في الوقت الراهن، لا تزال غالبية الأفرقاء تبحث في التداعيات التي من الممكن أن تنجم عن "القنبلة" التي كان قد فجرها رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ الأسبوع الماضي، لناحية الإعلان الرسمي عن تبنّي ترشيح رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​ لرئاسة الجمهورية، بالتزامن مع قطع الطريق أمام ترشيح قائد الجيش ​العماد جوزاف عون​، بحجّة عدم توفر القدرة لإجراء تعديل دستوري يفتح الباب أمام إنتخابه، رافضاً تكرار ما حصل، في العام 2009، مع الرئيس السابق ميشال سليمان.

بعيداً عن السجالات السّياسية، التي تلت مواقف رئيس المجلس النيابي، هناك معادلة لا يمكن تجاوزها، تكمن بأنّ أيّ مرشح من الأساسيين لا يملك، حتى الآن، أكثرية 65 صوتاً لإنتخابه، قبل البحث في كيفيّة تأمين نصاب جلسة الإنتخاب التي تتطلب حضور 86 نائباً، في حين كانت العديد من الجهات قد رفعت سلاح تعطيل النصاب، لمنع وصول هذا المرشح أو ذاك.

في هذا السياق، تنطلق مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، في قراءة الوقائع الراهنة من معادلة أن كل ما حصل يؤكّد أن أفق الحلّ أو التسوية مقفل على المستويين الداخلي والخارجي، بسبب الفيتوات المتبادلة حول فرنجية وعون، وبالتالي ليس هناك، من الناحية العمليّة، ما يمكن الركون إليه للحديث عن إقتراب موعد إنجاز ​الإستحقاق الرئاسي​، بل على العكس هناك ما يرجح أن يمتد الفراغ لفترة أطول، بالرغم من أن الجميع يتحدث عن عدم احتمال البلاد للمزيد من المماطلة أو التأخير.

على الرغم من ذلك، تشدد هذه المصادر على أن ما بعد رفع سقف المواجهة من قبل قوى الثامن من آذار، عن طريق رئيس المجلس النيابي، لن يكون كما قبله، على إعتبار أن برّي ما كان ليقدم على مثل هذه الخطوة، التي كانت رسالة بعد ما كان قد سُرب عن نتائج مؤتمر باريس الخماسي، لو لم يكن لديه معطيات معيّنة، وهو ما لا يمكن أن ينفصل أيضاً عن واقع أن أمين عام "​حزب الله​" السيد حسن نصرالله كان قد سبقه في هذا المسار، لكنّه قرّر أن تكون رسالته إلى ​الولايات المتحدة​ تحديداً.

بناء على ما تقدم، قد يكون السؤال المنطقي الذي من المفترض أن يطرح هو عن الخطوة أو الخطوات المنتظرة من قبل غالبية اللاعبين المؤثرين في الساحة اللبنانية، نظراً إلى أن الأمور من المستبعد أن تبقى، من وجهة نظر البعض، على ما هي عليه اليوم في الفترة المقبلة.

في هذا السياق ترى المصادر السياسية المتابعة، انه من الممكن الحديث عن مجموعة من السيناريوهات المحتملة، التي من الصعب ترجيح أحدها على الآخر بسبب التعقيدات القائمة، الأول هو إنتظار التسوية الخارجيّة التي يُرجّح أن تأتي بناء على تطورات إقليمية، سواء على مستوى الحوار ​السعودي​ الإيراني أو على مستوى الحوار السعودي السوري، أما الثاني فهو إنتظار تطور ما على الصعيد الداخلي (صدمة) يقود، إنطلاقاً من تطورات تدفع الأفرقاء الداخليين إلى تقديم تنازلات أو تقود الجهات الخارجيّة الفاعلة إلى التدخل بشكل أكبر، إلى التسوية.

بالإضافة إلى هذين السيناريوهين، تشدد هذه المصادر على أنه لا يمكن تجاهل سيناريو آخر، يقوم على معادلة بقاء الأوضاع على ما هي عليه، الأمر الذي قد يعني الإنتظار لفترة أطول من المتوقع، من دون أن يكون لذلك تداعيات كبيرة على الأوضاع الإقتصادية أو الإجتماعية أو الأمنية خصوصاً، أو التصعيد من قبل أحد الأفرقاء، الذي سيكون تحت عنوان المواجهة بالدرجة الأولى، على قاعدة أنّ الآخر لا يريد الذهاب إلى الحلّ، بالرغم من أنّ هذا المسار مستبعد في المرحلة الحالية.

في المحصلة، إستمرار الفراغ هو العنوان الأكثر رواجا في المرحلة الراهنة، بإنتظار حصول معجزة داخلية أم خارجية، تقود إلى كسر حالة الجمود القائمة، أما في الفترة الفاصلة فإن الجميع سيسعى إلى كسر المعادلات القائمة عبر العديد من الخطوات، قد يكون ما أدلى به رئيس المجلس النيابي من ضمنها.