منذ ما قبل نهاية العام الماضي، ربط المسؤولون اللبنانيون مصير البلد باجتماع دولي يُعقد في باريس يضم دولاً معنيّة بالملف اللبناني، لكن اللقاء تأخر وجدول أعماله تبدّل أكثر من مرة، ورغم كل الحديث عن تواريخ انعقاده، لا يزال الموعد الحاسم لم يُحدد بعد، في حين تُشير بعض المعطيات الى أنّه لن يتخطى منتصف شهر شباط الجاري.

لا الموعد ولا جدول الاعمال ولا حتى المشاركين حُسموا في هذا الإجتماع، فهناك من يتحدث عن 5 أفرقاء بعد دخول ​مصر​ على خط اللقاء الى جانب ​فرنسا​ و​الولايات المتحدة​ الأميركيّة و​السعودية​ و​قطر​، وهناك من يُشير الى وجود نيّة فرنسية بضمّ الفاتيكان الى طاولة الإجتماع أيضاً لما لهذه الدولة من تأثير معنوي على لبنان، لكن كل هذه التكهّنات تبقى في إطار غير مؤكد.

حتى الساعة، لا تزال العديد من القوى السّياسية تراهن على ما قد ينتج عن لقاء باريس، لا سيما بعد تكاثر المعلومات أنه من الممكن انعقاده قريباً خلال الأيام العشرة المقبلة، بالرغم من أن غالبية الترجيحات تصب في إتجاه عدم صدور أيّ توجه حاسم عنه، لا سيما أنّ أيّ تسوية خارجيّة تتطلب أن يصار إلى التفاهم مع طهران، لا الإكتفاء بما قد يصدر عن مجموعة من الدول التي تنتمي، من حيث المبدأ، إلى محور واحد.

هذا الواقع تُدركه فرنسا جيداً، لذلك بحسب معلومات "النشرة" تحاول دولة قطر لعب دور ما في هذا السياق مع الجمهورية الاسلامية، كون الأخيرة طرف أساسي في المنطقة ولا يمكن استبعادها عن أيّ تسوية مفترضة، ويعلم الجميع أن مفتاح طهران ليس في اللقاء الباريسي إنما في التقارب بينها وبين السعودية، لذلك لم تكن زيارة وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الى العاصمة الايرانية نهاية الأسبوع الماضي مربوطة فقط بالرسائل الإيجابيّة التي نقلها من الولايات المتحدة الأميركيّة الى ​إيران​ بخصوص الملف النووي، بل تم التطرق أيضاً للوضع الإقليمي الذي يؤثّر بشكل مباشر على الملف اللبناني.

بحسب المصادر المتابعة فإن طهران تلقّفت بشكل إيجابي زيارة وزير الخارجية القطري، وحمّلته رسالة مفادها أنها "جاهزة للحوار الإقليمي على اعتبار أنه السبيل الوحيد لحل النزاعات وتحقيق الإستقرار"، لذلك يتكامل الدور القطري مع الدور العراقي في مقاربة مسألة الحوار الإقليمي بين ايران والمملكة العربية السعودية، وهو ما يُعتبر المدخل الأساسي لحل الأزمة اللبنانية، وبالتالي قد يكون التعويل على هذا الحوار أهم من الاتّكال على لقاءات خارجية أخرى.

إنطلاقاً من ذلك، قد يشكل هذا اللقاء المنوي عقده في باريس نقطة إنطلاق نحو مسار جديد في التعامل مع الأزمة اللبنانية، قد يقود في مرحلة لاحقة إلى التسوية، لكن الأمر لا يزال يحتاج إلى المزيد من البحث والمشاورات، وبالتالي ما قد يصدر عن لقاء باريس قد لا يخرج عن إطار العموميّات التي تحتاج الى استكمال قبل أن تُنتج حلولاً واضحة.

تؤكد المصادر أن شهر شباط سيحمل الكثير من التطورات المؤثّرة في الملف اللبناني، لكنه لن يحمل جديداً على صعيد الحلول النهائيّة، فهل يتحمّل الوضع الداخلي بالضغوط التي يعيشها والتي يُفترض ان تزداد خلال الأسابيع المقبلة؟.