في ظلّ الجمود المستمرّ على خطّ الاستحقاق الرّئاسي، أكّدت مصادر سياسية عاملة على خط التوافق الرئاسي لصحيفة "الجمهورية"، أن "لا سبيل داخلياً لأي انفراج، وأي كلام عن إمكان صياغة تفاهم او توافق على رئيس للجمهورية، كان ولا يزال بلا قيمة له على الإطلاق. وكل المحاولات الداخلية، والجهود والمساعي التي أُبديت في هذا السبيل، كانت محكومة بالفشل المسبق، حيث لم يتأتَّ منها سوى التعب لا أكثر".

وأشارت إلى أنّه "يجب ان نعترف انّ رافضي التوافق، نجحوا في جعل تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية امراً واقعاً تصعب فكفكته، ولذلك جمّدت تلك المحاولات، وتعطّلت نهائياً لغة الكلام الجدّية حول الملف الرئاسي، وأي اتصالات تجري هنا او هناك، لا تتسمّ بالجدّية، حيث لا تعدو اكثر من دردشات لا تقدّم ولا تؤخّر".

التعايش مع التعطيل

في السياق ذاته، نعى مصدر مسؤول، عبر "الجمهورية"، "أي فرصة اختراق ايجابي على الطريق الرئاسي"، مشدّدًا على أنّه "صار من الواجب الاعتراف بأنّ الأفق الرئاسي صار مسدوداً بالكامل وبصورة نهائية".

وعمّا إذا كان يعني بكلامه انّ الانتخابات الرئاسية قد طارت نهائياً، تساءل: "هل ثمة ما يؤكّد عكس ذلك؟"، موضحًا "أنّني اقول بصراحة انّ علينا الّا نغش أنفسنا بالرهان على اتفاق مستحيل، بل يجب ان نصارح اللبنانيين بحقيقة انّه لم تعد ثمة إمكانية داخلية على الإطلاق لحسم الملف الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق، ولذلك اقول آسفاً، انّ علينا ان نتعايش مع التعطيل، وإلى أجل غير مسمّى، يُخشى ان يكون بعيداً جداً".

وركّز المصدر على "أنّني لا أغفل في كلامي انّ كل الاحتمالات ممكنة، وفي اي لحظة، ولكن في الوضع الذي نحن فيه، بدل ان يتكتل البعض حول مصلحة البلد، تكتلوا للتعطيل، ونجحوا في تخريب المسار الرئاسي ومنع انتخاب رئيس الجمهورية"، مبيّنًا أنّ "البلد يدفع ثمن الوضع الشاذ الذي يعانيه على كل مستوياته وحتى على كل سلطاته، ما يعني انّ البلد يخسر، وكلما طال الأمر سيكون حجم المرارات اكبر، والخسارات اكثر. أما الخاسر الأكبر في هذا الوضع المعطّل فهم المسيحيّون، والموارنة منهم على وجه الخصوص، بانتفاء دور وحضور موقعهم الأول في الدولة".

وعمّا إذا ثمة مبادرات يمكن ان تُطلق لتصويب المسار، ذكّر بأنّه "سبق لرئيس مجلس النواب نبيه بري ان بادر ودعا إلى حوار للتوافق، على اعتبار انّه السبيل الوحيد لإنقاذ رئاسة الجمهورية وانتخاب رئيس، وكذلك جرّب رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، وفشلت كل المحاولات. وأنا مقتنع انّ التوافق بين الأفرقاء السياسيين في الداخل غير ممكن ابداً، هو ممكن فقط في حالة وحيدة، أي عندما تتغيّر النفسيّات، وأن تتغيّر النفسيات أمر من عاشر المستحيلات".

هل ثمة ايجابيات؟

إذا كان الملف الرئاسي قد استعصى داخلياً، ويبدو وكأنّه يقرّب المشهد اللبناني إلى تصعيد كبير، الّا انّ مصادر دبلوماسية من باريس أكّدت لـ"الجمهورية"، تعليقًا على ما يتردّد عن مخاوف جدّية على الوضع في لبنان، أنّ "وضع لبنان ليس سليماً، ويزداد صعوبة جراء عدم انتظام مؤسساته، والانهيارات المتتالية في اقتصاده، ومن هنا جاء اجتماع باريس ليحدّد للبنانيين المسار الذي ينبغي سلوكه لتجاوز هذه الأزمة، وهو بالتالي أسس لخطوات تالية ولاحقة".

وشدّدت على أنّ "أصدقاء لبنان وفرنسا، ملتزمون بحماية الإستقرار في لبنان، واكّدوا حرصهم على مساعدة اللبنانيين في توفير فرص الانتعاش له، ما يعني انّ الملف اللبناني ما زال مفتوحاً خارجياً على المتابعة الحثيثة، وخلق إيجابيات يتأسس عليها انفراج في الملف الرئاسي، بمساعدة مختلف القوى السياسية في لبنان".

الحراك الإقليمي

على خطٍ موازٍ، أعربت مصادر سياسية واسعة الاطلاع، عبر "الجمهوريّة"، عن "تفاؤل حذر من الحراك الجاري على مستوى المنطقة"، مفيدةً بأنّ "الحراك المتسارع على اكثر من خط في المنطقة، تُشتمّ منه نوايا جدّية لإخماد بعض الحرائق التي اشتعلت على مدى سنوات طويلة، بدءاً بملف حرب اليمن والهدنة التي بدأ سريانها، وإعلان السعودية عن وديعة بمليار دولار، إلى الملف السوري والانفتاح العربي غير المسبوق في سنوات الأزمة، وليونة اوروبية وغربية تجاه دمشق، ووزراء عرب بدأوا بالتوجّه نحو سوريا، والرئيس السوري بشار الاسد فجأة في عُمان، وبعده وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان، والملف النووي الايراني يقارب بجدّية ووتيرة متسارعة في الغرف المغلقة... كل ذلك يبدو وكأنّه يسير بمسار ايجابي، ليس على الدول المعنية به، بل على كل دول المنطقة، ولبنان جزء من هذه المنطقة؛ حيث لا بد ان تلفحه الايجابيات".

ملف حاكم "المركزي" يخرج من حلبة "المنازلات السياسية"

أشارت صحيفة "الشّرق الأوسط"، إلى أنّ "ادعاء المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش على حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، عكس "طمأنينة" مصرفية لإعادة توجيه الدعاوى "بالاتجاه الصحيح خارج الاعتبارات الكيدية"، في تلميح إلى تدخل سياسي في الملف، وسط تقديرات لدى "التيار الوطني الحر" بأن هذا الاستعجال يسابق التحقيقات القضائية الأوروبية".

وأوضحت مصادر مصرفيّة لـ"الشرق الأوسط"، أنّ "الادعاء على سلامة، تمهيداً لاستجوابه أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، هو إجراء طبيعي ضمن مسار القضية التي وصلت إلى المحاكم منذ سنتين"، مفسّرةً أنّ "الاطمئنان في هذا التطور، يعود إلى أن الملف بات بعهدة مرجعية قضائية محددة، وصاحبة صلاحية في الملف، وهي مرجعية موثوقة"، في إشارة إلى النيابة العامة التمييزية.

وركّزت على أنّ ذلك "يعني أن ملف سلامة بات بعيدًا عن الكيدية السياسية، في وقت يجب ألا يحمل المسار كيديات وحسابات سياسية"، مؤكّدةً "أنّنا ننتظر كلمة القضاء، والآن يمكن القول إن هذا الملف القضائي تم تحييده عن ال​سياسة​، في ظل الشكاوى المتراكمة وتطورات القضية نفسها في المحاكم اللبنانية".