اشارت صحيفة "الجمهورية" الى ان القوى الداخلية تستمر في "الانتظار السلبي" لترجمة مفاعيل الاتفاق السعودي ـ الايراني على مستوى الاستحقاق الرئاسي، من دون أن تبادر هي إلى تحمّل مسؤولياتها في ابتكار تسوية محلية الصنع تنهي الشغور المكلف في رئاسة الجمهورية وتمهّد لعودة الانتظام إلى مؤسسات الدولة المتهالكة.

وبالترافق مع الانتظار الثقيل الوطأة، أكّدت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية"، انّه أصبح هناك اقتناع لدى عدد من الاوساط الخارجية، بأنّ اسمي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المقبلين ليس لهما معنى بمعزل عن إعادة صوغ دور لبنان وتحديد خياراته في المرحلة المقبلة.

وكشفت المصادر، انّ الموقف الأميركي لا تعنيه الاسماء، وليس لديه مانع في انتخاب أي منها يمكن التوافق عليه، إذ انّ المهم بالنسبة إلى واشنطن هو التزامات الرئيس المقبل اكثر من هويته.

وفي إطار التحرّكات الدبلوماسية العربية والاجنبية في اتجاه لبنان، تصل إلى بيروت في الساعات المقبلة مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف، في ختام جولة شملت تونس ومصر والاردن قبل لبنان. واكدت مصادر دبلوماسية لـ"الجمهورية"، انّ هذه الجولة تهدف إلى استطلاع التطورات في المنطقة على أكثر من مستوى، قبيل سلسلة اجتماعات ستُعقد في وزارة الخارجية الاميركية، وعليها أن تقدّم تقريرها فيها.

ولفتت المصادر، إلى انّ ليف التي ستبدأ لقاءاتها مع المسؤولين اللبنانيين غداً الخميس، ستلتقي كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، عدا عن لقاءات أخرى لم يتضمنها البرنامج الرسمي للزيارة.

وأشارت المصادر، انّ لليف مواقف سابقة واضحة وصريحة عبّرت فيها عن مدى فهمها للوضع اللبناني، وقد شدّدت فيها منذ اشهر عدة سبقت خلو سدّة الرئاسة، على أنّ عدم انتخاب رئيس للجمهورية سيُدخل لبنان إلى فراغ سياسي غير مسبوق، ما ينذر بـ"انهيار الدولة مجتمعياً". وانّ الفشل هذا لا يهدّد الاقتصاد فقط بالنظر إلى الأزمة النقدية، ولكنه يهدّد ايضاً وجود لبنان كدولة.

وحسب المصادر، ستؤكّد ليف أمام المسؤولين، انّ على اللبنانيين القيام بما هو مطلوب منهم، وخصوصاً انتخاب رئيس للجمهورية، وأنّ بلادها وغيرها من حلفائها ستكون إلى جانبهم، وهي لم تقصّر يوماً في دعم الجيش اللبناني أو عبر تسهيل اتفاقيات الطاقة أو دعم المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لكن كل هذه التدابير لن يكون لها تأثير ما لم ينتخب مجلس النواب اللبناني رئيساً للجمهورية، وقد فشل في ذلك حتى الآن، ما يترك لبنان في فراغ سياسي غير مسبوق.

وفي هذه الأجواء، دعت مصادر قريبة من بكركي عبر "الجمهورية"، إلى عدم الربط بين المبادرة البطريركية المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي وبين دعوة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، النواب المسيحيين إلى الرياضة الروحية ويوم الصلاة والتأمّل في الخامس من نيسان المقبل. واعتبرت انّ هذه الرياضة خطوة منفصلة تماماً عن المبادرة البطريركية الرئاسية.

ولفتت المصادر، إلى أنّه سيكون هناك برنامج تفصيلي ليوم الصلاة وسيكون لدى المدعوين الوقت المناسب.

وعبّرت عن ارتياح البطريرك إلى التجاوب شبه الشامل الذي لقيته الدعوة، آملاً في ان تحقق ما يريد منها في هذه الظروف العصيبة التي تمرّ فيها البلاد.

واكدت اوساط كنسية لـ"الجمهورية"، انّ الهدف الأساس من الرياضة الروحية هو توجيه رسالة مفادها «أنّ العلاقات الانسانية يجب ان تفوق كل التباينات السياسية، وكذلك يجب ان تشكّل مدخلاً إلى تفاهمات وطنية». وأوضحت «انّ الخلوة لن تبحث في المسائل السياسية المباشرة، ولكن مجرد ان تجمع في صورة ومشهدية النواب المسيحيين متحالفين او متخاصمين ولو لم يكن الحديث طابعه سياسي انما مجرد اللقاء ومجرد النقاش ومجرد الصلاة ومجرد مقاربة الامور التي لها الطابع القيمي بالمفاهيم والعناوين الكبرى، فهذا كفيل بالتقريب على المستوى الشخصي والانساني، وهذا التقريب إن من خلال الوجود تحت سقف واحد وإن بطبيعة المكان، اي الصلاة، وإن من خلال التوافق على عناوين كبرى قيمية انسانية، كل هذه الامور لا بدّ ولا شك من ان تشكّل الأرضية الصالحة لمقاربات مختلفة، وقد تؤدي في شكل ضروري وتلقائي إلى تخفيف التشنجات وإسقاط التوترات، وهذا كفيل في حدّ ذاته ان ينقل النقاش في مربعات اخرى وفي مناسبات اخرى، من خطاب متوتر إلى خطاب توافقي. وهذه الجلسات ستشكّل تمهيداً لمزيد من التواصل وتحقيق الاختراقات. وبالتالي، تقول المصادر الكنسية، يجب ان نبدأ من مكان ما، والبداية تكون بجمع النواب بالصلاة، بالتفكير، بضرورة الوصول إلى حلول، الناس يجب ان تلتقي بعضها مع بعض، جميع اللبنانيين تحت سقف دولة واحدة وضمن مركب واحد، و"ما يصيب فلان يصيب علتان"، ومصير واحد ولا خيار لهم الّا من خلال التواصل وتوسيع مساحات التلاقي بما يمكنهم من إنقاذ بلدهم واوضاعهم وإخراجهم من كبوتهم".

من جهة ثانية، أكدت مصادر وزارية لـ"الجمهورية"، انّ رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي يتريث في الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء، في انتظار استكمال البحث في ملف موظفي القطاع العام في ظلّ الاضراب المفتوح، وطريقة تنفيذ الوعود التي قطعها لهم لتحسين رواتبهم وآلية صرف منحة الليترات الـ5 من البنزين يومياً لكل يوم حضور، كما كان تقرّر في الجلسة الاخيرة للمجلس.

وقالت المصادر، انّ سبب التريث في الدعوة إلى الجلسة يعود إلى عجز وزارة المال عن تقديم الآلية التي ستُعتمد لتحسين أوضاع العسكريين والمدنيين بعد تدهور سعر صرف الليرة وارتفاع سعر صفيحة البنزين الى سقوف غير مسبوقة، وهو امر مرتبط بالإضراب شبه الكامل لموظفيها ودوامهم ليوم واحد كل أربعاء من كل أسبوع.