مع ترقّب الأوساط السّياسيّة هذا الأسبوع، لتفاعل إعلان رئيس مجلس النّواب نبيه بري قبل أيّام، ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، رسمت أوساط سياسية مراقبة لصحيفة "الجمهورية"، مشهد "الاستعصاء الرئاسي كالآتي:

- أولاً، على المستوى الخارجي، من الواضح انّ الخارج غير قادر على الدفع في اتجاه تحقيق اي اختراق رئاسي، لأنه غير قادر على الضغط على الكتل النيابية. وقيل ان مشاركة قطر في اللقاء الخماسي الباريسي كان الهدف منها التواصل مع طهران، على اعتبار انها الوحيدة التي ما زالت تتواصل مع ايران بفعل التوتر الايراني- الاوروبي والايراني- الخليجي والايراني- الاميركي، ولكن حتى الآن لا يمكن الكلام عن اي اختراق خارجي، باستثناء الكلام الدبلوماسي المعهود لجهة ضرورة إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان؛ انطلاقاً من المصلحة الخارجية للحفاظ على الاستقرار اللبناني.

- ثانياً، على المستوى الداخلي، تبدو المعارضة من جهة غير قادرة على توحيد صفوفها من اجل تبنّي مرشح واحد، ومن جهة اخرى النائب ميشال معوض غير قادر على تحقيق الرقم 65. وفي المقابل فريق الموالاة ايضا في ظل انقسامه بين "التيار الوطني الحر" وبين ثنائي "حزب الله" وحركة "أمل"، غير قادر على ايصال مرشحه الى الـ 6. وبالتالي ما بين المشهد الخارجي والمشهد الداخلي هناك انسداد في الافق الرئاسي".

واعتبرت أنّ "هذا المشهد يمكن ان يستمر الى فترة طويلة، لأن الخارج غير قادر على التأثير، والداخل في حال استمر على تموضعه بين موالاة تصرّ على مرشحها وبين معارضة تتمسّك بمرشحها، بالتالي فإن الامور ستراوِح الى فترة طويلة. في هذا الوقت، يتوالى الانهيار فصولا، ويزداد التردي الاجتماعي والمعيشي والاقتصادي والمالي".

وأوضحت الأوساط أنّ "للخروج من هذا المأزق الرئاسي، وفي حال كان الحوار متعذراً في اعتبار ان المعارضة ترفض انعقاد طاولات حوار، لا بدّ من حركة شبيهة بالتي قام بها رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، من أجل طرح أسماء جديدة، كون الاسماء التي طرحها جنبلاط من قائد الجيش الى صلاح حنين وجهاد ازعور، لا يبدو انها نالت موافقة ايّ من القوى الموجودة، وبالتالي لا بد من فريق يقف على مسافة واحدة من المعارضة والموالاة ويقوم بدور ما، وعرض اسماء جديدة لعلّها تشكل مساحة مشتركة بين الكتل النيابية، لأن خلاف ذلك تبقى المرحلة مرحلة عض اصابع، وعض الاصابع بين الموالاة والمعارضة يدفع ثمنه الشعب اللبناني".

وأكّدت أنّه "يجب الخروج من عض الاصابع نحو ملامح مشتركة لرئيس جمهورية، بمرشح رئاسي ينال ثقة الفريقين المنقسمين لكي يستعاد الانتظام المؤسساتي، وخلاف ذلك يُبقي الاوضاع على تدهورها، وهذا يشكل خطراً على مستقبل الواقع السياسي في لبنان".

حلالمجلس

أشارت أوساط مواكبة للملف الرئاسي لـ"الجمهورية"، إلى ان "الاصطفافات الحالية في المجلس النيابي المشتّت، قد لا تسمح له بانتخاب رئيس الجمهورية حتى انتهاء ولايته، ما لم تحصل تنازلات متبادلة، تُفضي الى التوافق بين الكتل على اسم يستطيع على الاقل تأمين نصاب الـ86 صوتاً للحضور ونصاب الـ65 صوتاً للفوز"، مركّزةً على أنّه "اذا أصرّ البعض على مواصلة ضرب رأسه في الحائط، فإنه ربما يجب البحث حينها في خيار حل المجلس".

موفد الراعي

في موازاة الحراك السياسي المتصل بالاستحقاق الرئاسي، يواصِل موفد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المطران طوني بو نجم، جولاته على القادة المسيحيين، ويلتقي بعد ظهر اليوم قيادة حزب "الكتائب اللبنانية"، بعدما بدأ منتصف الاسبوع جولة ثانية على القيادات المسيحية، التي تستهدفها مبادرة البطريرك في شأن الاستحقاق الرئاسي.

وتعليقاً على مجموعة التسريبات التي تناولت مصير هذه المبادرة البطريركية، والحديث عن إمكان توجيه دعوة الى لقاء ماروني موسّع، لفتت مصادر مطلعة على اجواء بكركي لـ"الجمهورية"، إلى أن "مثل هذه السيناريوهات لن تؤخر ولن تقدم في ما يقوم به موفد الراعي وما يريده سيّد الصرح منها".

واضافت: "إن التسريبات المتناقضة التي حفلت بها وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لا تستدعي اي رد او توضيح، لأنّ للبطريركية موقفاً لا يمكن ان تتردد في اعلانه عند صدوره ايّاً كان شكله ومضمونه، ولن يصدر قبل الوقت المناسب، وهو قرار يتخذه البطريرك ولا داعي للتكهّن بما يمكن ان يصدر وان الايام المقبلة ستثبت ذلك".

حالات الانتحار

أفادت "الجمهوريّة"، بأنّ "مرجعًا سياسيًّا كبيرًا أبدى قلقه من تزايد حالات الانتحار اخيراً، وطلب من مساعديه تفاصيل حول كل حالة، لمعرفة ما اذا كان الفقر هو الدافع الوحيد الى الانتحار، ام له أسباب أخرى".

على صعيد آخر، أعرب المرجع عن استغرابه "كيف أن الحكومة لم تبادر الى اتخاذ اي موقف او إجراء حيال "الفخ" الذي نُصب لمواطنَين لبنانيين في رومانيا، حيث تم توقيفهما ونقلهما الى الولايات المتحدة، من دون أن يبدر حتى الآن رد فعل من الحكومة اللبنانية، التي يجب أن تكون معنية بمصير جميع مواطنيها".

إجتماعات ومطالب

كشفت مصادر حكومية لـ"الجمهورية" أنّ "سلسلة من الاجتماعات ستخصّص هذا الأسبوع، لاستكمال البحث في تأمين الحوافز التي تقرر اعتمادها تلبيةً لمطالب اساتذة التعليم الرسمي، الذين سيعودون بنحوٍ محدود اليوم الى صفوفهم في بعض المدارس، بعدما فشلت المساعي والعروض الجديدة لوزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي من إرضاء جميع روابط الأساتذة".

وبيّنت أنّ "جلسات مالية متواصلة ستُعقد بدءاً من اليوم، سعياً الى مجموعة من الإجراءات التي قد قد تشكّل حلحلة متوقعة على غير صعيد، أقلّه في المدى المنظور"، مع اعترافها بأنّ "ما يمكن القيام به وما تتخذه الحكومة من إجراءات ضرورية وملحّة، ليس سوى محاولة للتقليل من حجم الأضرار الناجمة عن الفوضى السياسية، وعجز القوى السياسية عن التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية قبل أي أمر آخر".

وشدّدت المصادر على أنّ "هذه الحكومة سترعى كل الخطوات التنسيقية التي ستبدأ من اليوم، لضبط أعمال التهريب وضبط أعمال سرقة التيار الكهربائي في عدد من مناطق البقاع والشمال والجنوب وأحياء من بيروت، وفق خطة مبرمجة بطريقة سرية غير مُعلن عنها سابقاً، لضبط الوضع في مناطق تشكّل ثلث المناطق التي يغذيها إنتاج مؤسسة كهرباء لبنان من طاقتها، والتي سجلت فيها اعمال اعتداءات على الشبكة بطريقة غير شرعية تؤدي الى هدر إنتاجها".

ذكرت صحيفة "الشّرق الأوسط"، أنّ "راعي أبرشية أنطلياس المارونية المطران أنطوان أبو نجم، مكلفا من البطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ جولة ثانية على القيادات المسيحية، سعياً للتوصل لاتفاق بينهم على اسم أو اسمين، يتم بهما خوض انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية التي تدور منذ أشهر في حلقة مفرغة".

وعلمت "الشرق الأوسط" أن "أبو نجم عرض على رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وعلى رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، اللذين التقاهما نهاية الأسبوع الحالي، مجموعة من الأسماء التي تؤيد بكركي ترشيحها، كي يختارا منها اسماً أو اسمين، على أن يعرض هذه المجموعة أيضاً على رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية ورئيس حزب "الكتائب اللبنانية" النّائب سامي الجميل في الساعات المقبلة".

وفسّرت مصادر معنية بالحراك الحالي، للصحيفة، أنّ "بكركي تسعى من خلال هذه الخطوة، للتوصل لتحديد أسماء تشكل تقاطعاً بين مختلف القوى يمكن اعتماد أحدها كمرشح رئاسي يكون الأكثر حظوظا"، مبيّنةً أنّ "بعد انتهاء الجولة الثانية وتقييم نتائجها، سيقرر الراعي الخطوة اللاحقة، وما إذا كانت ستكون اجتماعاً للقيادات في مقر البطريركية للإعلان عن توافق ما تحقق".

من جهتها، وضعت مصادر "القوات"، في تصريح إلى "الشّرق الأوسط"، حراك المطران أبو نجم "الجيد والمبارك"، في خانة "تطوير الأفكار، للتوصل لخرق في جدار الأزمة الرئاسية"، لافتةً إلى إبلاغ قيادة "القوّات" القوى المعنية بمواقف واضحة، مفادها "أننا نرفض أي لقاء رباعي مسيحي، لأننا في أزمة وطنية لا مسيحية، ونحن نربط أي لقاء نيابي للنواب المسيحيين الـ64 بآلية تؤدي لخروج اللقاء بنتيجة علنية بتبني مرشح واحد، كما رفض أي رئيس من 8 آذار وأي رئيس بلا طعم ولا لون؛ لأن المطلوب تعبئة الفراغ برئيس قادر على الإنقاذ وليس بأي رئيس".

وتابعت المصادر: "أما إذا أصرت الكنيسة على الدعوة لاجتماع، فتكتل "الجمهورية القوية" برئاسة جعجع إما أن يقرر المشاركة ويستعرض أسبابها الموجبة، أو المقاطعة مع أسبابها".

بدورها، أكّدت مصادر مطلعة على موقف بكركي، أن "البطريرك حريص على أن تبقى الطابة الرئاسية في الملعب المسيحي، لكنه في الوقت عينه لن يجازف بالدعوة لاجتماع في البطريركية، إذا لم يكن متأكدا مسبقا من أنه سيكون منتجا"، معتبرةً أن "البلد، كما البطريركية، لا يحتمل مزيدا من الإخفاقات، والمطلوب الخروج من هذه الدوامة بأسرع وقت ممكن؛ من خلال المسارعة لانتخاب رئيس يضع البلد على سكة الإنقاذ".