أصدرت الدّكتورة يولا عازار ديوانها الأوّل بعنوان "وشوشات عاشقة"، تستقبلك بتساؤل: أهي "وشوشاتٌ بريئة أم وشوشاتٌ جريئة؟ أهي وشوشاتٌ عاشقةٌ أم وشوشاتُ عاشقةٍ بعطر الحبّ عابقةٌ؟" لتترك للقارئ التّفاعل مع كلّ مقطوعة، والإبحار إلى الأعماق، فتنكشف أمامه بوحًا في جمال كلمات وحالة من العشق الصّوفيّ أو "لقاء مستحيل" بعد "نشيد الرّحيل" و"رياح تشرين" أو "كن.. وارحل" بعض من عناوينِ القصائد تحملك إلى عالم من الأحلام بواقعيّة الاختبار الإنسانيّ ليصير الشّعر معها تجويدًا للآلام الإنسانيّة ورقيّها.

عنونت تمهيد الكتاب "نوبة قلبيّة ساحرة"، وعدّت كتابة الشّعر "موت فحياة.. وبين الموت والحياة لحظات من الإنعاش، تشعر خلالها بتوهّجات غاضمة لا تعرف كنهها، ولكنّك ترى ذاتك عاريًا حقيقيًا مجرّدًا في المطلق.. ويتحقّق الاتصال الرّوحيّ بعد الانفصال، فلا تعي نفسك إلّا وقد استسلمت إلى حالة من النّشوة العارمة، ثملى من إكسير وشوشات تتوق إلى أن تلقي بنفسها على الورق وبين يديك.. والعشق طاقة تحيي، فيها العزاء والرّجاء، وكذلك الخلاص والنّجاة من هشيم هذه الحياة." أراها تقدّم لمجتمعنا الغارق بالقباحة دواءً هو الشّعر "لا شيء سوى الشّعر يمنحنا مكانًا جديدًا، وزمانًا جديدًا وأفقًا جديدًا أبعد من همومنا المجروحة وأوجاعنا المتألّمة، وهواجسنا وتوجّساتنا الغاضمة، ووساوسنا المخفية اللامتناهية.. إنّه هو الشّمس والقمر والجمال والخيال والحبّ والحرّيّة والعطر الفوّاح الّذي ينبض في جِواء لا مثيل لها". لقد نجحت صاحبة الحسّ المرهف في نقل أحاسيسها ومشاعرها إلى تعابير تحلّق بالفكر والقلب إلى الأعلى إلى المطلق إلى "عرس العصافير" الّتي ختمت فيها ديوانها "تطير عيناي مع أسراب العصافير، وأروح أحلم بأجنحة تصلني بالغيوم الشّاردة، والطّيور المهاجرة، وبالسّماء الزّرقاء، وحولها دوائر، دوائر من عصافير، ونسور، ونجوم ومجرّات.."

وبعنوان الفرح العجيب! كتب الأستاذ الدّكتور ربيعة أبي فاضل تقديم الكتاب معدًّا أنّ "الّذين يعرفون يولا، حاملة الدّكتوراه، أستاذة اللغة والآداب، لم يصدّقوا أنّها خرجت من زمانها المألوف، وقرّرت أن تستعين بالشّعر مجابِهةً مرارة العيش، وتلوّث البيئة وتحدّيات العصر، ورتوب العمر.. فهاجرت نحو النّصّ الشّعريّ، وأسكنته كلّ قلقها، وكل حلمها، وجعلته صديقها للبوح بما هو أبعد وأعمق.. نجحت في تحقيق هذه الهجرة البهيّة..". وزيّن الكتاب لوحات بريشت الفنّان المهندس سعد مخايل عون.

اعترافات.. وشوشات.. إشراقات في النّقاء والصّفاء، في الحبّ والارتقاء.. دكتورة في النّسق المخمليّ، وشفافيّة الأمومة، والعشق المحال.. أدب وشعر وعبقريّة. حالات يعيشها نسّاك لم يبق منها سوى كلمات، أو قل بعض وشوشات في زمان الآهات..