الكون يملأ الليل، والبرد يغمر القرية الصغيرة بيت لحم، والصقيع يلف مراعي الضيعة، حيث يسهر الرعيان على قطعانهم.

رجل وامرأة يبحثان عن موضع تقدر ان تلد فيه مريم، وقد حان وقت وضعها. وفي السماء ملائكة ترنم وتبشر وترنّم: المجد لله في العلى وعلى الارض السلام وفي الناس المسرة لقد ولد يسوع المسيح مخلص العالم.

وفي الشرق، نجم يشعّ يتبعه ملوك مجوس حاملين الهدايا ذهبًا ومرًّا ولبانًا، يسيرون آتين ليسجدوا لملك المجد. وفي الكون يضجّ صوت بلعام النبي الأعمى يصرخ ويقول: اراه وليس بقريب، اسمعه وليس ببعيد، وملاك اتى في هذا الليل يقول للرعيان: هيا قوموا انطلقوا، لقد ولد لكم اليوم مخلص وهو الرب يسوع المسيح. وهبّ الرعاة منطلقين واتوا ليروا ما قال لهم الملاك حاملين له هدايا من حملانهم.

الميلاد سرّ لقاء الله بالانسان

وتجسد يسوع لاجل خلاصنا. الميلاد هو سر محبة الله للبشرية لان الله محبة، فعندما لم يستطع الانسان العودة الى الله اتى الله بنفسه اليه. وصار سر الميلاد هو سر عمانوئيل، اي سر الله معنا، وصار انساناً مثلنا، اخذ جسداً مثل جسدنا، واجتمع في شخص يسوع سر اللاهوت كاملاً بالناسوت، دون اي انتقاص من احدهما وهذا ما قرره مجمع خلقدونية (451).

التيولوجيا والانتروبولوجيا التقيا

الطبيعة الالهية كاملة، والطبيعة الانسانية كاملة، وكذلك المشيئة الالهية كاملة كما المشيئة الانسانية.

التيولوجيا والانتربولوجيا اجتمعتا كاملتين في شخص يسوع المسيح، المتجسد من مريم العذراء، والمولود منها بقوة الروح القدس، كما اعلن وقال لها الملاك جبرائيل. هذا هو المعنى التيولوجي اللاهوتي للميلاد.

علينا عيش الميلاد في حياتنا

نحن كيف نعيش الميلاد؟ علينا اولاً ان نعرف ونؤمن بما تقوله الكتب المقدسة عن شخص يسوع المسيح والوهيته وانسانيته، وعلينا ثانياً ان نؤمن بما تعلمه الكنيسة والمجامع حول شخص يسوع المسيح، وعلينا ثالثاً ان نعيش حقيقية الميلاد بالمحبة والمصالحة والمسامحة والغفران والعطاء والمشاركة، ولا نكتفي بلبس الثياب الجديدة والمآكل الفاخرة وشرب الكحول والسهر، وننسى الايتام والارامل والعائلات الفقيرة والمعدومة، خاصة في هذه الايام الغالية والساحقة للمساكين والبؤساء والمرضى والجياع والمشردين والغرباء، الذين ينامون في البرد في الشوارع وعلى الطرقات.

في المسيح قال الله كل شيء

في المسيح قال الله لنا كل شيء، كما يقول القديس يوحنا الصليبي، وهو يكمل ويعلن، كان الله، صار ربكم وصرنا نحن نحمل فينا وفي حياتنا ومحبتنا الحضور الالهي في الكون. فهلاّ عرفنا قيمتنا وعظمة مسؤولياتنا عن تجسد الله فينا وفي الكون.

فلمَ نحوّل الميلاد مظهراً اجتماعياً وحدثاً زمنياً ترفيهياً عابراً؟.

عيد ميلاد مبارك، وسنة خير وبركة وسلام ونعمة وصحة ومحبة وفرح وبركة سماوية على لبنان بانتخاب رئيس جمهورية لبنان.