أيُّها الشعب الثائر، الحياة السياسية في لبنان باتت أشبه بـ"مكذب خانا" وحوّلتنا ركام بشر لا يجمع بيننا إلا جامع الجوع والهجرة والفقر والبطالة والتشريد، وإلى مجموعة من المُضلّلين يربط بيننا عقد سياسي سلبنا حقوقنا المعترف بها ضمن شرعة حقوق الإنسان، وعقد سياسي يُهيمن على سيادتنا الوطنية وحُكام يحكموننا خلافًا للنظام الديمقراطي التي تنص عليه مقدمة الدستور في الفقرات: أ–ب–ج –د.

أيُّها الشعب الثائر، خيار الخنوع للسطلة القائمة ليس خيارًا شرعيًا، بل هو خيار الإستسلام والإنهزام وهو لا يليق بكراماتنا التي تربينا عليها وبقيمنا الوطنية المدنية والدينية، ولا يليق بما تعلمنّاه على المستوى الوطني لناحية الدفاع عن وطننا لبنان، وترسيخ فكرة النضال الشريف وإحترام القوانين، التي هي الأساس السياسي–العلمي–الفلسفي للثورة الشعبية البتول .

أيُّها الشعب الثائر، علينا أن نتحرّر من اليأس والخضوع لهذه السلطة العفنة، التي جوّعتنا وشرّدتنا وأذلّتنا وباعتْ أرضنا وصادرت حريتنا وتخلّت عن السيادة الوطنية، وكان آخرها إتفاق الإذعان مع إسرائيل من ضمن إتفاق أقل ما يُقال عنه أنه غير متكافئ ويتناقض مع المبادئ الدستوريّة، التي تحكم الحياة السياسية اللبنانية. ثورتنا البتول عليها أن تتجه نحو طاقة شبابية متحررة وهادفة إلى تحقيق الحرية المطلقة والكرامة بأقل ثمن ممكن من الدماء والأموال .

أيُّها الشعب الثائر، المؤسف حاليًا وبعد العديد من الإجتماعات التي عقدناها هنا في بلاد الإنتشار وفي الداخل اللبناني، لاحظنا أنه لا يوجد في عمق أفكار تراثنا السياسي فكر بنّاء لصناعة ثورة، فكل شعبنا إذا لم نقل بأغلبيته الساحقة ضلّلته هذه الجماعة السياسية لأغراض خاصة، وهي أشبه بعقد يصعب فكفكتها... البعض من الذين إلتقيناهم وعرضنا معهم للوضع العام في البلاد هم أشبه بمنظّرين محترفين، دعاة فتنة، أرْسِلوا لهدف معين، ألا وهو ضرب إرادتنا الثورية على ما انتهجوه في الفصل الأول من الثورة، منهم من سوّغ للإنقلابات وإضفاء شرعية ثورية عليها... كل تلك الأفكار بالنسبة إلينا لم تكن بمثابة الفكر التأسيسي، بل هي على ما يبدو حججا تسويغية وهي بعيدة كل البعد عن الفكر الثوري الشريف .

أيُّها الشعب الثائر، على ما خلصتْ إجتماعاتنا هنا في بلاد الإنتشار وفي لبنان، إنّ إنبلاج فجر الثورة يستلزم الكثير من الجهد والتفكير المضني كما ضرورة بناء أفق نظري علمي مبني على قواعد العلوم السياسية والقانونية والدستورية يكون المنظومة السياسية لشعبنا الثائر، وضامنًا لعدم وأد الثورة من جديد وإجهاض الفكر السياسي كما حصل في السابق. إنّ ما نطلبه اليوم يقتضي التأمل والتفكير وإتخاذ العلم السياسي بوصلة للتفكير السليم وإستيعاب العبر التي وفّرتها لنا التجارب السابقة، وقضم كل فكر مُسيّسْ دخيل، وتطعيم الثورة البتول بإرشادات المرجوّ منها إن تحفز من هم أحسن تأهيلاً لأداء هذه المهمة المقدسة.

أيُها الشعب الثائر، إنّ تاريخ الثورات يحقّق الحريّة في حياة كل شعب أبيّ شجاع عملاق ويجعله سيِّد نفسه وقراراته السياسية والفكرية المتنوّرة، هكذا تنتصر الثورة البتول على العار الذي لحقنا، فلا تدعوا أيًا كان وللمرة الثانية أنْ يعيد فعلته الشنيعة، ألا وهي إغتصاب الثورة كما درجت العادة. إنّ أنصاف الثورات والبدع التي تُطلق بين الحين والآخر لا تحقّق الحرية الكاملة لنا، وهي فعليًا تُكرِّس الأمر الواقع وتُبقي على هؤلاء في مركز الصدارة السياسية .

أيُّها الشعب الثائر، إنّ أكثر النصوص القانونية والسياسية دلالة على المصطلح التحرّري السليم ومجالاته، هي تلك الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنّته الأمم المتحدة في كانون الأول من العام 1948، ويعتبر الإعلان وثيقة دولية أساسية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وهي مكون أساسي للقانون الدولي إلى جانب مجموعة أخرى من الوثائق المكمّلة، وأعني وثيقة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في العام 1966، ووثيقة العهد الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية للعام 1966. لذلك جميعنا مدعوين للحوار البنّاء من أجل ثورة شعبية بتول لا يغتصبها أي عابر سبيل لإسترجاع الوطن من خاطفيه .