لفت المفتي الجعفري الممتاز الشّيخ أحمد قبلان، إلى أنّ "في لحظة فجيعة وطنيّة، البلد يخرج من سنة انهيار إلى سنة انهيار، وسط انقسام عمودي، وعصابات ماليّة نقديّة تجاريّة طالت كلّ المرافق، رغم الكارثة المدوّية الّتي تضرب أركان وجود لبنان، ورغم ذلك هناك من يريد لبنان بلد عتمة وفلتان وفوضى ومخدرات وجريمة واحتكارات بكلّ أنواعها، توازيًا مع كارتيلات النّفط والدّواء والإعلام؛ فيما الدّولة مجرّد هيكل منخور وسلطة مشلولة".

وشدّد، خلال إلقائه خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، على أنّ "وجود حكومة قويّة ومنعقدة ضرورة وطنية ملحّة، والفراغ في سدّة الرّئاسة يفترض بالضرورة الدّستوريّة تفعيلَ دور الحكومة، وبلد بلا حكومة يعني المزيد من دواعي تفكّكه"، مشيرًا إلى أنّ "مع تفهُّمنا الكبير لموضع رئاسة الجمهورية، لكن لا يمكننا القبول بتعطيل البلد بسبب التّوظيف السّياسي. والبلد أكبر من الكلّ، واليوم لبنان بمهبّ الرّيح، والمطلوب شدّ الأحزمة الوطنيّة لا الطّائفيّة". ورأى أنّ "خلاص لبنان يمرّ بمجلس النواب، لا على أجنحة الطّائرات، والقطيعة السّياسيّة تقرّبنا من الخراب".

وتوجّه قبلان إلى الحكومة والقوى السّياسيّة بالقول: "لقمة عيش اللّبناني في هذه الأزمة الأخطر، تتوقّف على اليد اللّبنانيّة العاملة الّتي تشكّل ركيزة سوق لبنان، والمطلوب حمايتها، ومنع النّزوح من تدميرها، فضلًا عن خريطة السّفارات الغربيّة الّتي تُعيث بهذا البلد فسادًا". ونبّه السّفارات الغربيّة بأنّ "لعبة الجمعيّات الملوّنة، والكارتيلات الّتي تلعب الأدوار الإنسانيّة مكشوفة جدًّا، وليست من صالحكم أبدًا، واللّعب بمصير لبنان ممنوع وللصّبر حدود".

أمّا فيما خصّ موضوع الكهرباء، فأكّد على الحكومة "وجوب إخراج لبنان من كارثة العتمة، وصبر النّاس نفد، ووضع النّاس اليوم جمر تحت رماد، وودائع النّاس أكبر خطوط لبنان الحمراء، ومكاتب مفوضية اللاجئين يجب إغلاقها فورًا؛ ودكاكين السّفارات أكبر خطر على لبنان".

وخاطب القوى السّياسيّة قائلًا: "حتّى نعرف كيف ننجح، يجب أن نعرف كيف وأين فشلنا، ويمكن تدمير قطاع، لكن لا يمكن تدمير البلد بقطاعاته كافّة، فما يجري الآن تدمير ممنهج لكلّ قطاعات لبنان، وعلى أيدي عصابات ماليّة نقديّة تجاريّة محميّة، وسط بلد يغصّ بالفلتان".

كما جزم قبلان أنّ "اليوم الفراغ ألدّ أعداء لبنان، والمطلوب انتفاضة وطنيّة لإلزام القوى السّياسيّة على الحوار الدّاخلي، وكلّ الكوارث مرتبطة بالفراغ، والمفتاح يبدأ بانتخاب رئيس وطني، نعم وطني، لا طائفي، بعيدًا عن الصّولد الدّولي؛ ومفتاح الحلّ مجلس النواب".

وأعاد التّأكيد أنّ "التّدويل مهما كان ضروريًّا هو جريمة وطنيّة كبرى، وليس هناك شيء لا يمكن حلّه، فقط يجب توحيد الصّوت الوطني لمنع بعض القوى السّياسيّة من بيع لبنان للخارج، فيما الحصار الأميركي ما زال مستمرًّا، إلّا أنّنا لا نسمع تنديد جماعة السّيادة". وبيّن أنّ "التّوظيف الغربي بالنّزوح بات خطرًا قوميًّا دون أيِّ تنديد من جماعة الخيار الغربي، بل المطلوب استعادة قوّة القرار السّياسي، والخيار الشّرقي ضرورة إنقاذيّة استراتيجيّة للبنان، وقد نعاني إلّا أنّنا لن ننهزم؛ وغدًا يوم آخر".

إلى ذلك، نبّه قبلان إلى أنّ "إطلاق النّار ليلة رأس السّنة، بل في كلّ أيّام السّنة، هو حرام وممنوع بكلّ المعايير الوطنيّة والأخلاقيّة والدّينيّة، ومن يطلق النّار مجرم، ويمارس إجرامه بجنون، ومطلوب من الأجهزة المختصّة -إن بقي منها شيء- ملاحقة كلّ مجرم في هذا المجال، بل يجب على كلّ مواطن التّبليغ عمّن يطلق النّار"، مشدّدًا على أنّ "كفانا فوضى بلد وناس وجرائم وفلتان".

وذكر أنّ "في آخر أيّام هذه السّنة المثقلة بالنّكبات، لا بدّ من توجيه التّحيّة لكلّ قيادة سياسيّة وأمنيّة واقتصاديّة وفكريّة وإعلاميّة تعمل من أجل لبنان، وهنا لا بدّ من توجيه ألف شكر لمعادلة جيش- شعب- مقاومة، لأنّها أكبر ضمانات لبنان"، مشيرًا إلى أنّ "حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو نسخة مكرّرة عن قوة ورقية، ودعاية إعلانية مزيّفة، ولبنان بعد المحنة غيرُه قبلها. وستثبت الأيّام أنّ الأوطان تبقى عصيّة على الموت".