مقدمة:

أدى تطور المجتمع الإنساني وزيادة عدد سكان المعمورة إلى إتساع نطاق المعاملات وتشابك المصالح الدولية، فتعدى ذلك الاتصال البسيط إلى إيفاد البعثات لإنشاء وتطوير العلاقات الدولية أو لإجراء مفاوضات أو إنهاء حرب ووضع شروط صلح، أو اقتراح هدنة أو عقد معاهدة، فبرز دور المبعوث الدبلوماسي لتكريس هذه العلاقات والمساهمة في إدارتها.

استقر العرف الدولي، منذ وقت بعيد على التسليم للمبعوث الدبلوماسي بمجموعة من الحصانات والامتيازات الدبلوماسية التي تكفل له وضعاً متميزاً وتمكنه من النهوض بأعباء وظيفته على الوجه الأمثل.

في المقابل تتركز أدوار أجهزة المخابرات في مختلف دول العالم على حماية الأمن القومي، وتعزيز مصالح الدول الخارجية في حالتي السلم والحرب، عبر مجالين رئيسيين الأول: توفير قاعدة من المعلومات الموثوقة، والتعميمات الاستراتيجية لصنَّاع السياسات لاتخاذ قرارات عقلانية ورشيدة؛ أما المجال الآخر فيتعلق برقابة توجهات الدول الأخرى، والتأثير المستتر فيها، بخلاف منع التجسس المضاد على الدولة. وفي ضوء مدى فعالية أجهزة المخابرات من عدمه في هذين المجالين، يتحدد ما إذا كان دورها يمثل عاملاً مضافاً من قوة وأمن الدول.

تعد الاستخبارات الوطنية ضمن الفروع الاستخباراتية المؤثرة في صنع القرار، وغالباً ما تعكس وجهة نظر الاستخبارات حول إحدى القضايا المحورية. وفي بعض الحالات، تتوقع هذه التقييمات الاتجاهات المستقبلية على امتداد عقد أو أكثر. تسهم هذه التقارير في تشكيل توجهات رئيس الدولة بكونها في جانب منها، تستند إلى معلومات سرية تحصل عليها أجهزة الاستخبارات، سواء من خلال تجنيد المصادر في الدول المعادية، أو من خلال استخبارات الإشارة، أو غيرها من أنواع الاستخبارات المختلفة.

من هنا، من المنطقي القول أن الدور الذي يقوم به المبعوث الدبلوماسي في إطار عمله السياسي يلتقي مع الأهداف التي تقوم بها أجهزة الإستخبارات في رسم السياسات الخارجية للدول وعلاقتها فيما بينها.

انطلاقاً من أهمية وهدف هذه الدراسة، نود طرح إشكالية البحث على الشكل التالي:

ما مدى توافق التجسس الدبلوماسي والعمليات الاستخباراتية مع مبادئ القانون الدولي العام في ظل رسم الدول لسياساتها الخارجية وتقرير تحالفاتها؟

ارتكزت العلاقات الدبلوماسية منذ نشأتها على مبادئ وأسس جعلت من الدبلوماسية أسلوباً ومنهجاً ومهنة ذات وظائف متنوعة، وقد تمحورت جميع تلك الأسس والمبادئ على قاعدة أساسية واحدة تقوم على منح الدبلوماسيين حصانات وامتيازات معينة ومحددة تهدف إلى تأمين الأداء الفعال لوظائف البعثات الدبلوماسية على أكمل وجه، وتحقيق أهدافها التي تتمثل بإدارة الشؤون الخارجية للدول وتعزيز العلاقات الودية فيما بينها.

إلا أن الواقع والتعامل الدولي قد أفرزا واقعاً جديداً تمثل في إساءة استعمال الحصانات والامتيازات الدبلوماسية من جانب المتمتعين بها، واستغلالها لارتكاب أفعال تهدد أمن الدولة المضيفة، ومن أبرز تلك الأفعال هي القيام بأنشطة التجسس، الأمر الذي ولّد ردود فعل عكسية لدى الدول المضيفة أدى بها في بعض الأحيان إلى إهدار ما يتمتع به المبعوث الدبلوماسي من حصانات وامتيازات، وقد اعتمدت الدول في تصرفاتها هذه على ما تقتضيه اعتبارات حماية أمنها القومي وسلامتها وسيادتها، ولا شك في وجود مصلحتين يجب التوفيق بينهما هما مصلحة البعثة الدبلوماسية والمبعوث الدبلوماسي في التمتع بالحصانات والامتيازات اللازمة لأداء وظائفها على الوجه المطلوب، ومصلحة الدولة المستقبلة في عدم تأثير هذه الحصانات والامتيازات على أمنها وسيادتها ومقتضيات نظامها العام الداخلي من جهة أخرى.

لإيضاح ما تقدّم، يقسم هذا الفصل إلى مبحثين نتناول في المبحث الأول التجسس الدبلوماسي كإحدى صور إساءة إستعمال الحصانة الدبلوماسية، والمبحث الثاني

يقتضي لتنظيم العلاقات وإنمائها بين الدول الاعتراف لأفراد البعثات الدبلوماسية ببعض الحصانات والامتيازات الدبلوماسية في الدولة المضيفة، وذلك لغرض تمكين هؤلاء الأفراد من أداء وظائفهم الرسمية بشكل فاعل وبوصفهم ممثلين لدولهم. غير أن هذه الأهمية الخاصة لهذه الحصانات والامتيازات لا تعني أبداً أن يستعملها المبعوثون الدبلوماسيون وأفراد أسرهم رخصةً لخرق قوانين الدولة المضيفة وأنظمتها، وارتكاب جرائم معاقب عليها، فذلك يعد إساءة في استعمال هذه الحصانات والامتيازات، ومن أهم مظاهر تلك الإساءة وأخطرها هو ارتكاب أنشطة التجسس التي تشكل تهديداً وخطراً على أمن الدولة المضيفة وسيادتها.

ويتطلب دراسة موضوع أنشطة التجسس المرتكبة من قبل المتمتعين بالحصانات والامتيازات الدبلوماسية أن نتناول في البداية ماهية التجسس الدبلوماسي والعوامل التي تساعد على ارتكابه ثم نتعرف على أبرز أوجه نشاطات التجسس الدبلوماسي، ثم نتطرق لموضوع حدود ممارسة المبعوث الدبلوماسي لوظيفة استطلاع الأوضاع والتطورات في الدولة المضيفة، ثم نذكر أخيراً بعض السوابق الدولية في مجال التجسس الدبلوماسي.

يقصد بالتجسس الدبلوماسي تلك النشاطات التجسسية التي يمارسها الأفراد المتمتعون بالحصانات والامتيازات الدبلوماسية والمتمثلة في جمع المعلومات بطرق غير قانونية، مع العلم أن هؤلاء الأفراد يمارسون هذا النوع من التجسس دون إخفاء صفتهم الدبلوماسية، وهذا ما يميزه عن صور التجسس الأخرى، ويمكن تصنيف التجسس الدبلوماسي ضمن التجسس وقت السلم على أساس أن العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين الموفدة والمضيفة تقطع بمجرد نشوب الحرب بينهما([1]).

وقد ارتبط نشوء التجسس الدبلوماسي كظاهرة بالمراحل المبكرة لنشوء التمثيل الدبلوماسي الدائم للدول، فنجد إن في العصر البيزنطي اقتضت ظروف الدولة البيزنطية آنذاك وحاجتها إلى التعرف على أوضاع البلدان المجاورة لها من النواحي العسكرية والاجتماعية أن تبعث بالسفارات إلى تلك الدول لأغراض التجسس حماية لنفسها([2]).

وكذلك نجد إنه في أوروبا في العصور الوسطى وخصوصاً في المرحلة التي تلت عقد معاهدة وستفاليا عام 1648، ومع نشوء وتطور نظام التمثيل الدبلوماسي للدول، نجد إن السفارات قد تحوّلت إلى مراكز للتجسس، بالإضافة إلى تدخلها في الشؤون الداخلية للدولة المعتمد لديها، وفي بعض الأحوال كانت السفارة تساعد مواطني الدولة المعتمد لديها على إعلان الثورة والعصيان.

أما في العصر الحديث ونتيجةً لتشعب الاتصالات بين الدول وازدياد أعداد المبعوثين الدبلوماسيين والتقدم التكنولوجي المذهل في مجال المواصلات والاتصالات، ازدادت ظاهرة التجسس الدبلوماسي حتى بلغت ذروتها إبان فترة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي. وفي الفترة التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة، وظهور النظام العالمي الجديد ذي القطبية الأحادية، نلاحظ عودة هذه الظاهرة من جديد وبشكل متزايد، فنجد وسائل الإعلام تطلع علينا من حين لآخر بأنباء عن قيام إحدى الدول بطرد دبلوماسيين معتمدين لديها بتهمة التجسس([3]).

وقد ظهر خلاف بين الدول حول مفهوم التجسس الدبلوماسي، والذي تؤكده قضايا دولية عديدة، ففي النزاع الذي ثار بين كندا وكوبا عام 1978 نتيجة قيام كندا بطرد مبعوث دبلوماسي وقنصلين كوبيين، أكدت كوبا رسمياً إن قيام مبعوثيها باتصالات مع ممثلي دولة ثالثة لا يعد تجسساً ما دامت هذه الاتصالات تتعلق بنشاطات لا تمس بالدولة المضيفة، بل كانت تهدف فقط إلى منع مجموعة من أفراد المعارضة الأنغولية التابعين للجبهة الوطنية لتحرير أنغولا من اتخاذ أي إجراء قد يمس بدولة أنغولا، غير أن الحكومة الكندية ردت على ذلك معتبرةً هذه النشاطات متعارضة مع الصفة الرسمية للمبعوثين الدبلوماسيين([4]).

فنجد أن انتهاكات الدولة الموفدة لالتزاماتها فيما يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية تتمثل هنا فيما يرتكبه المبعوث الدبلوماسي الذي يمثلها من أعمال تعد إساءةً لاستخدام الحصانات والامتيازات الدبلوماسية، وتجاوزاً لحدود المهام الدبلوماسية المنوطة للبعثة الدبلوماسية بموجب أحكام المادة (3) من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961.

ويلاحظ أن استخدام أجهزة المخابرات لسفارات حكومتها في الخارج كغطاء دبلوماسي لبعض ضباطها أصبح عرفاً مستقراً في العلاقات الدولية، فقد لوحظ إن هناك الكثير من رجال السلك الدبلوماسي يعملون تحت غطاء العمل الدبلوماسي، ولكنهم في الحقيقة رجال مخابرات لدولهم، وبرغم حالات الطرد التي تجري بصفة مستمرة فإن الدلائل تشير إلى أن دبلوماسية المستقبل سوف تستمر في الاستعانة بهؤلاء الضباط الذين يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية ويجمعون المعلومات والوثائق ويرسلونها لدولهم([5]).

من بين وظائف البعثة الدبلوماسية التي تضمنتها المادة (3) من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، لم تثر أي وظيفة جدلاً ونقاشاً كالذي أثارته الوظيفة التي تضمنتها الفقرة (1/د) من المادة المذكورة وهي "استطلاع الأحوال والتطورات في الدولة المعتمد لديها بجميع الوسائل المشروعة وتقديم التقارير اللازمة عنها إلى حكومة الدولة المعتمدة([6]).

ونجد إن نص المادة (3/1/د) من الاتفاقية يثير إشكالاً يتعلق بحدود وظيفة استطلاع الأحوال والتطورات في الدولة المضيفة وكذلك تقديم التقارير اللازمة عنها، فإذا كان الهدف من الحصانة الدبلوماسية هو تمكين المبعوث الدبلوماسي من قيامه بوظائفه الرسمية بشكل فاعل، فإن قيام هذا الأخير باستطلاع الأحوال والتطورات في الدولة المضيفة بشكل جيد وفاعل قد يؤدي به أحياناً إلى الخروج عن المشروعية، حيث إن نص المادة (40/1) من الاتفاقية يلزم (كقاعدة عامة) المبعوث الدبلوماسي باحترام قوانين الدولة المضيفة وأنظمتها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، كما يلزم نص المادة (3/1/د) المبعوث الدبلوماسي باستخدام الوسائل المشروعة في جمع المعلومات كوسائل الاعلام والتقارير الرسمية واستطلاعات الرأي وغيرها([7]).

حينما تجد الدولة المضيفة بأن استمرار وجود المبعوث الدبلوماسي يشكل تهديداً لأمنها لقيامه بأنشطة تجسسية، فلا غرابة أن تلجأ تلك الدولة إلى الدفاع عن أمنها من خلال طرد ذلك المبعوث الدبلوماسي، وساحة التطبيق الدولي حافلة بالسوابق العديدة لحالات اتهم فيها أعضاء البعثات الدبلوماسية بالتجسس والتدخل بالشؤون الداخلية للدول المعتمدين لديها، وفيما يلي نذكر بعض من تلك الحالات:

1- قرار الولايات المتحدة عام 2001 بطرد خمسين دبلوماسياً روسياً للاشتباه في قيامهم بأنشطة تجسس، وفي خطوة اعتُبر في جانب منها انتقاماً من قبل الحكومة الأميركية على اعتقال عضو مكتب التحقيقات الفيدرالية "روبرت هانس" المتهم بالتجسس لحساب موسكو طيلة أكثر من 15 عام، ويقال أنه أفشى أسراراً منها أسماء عملاء مزدوجين، وطرق التجسس الالكتروني الأميركي، وسر نفق حفرته السلطات الأميركية تحت مبنى السفارة الروسية في واشنطن، وقال مسؤولون أميركيون إن إفشاء هذه الأسرار قد أضر بشدة بالأمن القومي الأميركي([8]).

2- قيام الحكومة الكندية عام 1981 بطرد ثلاثة من أفراد البعثة الدبلوماسية السوفيتية، وهم ملحقان عسكريان، من البلاد لاتهامهم بارتكاب نشاط تجسسي داخل الأراضي الكندية([9]).

3- عام 2011 قامت السلطات الروسية بطرد الملحق العسكري في السفارة الإسرائيلية في موسكو بتهمة التجسس، وذكرت الحكومة الروسية إن الملحق استخدم تقنيات اتصالات دولية غير مسموح بها بهدف التجسس على مراكز أمنية استراتيجية في موسكو بشكل مخالف للأعراف والقوانين الدولية([10]).

4- بتاريخ 11 كانون الأول عام 1999 طلبت وزارة الخارجية الروسية من "شيري ليبيرنايت" السكرتيرة الثانية في القسم العسكري والسياسي بالسفارة الأميركية في موسكو مغادرة البلاد بتهمة التجسس، وقد كانت "ليبرنايت" على وشك الحصول من مواطن روسي على وثائق صنفت بأنها من أسرار الدولة تتعلق بمعلومات عسكرية واستراتيجية([11]).

5- في اليابان أعلنت سلطات الشرطة في كانون الثاني عام 1980 عن اكتشاف شبكة تجسس تورط فيها اثنان على الأقل من الدبلوماسيين السوفييت، فطلبت الحكومة اليابانية من الملحق العسكري السوفيتي مغادرة طوكيو فوراً، بينما ألقي القبض على جنرال ياباني سابق وبعض العسكريين العاملين في وكالة الدفاع اليابانية([12]).

6- في أيار عام 2011 قررت السلطات المصرية طرد دبلوماسي إيراني يعمل كمستشار ثالث ببعثة المصالح الإيرانية بالقاهرة من الأراضي المصرية بعد اتهامه بالعمل لحساب جهاز الاستخبارات الإيراني وجمع معلومات عسكرية وسياسية واقتصادية عن مصر أثناء الثورة([13]).

7- في تموز عام 1979 قامت السويد بطرد دبلوماسيين بولنديين بتهمة التجسس([14]).

8- قيام السلطات الكويتية عام 2011 بطرد دبلوماسيين إيرانيين متهمين بالتجسس في ظل تدهور واضح للعلاقات بين إيران وجيرانها الخليجيين، وقد ذكرت الخارجية الكويتية إن الدبلوماسيين قاما باتصالات مشبوهة لتهديد أمن البلاد والتنصت على مصالح كويتية لصالح إيران([15]).

أما عن موقف الدول التي يتهم مبعوثوها الدبلوماسيون بالتجسس فإنها غالباً لا تقف موقفاً سلبياً من ذلك، وإنما تتخذ تلك الدول إجراءات معينة ترد بها على اتهام مبعوثيها بالتجسس وعادة ما يكون الرد بنفس الطريقة وبنفس التهمة وهو ما يعرف بمبدأ المعاملة بالمثل، من ذلك نذكر على سبيل المثال:

1- قرار الحكومة الفرنسية بتاريخ 7/4/1972 بطرد السكرتير الثالث بسفارة تشيكوسلوفاكيا في باريس لاتهامه بالتجسس، فردت الحكومة التشيكوسلوفاكية بقرارها الصادر في 11/4/1972 بطرد السكرتير الثالث بسفارة فرنسا في براغ لاتهامه بالحصول على وثائق سرية([16]).

2- في عام 1971 تم طرد سكرتير أول السفارة البريطانية في اليمن الجنوبي (سابقاً) عندما اكتشف بأنه من رجال المخابرات البريطانية، وردت الحكومة البريطانية على ذلك بطرد سكرتير أول سفارة اليمن الجنوبي في بريطانيا([17]).

رغم أن التجسس يعد جريمة معاقباً عليها في القوانين الداخلية للدول، إلا أن أعمال التجسس لا تعتبر في حد ذاتها مخالفة لقواعد القانون الدولي([18]).

أما إذا جاء ارتكاب أعمال التجسس من قبل المتمتعين بالحصانات والامتيازات الدبلوماسية فرغم عدم خضوعهم للقوانين الداخلية للدول المعتمدين لديها والتي تجرم تلك الأعمال، فإن ارتكابهم لمثل تلك الأفعال يعد انتهاكاً لقواعد القانون الدولي من جهة خروجها عن نطاق الوظيفة الدبلوماسية التي يقرها القانون الدبلوماسي.

لذلك تلجأ الدول عند ثبوت ارتكاب واقعة التجسس من قبل المتمتعين بالحصانات والامتيازات الدبلوماسية إلى الوسائل التي يقرها القانون الدولي لمواجهة تلك المسألة، وبذلك فإن لثبوت واقعة التجسس الدبلوماسي آثاراً قانونية معينة سنحاول مناقشتها.على أثر ثبوت حالات التجسس في العمل الدبلوماسي، تترتب عدة إجراءات بين الدول

مما لا شك فيه إن المبعوث الدبلوماسي عندما يتجاوز واجباته وحدود وظيفته بما يهدد الأمن الوطني للدولة المضيفة، فإنه من حق هذه الدولة أن تتخذ من الإجراءات ما يكفل دفع الأخطار التي تهدد أمنها الوطني، وبطبيعة الحال فإن من أخطر ما قد يرتكبه المبعوث الدبلوماسي ويهدد به الأمن الوطني للدولة المضيفة هو قيامه بأعمال تجسسية، وإن مثل تلك الأعمال تعتبر مخالفة للقانون الدولي، وذلك ليس لوجود نصوص صريحة تمنع مثل تلك الأعمال، وإنما لكونها تقع خارج نطاق الوظيفة الدبلوماسية التي يقرها القانون الدولي، إلا أنه من الجدير بالذكر إن ذلك القانون لا يفرض أية عقوبة صريحة تجاه الدبلوماسيين، ولكن ردة فعل الدولة المضيفة تجاه أنشطة التجسس الدبلوماسي بإعلانها الدبلوماسي (المتهم بارتكاب مثل تلك الأنشطة) شخصاً غير مرغوب فيه "persona non grata" يعتبر من الإجراءات التي يسمح بها القانون الدولي تجاه المخالفات التي يرتكبها الدبلوماسيون([19])، وهو ما سنوضحه في الفقرة التالية بدراسة الأساس القانون لإعلان المبعوث الدبلوماسي شخصاً غير مرغوب فيه، ثم نتناول بعد ذلك بعض السوابق الدولية في هذا المجال.

وجدنا أن الأساس القانوني لطرد الدبلوماسيين في هذه الحالة هو حق الدولة المضيفة في حماية أمنها الوطني، وإذا كان لنا أن ندع الاعتبارات النظرية جانباً، ونتأمل المسألة في ضوء ما جرى عليه العمل بين الدول، فسوف يتبين بوضوح إن العمل الدولي قد استقر على إتباع هذا الإجراء وبشكل مكثف([20])، وخصوصاً أثناء مرحلة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، وأحياناً بشكل انتقامي عن طريق قيام الدولة الموفدة (التي يطرد دبلوماسيوها بتهمة التجسس) بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل وبنفس التهمة، وما يشجعها على ذلك إن نص المادة (9) من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية يخول لأي دولة مضيفة أن تعلن إن أي مبعوث أجنبي غير مرغوب فيه في جميع الأوقات ودون بيان أسباب قرارها([21]).

والسوابق الدولية التي اتخذت فيها مثل تلك الإجراءات كثيرة، كنا قد أتينا على ضكر بعض منها في موضع سابق من هذه الدراسة([22]) لذا سنكتفي بما ذكرناه منها سابقاً.

من خلال دراستنا لمفهوم التجسس ومدى شرعيته والعلاقة بينه وبين الحصانات والامتيازات الدبلوماسية، نخلص إلى أن التجسس الدبلوماسي عمل يتعارض مع قواعد القانون الدولي الخاصة بالحصانات والامتيازات الدبلوماسية لكونه يتعارض مع الوظائف الدبلوماسية التي أقرتها تلك القواعد، وكذلك فهو يمثل انتهاكاً لسيادة الدولة المضيفة واستقلالها وأمنها، ويعد كذلك جريمة في ظل القانون الداخلي لتلك الدولة، ومع ذلك لا يخضع المبعوث الدبلوماسي المرتكب لأعمال تجسس لقوانين الدولة المضيفة لكونه يتمتع بحصانة قضائية مطلقة.

وقد تبين من خلال هذه الدراسة كيف إن ظاهرة التجسس الدبلوماسي قد ارتبطت بشكل أساسي بمرحلة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، إلا أنها عادت وبشكل متزايد في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يدل على ضعف الإجراءات التي تضمنتها اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 في مواجهة تلك الظاهرة.

إن توجهات ال​سياسة​ الخارجية تحكمها عدة محددات، تنقسم إلى محددات داخلية وأخرى خارجية، فالمحددات الداخلية تتعلق بالبيئة الداخلية للدولة، وتتنوع هذه المحددات بدءاً من الجغرافيا ودور الموقع الجغرافي في تحديد أهمية الدولة، إلى تنوع الموارد الطبيعية وتوفرها الذي يعطي للدولة قوة اقتصادية في حال استخدامها بشكل جيد، كما يعطيها القوة والثقة بقدراتها. هذا من شأنه تجنيبها المساومات التي تواجهها في حال الضعف.

كما تؤدي المحددات الشخصية والمجتمعية والسياسية الدور المهم في توجيه السياسة الخارجية، وفقاً لأطر فكرية أو إيديولوجية، وحتى ثقافية وحضارية وتاريخية. أما المحددات الخارجية فهي في الأساس تتمحور حول النسق الدولي، من خلال تعدد الوحدات الدولية، والذي من شأنه ربط هذه الوحدات ببعضها بعضاً بشكل أكبر، كلما زاد عدد هذه الوحدات. كما أن تفاعل البنيان الدولي وترابط الوحدات الدولية، من خلال المؤسسات الدولية وما ينتج عنها من التزامات قانونية وأدبية، يساهم في توجيه السياسة الخارجية للدول.

ومما سبق ومن خلال طبيعة صنع القرار السياسي سواء الداخلي أو الخارجي، فإن هناك مؤسسات لصنع القرار السياسي، وهذه المؤسسات تنقسم إلى مؤسسات رسمية ومؤسسات غير رسمية، وبالتالي فإن هذا القرار يخضع لمؤثرات كثيرة ومن أهمها، أن يبني صانع القرار السياسي قراراته على كمية المعلومات التي يزود بها من طرف مصادر المعلومات، التي تقوم بعملها الذي يؤمن جانباً مهماً من المعرفة لدى صانع القرار، وتأتي هذه المعلومات من أجهزة المخابرات، وفق ما يحتاجه صانع القرار السياسي، وتقوم هذه الأجهزة في إنشاء قاعدة بيانات تهم صانع القرار، وبالتالي ومن خلال هذه المعلومات، تؤثر أجهزة المخابرات التابعة للدول على قرارات الساسة في دولهم.

تغير مهام ودور أجهزة المخابرات الدولية بدأ منذ سنوات عدة، فأغلب الأجهزة تطورت مهامها للعمل في دوائر من العلانية والإعلام بديلاً عن السرية والتكتم، ودخلت في مرحلة مهمة من ممارسة الدبلوماسية والاتصال بصورة مشروعة، وأن أغلب أجهزة المخابرات أصبح لها دور سياسي واجتماعي بل اقتصادي في إطار تحصين الجبهات الداخلية، وتأكيد دورها في حماية الداخل، وما يتعرض له من أي أزمات طارئة، وسيتضح لاحقاً في عصر ما بعد التهديدات فوق التقليدية التي تؤكد حقيقة أننا أمام متغيرات حقيقية، تعلن عن نفسها في المحيطين الإقليمي والدولي.

من خلال البحث في هذا الموضوع، توصلت هذه الدراسة إلى النتائج والتوصيات التالية:

النتائج:

1- خلو قواعد القانون الدولي من أي نص يعالج مسألة التجسس وقت السلم.

2- إن التجسس الدبلوماسي سلوك منبوذ يتنافى مع الأعراف الدبلوماسية والتقاليد، ولا ينسجم مطلقاً مع روح الوظائف الدبلوماسية التي أقرتها قواعد القانون الدولي، وأهمها توطيد العلاقات الودية وتنمية العلاقات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية بين الدولة الموفدة والدولة المضيفة، غير إن العمل الدولي قد أثبت وللأسف شيوع ظاهرة التجسس بشكل واسع النطاق، ولا تكاد تمر فترة دون أن تطالعنا وسائل الإعلام بخبر قيام دولة بطرد عدد من الدبلوماسيين المعتمدين لديها بتهمة التجسس.

3- خلو اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 من أي نص ينظم طريقة التعامل مع المبعوث الدبلوماسي الذي يسيء استخدام الحصانات والامتيازات الدبلوماسية التي تكفلها له تلك الاتفاقية، باستثناء منحها الدولة المضيفة الحق في إعلان المبعوث الدبلوماسي شخصاً غير مرغوب فيه في أي وقت ودون إلزامها بذكر الأسباب، وكذلك إلزام الاتفاقية الأشخاص المتمتعين بالحصانات والامتيازات الدبلوماسية بواجب احترام قوانين ولوائح الدولة المعتمدين لديها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدولة.

4- تطور أساليب التجسس الدبلوماسي بشكل متوازي مع التطور الهائل الذي أحدثته الثورة المعلوماتية والأساليب التكنولوجية الحديثة في مجال الاتصالات والمواصلات، واستفادة هذا النوع من النشاط من أحدث تلك الوسائل في خدمة هذا النوع من التجسس.

5- تمتع الدولة المضيفة بسلطة تقديرية مطلقة في تقدير ما إذا كان سلوك المبعوث الدبلوماسي المعتمد لديها يشكل عملاً تجسسياً يمثل خطراً على أمنها الوطني من عدمه، كذلك عدم وجود أي قاعدة من قواعد القانون الدولي تلزم الدولة المضيفة ببيان أسباب إعلانها الدبلوماسي المعتمد لديها شخصاً غير مرغوب فيه وإبعاده عن إقليمها. غير إن تفسير بعض الدول المضيفة للحصانات والامتيازات الدبلوماسية تفسيراً ضيقاً قد يؤثر على أداء المبعوث الدبلوماسي والقيام بأعباء وظيفته على الوجه المطلوب، وذلك نتيجةً لازدياد حالات إساءة استعمال الحصانات والامتيازات من جانب المبعوثين الدبلوماسيين بارتكاب أعمال تخل بالأمن الوطني للدول المضيفة وأخطرها التجسس، وما نتج عن ذلك من رد فعل عكسي من جانب تلك الدول والذي أدى في بعض الأحيان إلى إهدار ما يتمتع به المبعوث الدبلوماسي من حصانات وامتيازات.

6- عدم خضوع المبعوث الدبلوماسي المرتكب لأعمال التجسس في غالب الأحيان للعقاب، لكونه يتمتع بحصانة قضائية داخل إقليم الدولة المضيفة، وعدم إمكان محاكمته أمام محاكم دولته في معظم الأحيان لأنه في الغالب إنما يمارس أعمال التجسس في الدولة المضيفة لصالح دولته وبإذن منها. كما إن العمل الدولي قد أثبت إن الدول المضيفة التي تكون ضحية التجسس الدبلوماسي لا تلجأ في العادة إلى المحاكم الدولية لمقاضاة الدول التي يثبت ارتكاب ممثلوها الدبلوماسيون المعتمدون في تلك الدول لأعمال تجسس، وإن الدول المضيفة في هذه الحالة تكتفي بالإجراءات الفردية كإعلان المبعوث الدبلوماسي شخصاً غير مرغوب فيه وطرده، كما قد تلجأ إلى إجراءات أخرى كمطالبة دولة الدبلوماسي بتخفيض حجم البعثة الدبلوماسية المعتمدة لديها أو القيام بقطع العلاقات الدبلوماسية في حالات نادرة.

7- عدم التعامل على مستوى واحد مع الموظفين الدوليين الذين يتهمون بارتكاب أعمال تجسس، والتفرقة بين طائفة كبار موظفي المنظمة وغيرهم من الموظفين، فبالنسبة للطائفة الأولى تكتفي دولة المقر - كما هو الحال مع المبعوثين الدبلوماسيين - بإعلانهم أشخاص غير مرغوب فيهم وإجبارهم على مغادرة أراضيها، بينما تقوم غالباً بتقديم موظفي الطائفة الأدنى للقضاء في حال ارتكابهم لأعمال تجسس تمس أمن دولة المقر وترفض شمول حصانتهم لمثل تلك الأعمال.

التوصيات:

1- في ظل خلو القانون الدولي من قواعد تعالج مسألة التجسس وقت السلم، ومع عودة تزايد أنشطة التجسس الدولي بأوجه حديثة، بعد أن بلغت ذروتها بالأوجه التقليدية إبان فترة الحرب الباردة، ومع بلوغها حداً خطيراً مع بداية هذا القرن، وقيام العديد من الدول بتبرير ممارستها لأنشطة التجسس بعدة مبررات أهمها مكافحة الإرهاب الدولي وحماية الأمن القومي، تبرز في هذه المرحلة أهمية عقد مؤتمر دولي لمناقشة سبل مكافحة التجسس والعمل على تحريم ممارسة أنشطته دولياً.

2- نقترح قيام الجمعية العامة للأمم المتحدة بتكليف لجنة القانون الدولي لإعداد مشروع مواد تخص موضوع التجسس وقت السلم.

3- إن الحصانات والامتيازات الدبلوماسية قابلة للتطور والتبدل وفقاً لتغير الظروف والبيئة التي تمارس فيها، وبعد نصف قرن على تنفيذ اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، ونتيجة للتغيرات السياسية التي طرأت على المجتمع الدولي، وفي ظل التطور التكنولوجي الهائل والثورة المعلوماتية التي غيرت وجه العالم، ظهرت الكثير من المستجدات التي لم تكن سائدة وقت إبرام تلك الاتفاقية، كما إن التطبيق الدولي منذ سريان تلك الاتفاقية وحتى يومنا هذا أظهر العديد من أوجه النقص في تلك الاتفاقية ومن أهمها مسألة كيفية مواجهة إساءة استعمال الحصانات والامتيازات الدبلوماسية من قبل المتمتعين بها في ارتكاب أعمال تمس الأمن الوطني للدولة المضيفة وأهمها القيام بأنشطة تجسس، فضرورة وجود نص صريح ي عالج مثل تلك المسألة وغيرها يدعو إلى إعادة النظر في تلك الاتفاقية، سواء بإبرام اتفاقية جديدة أو على الأقل الاتفاق على تعديل الاتفاقية السارية ومعالجة جميع أوجه النقص فيها.

4- ضرورة تطبيق الإجراءات الواردة في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية بشكل صارم، الأمر الذي يعكس الاتجاه الدولي الحديث الذي يدعو إلى ضرورة تقييد الحصانات والامتيازات الدبلوماسية ذات الطبيعة المطلقة لغرض مواجهة مشكلة التعسف في استعمالها بأعمال تجسس من خلال مجموعة إجراءات منها تشديد الرقابة على البعثات الدبلوماسية.

5- عدم السماح لأي مبعوث دبلوماسي تم إعلانه شخصاً غير مرغوب فيه في دولة ما باعتماده في دولة أخرى، وهذا الإجراء يتطلب نوعاً من التنسيق والتعاون بين جميع الدول.

6- ضرورة قيام المسؤولية الدولية الموفدة للمبعوث الدبلوماسي الذي يثبت ارتكابه أعمال تجسس، فمن المعلوم أنه إذا ضبط المبعوث الدبلوماسي وهو يمارس أعمال تجسس فلا يمكن متابعته أمام قضاء الدولة المضيفة بسبب حصانته الدبلوماسية، ولذا فإن مسؤولية الدولة الموفدة تضل قائمة في ظل القانون الدولي عن أعمال التجسس التي ارتكبها مبعوثها الدبلوماسي باعتباره عملاً غير مشروع، وتستند هذه المسؤولية إلى اعتبار الأعمال الرسمية التي يقوم بها المبعوث الدبلوماسي بمثابة أعمال صادرة عن الدولة باعتبار أن المبعوث الدبلوماسي ممثل لدولته، وإن المستفيد الحقيقي من أعمال التجسس التي يمارسها المبعوث الدبلوماسي هي دولته الموفدة.

7- ضرورة وجود نظام خاص للتعامل مع الموظفين الدوليين الذين يتهمون بارتكاب أعمال تجسس.

([1]) لحرش، عبد الرحمن، (2003). التجسس والحصانة الدبلوماسية، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، العدد الرابع، السنة 27، ص 180.

([2]) بركات، جمال (1985). الدبلوماسية ماضيها وحاضرها ومستقبلها، مطابع الفرزدق، الرياض، ص 253.

([3]) لحرش، عبد الرحمن، التجسس والحصانة الدبلوماسية، المرجع السابق، ص 178.

([4]) المرجع السابق، ص 180-181.

([5]) بركات، جمال، الدبلوماسية ماضيها وحاضرها ومستقبلها، المرجع السابق، ص 261-262.

([6]) راجع المادة (3) من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961.

([7]) لحرش، عبد الرحمن، التجسس والحصانة الدبلوماسية، المرجع السابق، ص 183-184.

([8]) جريدة القدس العربي، العدد (3688)، 23 مارس آذار، 2001.

([9]) بركات، جمال، الدبلوماسية ماضيها وحاضرها ومستقبلها، المرجع السابق، ص 252.

([10]) قطيشات، ياسر نايف، البعثات الدبلوماسية بين الضمانات ومقتضيات الأمن الوطني، المرجع السابق، ص 327.

([11]) السنيدار، عصام علي، البعثة الدبلوماسية بين الحصانة ومقتضيات الأمن الوطني، المرجع السابق، ص 108.

([12]) بركات، جمال، الدبلوماسية ماضيها وحاضرها ومستقبلها، المرجع السابق، ص 252.

([13]) قطيشات، ياسر نايف، البعثات الدبلوماسية بين الضمانات ومقتضيات الأمن الوطني، المرجع السابق، ص 328.

([14]) بركات، جمال، الدبلوماسية ماضيها وحاضرها ومستقبلها، المرجع السابق، ص 251.

([15]) قطيشات، ياسر نايف، البعثات الدبلوماسية بين الضمانات ومقتضيات الأمن الوطني، المرجع السابق، ص 327.

([16]) الملاح، فاوي، سلطات الأمن والحصانات والامتيازات الدبلوماسية، المرجع السابق، ص 111.

([17]) السنيدار، عصام علي، البعثة الدبلوماسية بين الحصانة ومقتضيات الأمن الوطني، المرجع السابق، ص 111.

([18]) حافظ، مجدي محب، الحماية الجنائية لأسرار الدولة، المرجع السابق، ص 238.

([19]) Forcese, Craig, Spies Without Borders, ibid, p. 200.

([20]) الملاح، فاوي، سلطات الأمن والحصانات والامتيازات الدبلوماسية، المرجع السابق، ص 105.

([21]) لحرش، عبد الرحمن، التجسس والحصانة الدبلوماسية، المرجع السابق، ص 192.

([22]) راجع ص ... ... ... من هذه الدراسة.