لا تزال المواصفات التي حدّدها أمين عام "حزب الله" السيد ​حسن نصرالله​، في الأسبوع الماضي، للمرشح الرئاسي، الذي من الممكن أن يوافق عليه الحزب، هي العنوان الأبرز لكيفية مقاربة هذا الإستحقاق، خصوصاً أنّ الحزب يعتبر من القوى المقررة على هذا الصعيد، وبالتالي لا يمكن تجاوز موقفه بأي شكل من الأشكال.

بالتزامن، لا يمكن تجاهل الموقف الذي عبّر عنه رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، في التوقيت نفسه تقريباً، لناحية التشديد على أن إستمرار الفراغ لا يحتمل سوى أسابيع قليلة جداً، مشيراً إلى أنه أعطى ما يمكن وصفه بفسحة زمنية سقفها الأقصى آخر السنة، قبل أن يعود إلى التقاط زمام المبادرةمن جديد.

في هذا السياق، قرأت بعض الأوساط السياسية تناقضاً كبيراً بين الموقفين، نظراً إلى أن السيد نصرالله كان قد استبق الإعلان عن المواصفات، بالتأكيد على أنّ أهمية الإنتهاء من الإستحقاق الرئاسي لا تعني انتخاب أيّ كان، الأمر الذي فُسر على أساس أن أمين عام "حزب الله" حدد مواصفات لا تنطبق، في الوقت الراهن، إلا على رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​، وهو مستعد للتمسك به حتى النهاية.

في المقابل، تؤكد مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، أن ليس هناك من تناقض بين الموقفين، لا بل تشير إلى توافق بين "حزب الله" و"حركة أمل" على خوض الإستحقاق الرئاسي معاً، على عكس ما حصل في العام 2016 عند الوصول إلى لحظة انتخاب الرئيس السابق ميشال عون، وتوضح أن الإنطلاقة هي بدعم ترشيح فرنجية، حتى ولو لم يتم الإعلان عن الترشيح بشكل رسمي.

وتشير هذه المصادر إلى أنّ المهلة التي أعلن عنها رئيس المجلس النيابي يمكن وصفها بـ"مهلة الحثّ"، أي أنه يشجّع مختلف الأفرقاء على الوصول إلى تفاهم قبل نهاية العام الحالي، لكن في حال لم ينجحوا في ذلك هو لا يملك القدرة على إجبارهم على هذا الأمر، بل أقصى ما يمكن أن يقوم به هو إعادة الدعوة إلى الحوار من جديد، مع العلم أن دعوته السابقة، التي كان يراد منها تعجيل التفاهم، لم تنجح، بسبب مواقف بعض الأفرقاء المعارضين لهذا المسار.

على هذا الصعيد، تشدد المصادر نفسها على أن الحزب والحركة يتعاملان بجدية تامة مع ترشيح رئيس تيار "المردة"، الأمر الذي يدفعهما إلى عدم فتح باب النقاش حول أسماء أخرى حتى الآن، لا سيما أن فرص وصوله إلى رئاسة الجمهورية كبيرة، وبالتالي لا يمكن إضاعة هذه الفرصة المهمة، التي تتطلب إقناع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل قبل الإعلان الرسمي، نظراً إلى أن الحزب لا يريد تجاوزه بأيّ شكل من الأشكال.

أمام هذا الواقع، تطرح الكثير من علامات الإستفهام عن امكانية الإستمرار بدعم فرنجية فقط، خصوصاً إذا لم ينجح "حزب الله" بدعمه أو لم تتأمن أكثرية النصاب لإنتخابه، لا سيما أن البلاد، بحسب توصيف بري، لا تحتمل الفراغ الطويل.

في قراءة المصادر النيابية نفسها، لم يقفل السيد نصرالله الباب أمام البحث في خيارات أخرى، نظراً إلى أن المعادلة التي طرحها تقوم على أساس أن المطلوب شخصية لا تطعن المقاومة بظهرها، وبالتالي لا يمكن أن يكون فرنجية وحده هو الذي يمتلك هذه المواصفات، بل من الممكن الحديث عن أن هناك من بين المرشحين الوسطيين من تنطبق عليه، لكن ما يمكن الجزم به هو أن الحزب يريد ضمانات معيّنة قبل البحث بأي إسم لا يكون من ضمن حلفائه.

بالتزامن، تشير المصادر نفسها إلى أنّ معادلة أخرى ينبغي أن تؤخذ بعين الإعتبار عند البحث في الخيارات المتاحة، تكمن بإنتقال الحديث، في بعض الأوساط، عن إمكانية الذهاب إلى تفاهم يشمل إسم رئيسي الجمهورية والحكومة معاً، وترى أن طرح أسماء لرئاسة الحكومة مقرّبة من قوى الرابع عشر من آذار، أو من المملكة العربية السعوديّة تحديداً، يفترض من الناحية المنطقيّة أن يكون الرئيس المقبل من المحسوبين على الفريق الآخر، أيّ من حلفاء "حزب الله".

في المحصّلة، تلفت هذه المصادر إلى أنّ الواقع الراهن يؤكّد أن رئيس تيار "المردة" هو الإسم الأبرز، بالنسبة إلى قوى الثامن من آذار، الأمر الذي من المرجّح أن يستمر حتى نهاية العام الجاري على الأقل، قبل أن ينتقل البحث إلى أسماء أخرى في حال تبين أن لا فرص جدية له، لكن حينها معادلة الحكم هي التي ستحدّد الخيارات، أي لا يمكن الحديث عن رئيس حكومة ينتمي إلى محور مقابل رئيس جمهورية وسطي أو توافقي.