بعد إعلان "الثّنائي الشّيعي" دعمه ترشيح رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجية لرئاسة الجمهوريّة، ما أطلق مرحلةً جديدةً على مستوى الاستحقاق الرئاسي، أشار مصدر سياسي مواكب لحركة الاتصالات على هذا الصّعيد، في حديث إلى صحيفة "الجمهوريّة"، إلى أنّ "الجميع بات مسلّماً حالياً بأنّ الخرق السعودي هو الحجر الكبير الذي يمكن ان يحرّك المياه الراكدة، عَدا ذلك "ما في مرحبا"، كاشفًا أنّ "المحركات اطفأت داخلياً وخارجياً الى وقت محدد يتوقع ان يمتد لشهرين، حتى انّ التصنيف المتفجّر الذي كان ينتظره لبنان مسودته من منظمة الـ"fatf" منتصف آذار، تأجّل الى اواخر ايار من دون ان يعرف السبب".

ثلاثة سيناريوهات

في غضون ذلك، رسمت اوساط سياسية معارضة، عبر "الجمهورية"، 3 سيناريوهات للاستحقاق الرئاسي والخروج من هذا الاستعصاء، هي:

- السيناريو الاول: هو سيناريو 2008 على أثر احداث 7 ايار واتفاق الدوحة، الذي حصل بموجبه اتفاق على رئيس جمهورية، حكومة، قانون انتخاب، ولسنا اليوم في ظرف تكرار سيناريو من هذا القبيل، في اعتبار ان لا حداث مثل 7 ايار الا اذا حصلت؛ ولا تدخل دولياً في هذا الاتجاه لدعوة اللبنانيين الى مؤتمر خارجي.

- السيناريو الثاني: هو سيناريو 2016، حيث وضع "حزب الله" معادلة "عون أو لا أحد"، وكان رئيس الجمهورية السابق ميشال عون طبعاً لديه حيثية مسيحية، وأدّت في نهاية المطاف الامور وتعقيداتها وتطوراتها الى انتخابه في 2016. ولسنا اليوم في معرض تكرار هذا السيناريو مع سليمان فرنجية، في اعتبار انّ فرنجية ليس لديه الاكثرية النيابية، فهناك الاكثرية المسيحية المُمانعة غير موحدة، رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل هو حليف "حزب الله" ضد وصول فرنجية، موقف السعودية أثّر على النواب السنّة، المعارضة متفقة على أمر واحد هو عدم وصول مرشح مُمانع، ميزان القوى الداخلي لا يسمح بوصول مرشح ممانع، فضلاً عن ان عامل الوقت هذه المرة ثمين خلافاً للـ2016- 2014 بسبب الانهيار المالي؛ وبالتالي لا يستطيع ان يتحمّل اي فريق مزيدا من الفوضى والانهيار والشلل.

- السيناريو الثالث: أن تصل المكونات السياسية على اختلافها الى اقتناع بأنّ هناك استحالة لوصول اي من المرشحين الثلاثة الاساسيين المطروحين النائب ميشال معوض وسليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون، بسبب الفيتوات المتبادلة الموجودة. وبالتالي، للخروج من هذا الاستعصاء، يجب الذهاب الى اسماء جديدة تتقاطع حولها الكتل النيابية وتكون قادرة على اخراج لبنان من ازمته، وإلّا سيُصار إمّا الى التمديد للأزمة بطريقة غير مباشرة؛ وإمّا الى البقاء في مستنقع الشغور وفصوله المتمددة على كل المستويات".

هل يزور ميقاتي بكركي؟

كشفت مصادر مطّلعة لـ"الجمهوريّة"، أنّ "رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي التقى امس السفيرة الفرنسية آن غريو، يسعى الى زيارة البطريرك الماروني بداية الاسبوع المقبل، وسط معلومات تتحدث عن اتصالات تمهيدية لإزالة الملاحظات التي سجلتها دوائر بكركي منذ حديثه عن عدد المسيحيين في لبنان والأردن ودول الشرق الاوسط، والتي نسبها الى بكركي".

إضراب مصيري؟

على وقع إعلان حمعية مصارف لبنان العودة الى الاضراب بدءاً من الثلثاء المقبل، أفادت المعلومات بأنّ "المصارف تخوض المواجهة على اساس انّ مصيرها على المحك، وبات واضحاً انّ ما يجري في ظل الغياب المتعمّد للدولة، قد يؤدّي الى انهيار القطاع المصرفي بكامله. وهذا ما يفسّر ان تتجه المصارف الى الاضراب، على رغم من علمها المُسبق بأنه يزيد النقمة الشعبية عليها، لكنّ اداراتها تعتبر ان لا بد من تَجَرُّع الكأس المُرّة، لأن البديل هو استمرار الوضع على ما هو عليه، والذي يعني ان المصارف سوف تبدأ في الافلاس، الواحد تلو الآخر".

في السياق، ركّزت مصادر مصرفية لـ"الجمهورية"، على أنّ "المواجهة لم تعد تتعلق بمعالجة مشكلة معينة، بمقدار ما أصبحت تتعلق بمصير المصارف والمودعين ومستقبل الاقتصاد"، مشدّدةً على أنّ "على الدولة ان تحسم امرها وتقرر ماذا تريد. اذا واصلت ​سياسة​ ادارة الظهر للأزمة، فهذا يعني انها تسعى عن قصد او اهمال الى تدمير القطاع المصرفي. اما اذا كانت لا تريد الوصول الى هذا الوضع، فعليها ان تتحمّل مسؤولياتها وأن تبادر الى ايجاد حلول جذرية، ليس لمطالب محدّدة تطرحها المصارف، بل أيضاً للأزمة بشموليتها والتي تهدّد مصير الوطن ومستقبله ومستقبل اللبنانيين".

حديث الإفلاس

اعتبر مصدر مالي رفيع المستوى، لـ"الجمهورية"، أنّ "الحديث عن اعلان المصارف افلاسها بسبب فقدان السيولة، هو استخفاف بعقول الناس، فالافلاس لا يحصل هكذا بين ليلة وضحاها، او بمجرد اعلان هو حتماً تمنيات المصارف للتنصّل من المسؤولية، فهذا الامر يحتاج الى وقت واجراءات تدريجية ومعقدة في مكان ما؛ وهذا الامر ليس مطروحاً حالياً".

وعن تزامن ما يتردّد حول الإفلاس مع توقّف منصة "صيرفة" والارتفاع الجديد في سعر الدولار، أوضح المصدر أنّ "هذا سياقًا طبيعيًّا للأزمة التي سنبقى فيها نعاني من مد وجزر، والجميع كان يعلم انّ إبر البنج او اجراءات الترقيع التي يتخذها مصرف لبنان المركزي لن تدوم طويلاً".

مَن صاحب "بيضة القبان" الرئاسية؟

ذكرت "الجمهورية"، أنّ "من الواضح انّ "الثنائي" توصّل بعد أربعة أشهر من الشغور الرئاسي، الى اقتناع بأن الورقة البيضاء أدّت غرضها في كسب بعض الوقت، لمحاولة إنجاز تفاهمات او تقاطعات حول اسم رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، قبل طرحه على الملأ، من دون أن تُفضي تلك المحاولة خصوصاً مع "التيار الوطني الحر" الى نتيجة إيجابية، فكان لا بد بالنسبة إلى حركة "أمل" و"حزب الله" من إحداث خَرق في الستاتيكو الجامد منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، عبر البوح باسم المرشح المفضل؛ والانتقال الى التفاوض فوق الطاولة بأوراق مكشوفة تُنهي لعبة "الغميضة" التي سادت خلال الأشهر الأربعة الأخيرة".

ولفتت إلى أنّ "الثنائي يعلم جيداً انّ وصول فرنجية الى قصر بعبدا ليس سهلاً، وسط الفيتوات المسيحية عليه من جهة والرفض السعودي المرمّز له من جهة أخرى. وبالتالي، إنّ الاعلان عن دعمه لا يعدو كونه بداية مشوار طويل، في حين ان اختصاره يتطلب تعديلاً في موقف إحدى الكتلتين المسيحيتين (التيار والقوات اللبنانية) أو مرونة سعودية، وكلاهما غير وارد حتى إشعار آخر".

وبيّنت الصّحيفة أنّ "التيار الوطني الحر يبدو أقرب إلى "بيضة قبّان" في معادلة التوازنات الحالية، بمعنى انه إذا اتفق باسيل مع "القوات اللبنانية" وحزب "الكتائب اللبنانية" على انتخاب مرشح معيّن، يكون قد قلب الطاولة ودفع الاستحقاق الرئاسي وأرقامه الحسابية في اتجاه، واذا تفاهم مع "حزب الله" وحركة "أمل" على التصويت لفرنجية، يكون قد أخذ الاستحقاق وأكثريته النيابية في وجهة مغايرة".

وأكّدت أنّ "بطبيعة الحال، فإنّ باسيل الذي لم يقرر بعد الخروج كلياً من "التفاهم"، لا يستسهل الانخراط في تحالف رئاسي الى جانب خصوم الحزب وعلى حساب مصالحه الحيوية، الا انه يترك هذه الورقة ضمن احتياطه الاستراتيجي تحسّباً لأسوأ الاحتمالات".

في السّياق، تساءلت أوساط في 8 آذار، عبر "الجمهورية": "لماذا لا يحاول باسيل نسج تفاهم سياسي- إصلاحي مسبق مع فرنجية، يمكن أن يشكل قاعدة ارتكاز لدعمه في انتخابات رئاسة الجمهورية، تماماً كما أبرم تفاهماً مع "القوات اللبنانية" وتيار "المستقبل" من قبل، لتسهيل وصول عون الى قصر بعبدا؟".