّذي له جذورٌ فاشيّةٌ جديدةٌ، بـ 26 في المِئة من الأَصوات وفق نتائج أَوّليّةٍ. وتقود ميلوني ائتلافًا يُتوقّع أَن يفوز بغالبيّة مقاعد البرلمان، ويُؤَلف حكومةً هي الأَكثر يمينيّةً في إِيطاليا مُنذ الحرب العالميّة الثّانية.

ويُمثّل نجاح ميلوني، تغييرًا هائلًا في إِيطاليا، العضو المُؤسّس للاتّحاد الأُوروبيّ وثالث أَكبر اقتصادٍ في "منطقة اليورو"، بعد أَسابيع فقط من انتصار اليمين المُتطرّف في الانتخابات السّويديّة!.

سعيٌ أُنثويٌّ دؤوبٌ...

ومع ارتفاع التضخُّم، وأَزمة الطّاقة التي تلوح في الأُفق، والحرب في أُوكرانيا، سعَت ميلوني، المرأَة البالِغة 45 عامًا، إِلى طمأنة القلِقين في شأن افتقارها إِلى الخِبرة، وماضيها "الراديكالي"!.

وقد اعتبرَت جورجيا ميلوني، أَنّ النّاخبين الإِيطاليّين، قد بعثوا «برسالةٍ واضحةٍ»، لدعم حزبها في قيادة الائتلاف اليمينيّ إِلى السُّلطة. وأَضافت في تصريحاتٍ للصّحافيّين «إِذا دُعينا إِلى حُكم هذه الأُمّة فسنفْعَل ذلك، إِنّما مِن أَجل الإِيطاليّين جميعًا... وسنفعل ذلك بهدف تَوْحيد النّاس وتعزيز ما يُوحّدهم وليس ما يُفرّقهم».

وغرّدت عبر حسابها على «تويتر»: "الإِيطاليُّون عهدوا إِلينا بمهمّةٍ كبيرةٍ. واجبُنا الآن أَلّا نخذلهم، ونفعل كُلّ ما في وِسْعنا، لإِعادة الهَيْبة والكبرياء لأُمّتنا!".

كما وحلّ حليفا ميلوني في الائتلاف، حزب «الرّابطة» اليمينيّ المُتطرّف بقيادة ​ماتيو سالفيني​ و«فورزا إِيطاليا» بزعامة رئيس الوزراء الأَسبق ​سيلفيو برلسكوني​، خلف حزبها وَفق النّتائج الجُزئيّة.

حذرٌ مُبطَّنٌ...

وسُرعان ما جاءَت تهاني القَوْميّين في أَنحاء القارّة الأُوروبيّة إِلى ميلوني، مِن رئيس الوزراء البولنديّ ماتيوش مورافتسكي، إِلى حزب «فوكس» اليمينيّ المُتطرّف في إِسبانيا...

وكتب زعيم حزب «فوكس» سانتياغو أَباسكال عبر حسابه على «تويتر»: «لقد أَوضحَت ميلوني الطّريق لأُوروبّا فخورةٍ، وحُرّةٍ، قوامُها دُوَلٌ ذات سيادةٍ"...

بلينكن حريصٌ!...

أميركيًّا، قال وزير الخارجيّة أَنتوني بلينكن عبر حسابه على "تويتر": "نحن حُرصاء على العمل مع حُكومة إِيطاليا على أَهدافنا المُشترَكة: دعم أُوكرانيا حرّةً ومُستقلّةً... واحترام حُقوق الإِنسان، وبناء مُستقبلٍ اقتصاديٍّ مُستدامٍ".

وماكرون يسأل التّعاون...

وأَكّد الرّئيس الفرنسيّ إِيمانويل ماكرون مِن جهته، "احترامه الخيار الدّيمقراطيّ" للإِيطاليين، داعيًا روما إِلى «مُواصلة التّعاون» مع الأُوروبيّين.

أَلمانيا واللاتغيير!...

وإِلى أَلمانيا، حَيْثُ قال النّاطق باسم الحُكومة فولفغانغ بوشنر في مُؤتمرٍ صحافيٍّ، إِن "إِيطاليا بلدٌ مُؤيّدٌ للغاية لأُوروبا، ومواطنيها مُؤيّدون جدًّا لأُوروبا، ونفترض أَنّ ذلك لن يتغيّر".

الكرملين​ والتّغيير

وفي المُقابل، أَعلن الكرملين استعداده لتطوير علاقاتٍ «بنّاءةٍ» مع روما، بعد فوز زعيمة اليمين المتطرّف في الانتخابات. وقال النّاطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصّحافيّين، لدى سؤاله عن فوز ميلوني: «مُستعدّون لاستقبال أَيّ قوّةٍ سياسيّةٍ قادرةٍ على تخطّي التيّار السّائد المشحون بالكراهية لبلدنا».

إيطاليا​ مجدّدًا...

خاض أَكثر مِن خمسين مليون إِيطاليٍّ، معركةً انتخابيّةً عبر صناديق الاقتراع الأَحد 25 أَيلول 2022، لانتخاب برلمانهم، وسط توقُّعاتٍ بأَن يتصدّر اليمين المُتطرِّف النّتائج ويتولّى رئاسة الحُكومة في سابقةٍ في هذا البلد.

وقال رئيس حزب "الرّابطة" المُناهض للمُهاجرين ماتيو سالفيني للصّحافيّين، أَثناء توجُّهه إِلى التّصويت: "أَلعبُ لأَفوزَ، لا لأُشارك"، مُؤكّدًا أَنّ حزبه سيكون "على منصّة الفائزين: الأَوّل أَو الثّاني وفي أَسوإِ الأَحوال الثّالث". وأَضاف سالفيني الّذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الدّاخليّة في حُكومة ​جوزيبي كونتي​ (2018-2019): "أَتطلّع إِلى العَوْدة مِن الغد إِلى حُكومة هذا البلد الاستثنائيّ".

كما وصوّت رئيس الجُمهوريّة ​سيرجيو ماتاريلا​، وزعيم "الحزب الدّيمقراطيّ" (يسار الوسط) إِنريكو ليتا. وفي ظلّ توقُّعاتٍ تمنح حزب "فراتيلي ديتاليا" (إِخوة إِيطاليا) مِن الفاشيّين الجُدد حوالَي ربع نيّات الأَصوات، بحسب استطلاعات الرّأي الأَخيرة، مِن المُرجّح أَن تتولّى زعيمته جورجيا ميلوني (45 عامًا) رئاسة حكومةٍ ائتلافيّةٍ تكون الهَيْمنة فيها لليَمين المُتطرّف على حساب اليمين التّقليديّ.

وفي المُحصّلة، فقد نجحَت ميلوني المُعجبَة سابقًا بموسوليني، والّتي ترفع شعار "الله الوطن العائلة"، في جعل حزبها مقبولًا كقوّةٍ سياسيّةٍ وطرح المسائل الّتي تُحاكي استياء مُواطنيها وإِحباطهم ببقائها في صُفوف المُعارضة في حين أَيّدَت الأَحزاب الأُخرى حكومة الوحدة الوطنيّة بزعامة ​ماريو دراغي​.