لم تُنهك بعد القوى السياسية المُعارضة لوصول رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​ الى سدّة رئاسة الجمهورية. لا يزال الوقت مُبكراً لحسم مسار المعركة الانتخابية الرئاسية. يستند فرنجية الى كتلة نيابية ناخبة صلبة، ليست في وارد التراجع عن دعم ترشيحه، مقابل ضعف خصومه، الذين يجتمعون على رفضه لا غير، من دون امكانية الاتفاق على مرشح منافس له، يحصل بشكل اساسي على تأييد الترويكا المارونية: حزب القوات، التيار الوطني الحر، حزب الكتائب.

في حال تمّ الإتفاق على اسم مرشح توافقي، فسيواجه فرنجية في جلسة انتخاب الرئيس، فمن يضمن نجاح هذا المرشح؟ خصوصاً في ظل متغيّرات اقليمية سيتردد صداها لبنانياً، في وقت ما.

بالتأكيد إن الاتفاق بين الترويكا المذكورة مهم للتسريع في عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية. لكن افرقاء الترويكا الذين يتوزعون في حسابات ومصالح متعارضة احياناً، يدركون ان تجربة "اتفاق معراب" الثنائية لا تنطبق على الواقع اللبناني حالياً. كما الاّ وجود لرافعة سياسية، كالتي كانت تتمثّل سابقاً في "حزب الله"، علماً ان تلك الرافعة العنيدة تتكامل الآن مع كتل وعدد من النواب المستقلّين، لإيصال فرنجية لا غير.

يعرف رئيس التيار "الوطني الحر" النائب جبران باسيل جدّية داعمي رئيس "المردة"، وتحديداً ثنائي حركة "امل" و "حزب الله"، لذلك يتمهّل في الاتجاه نحو تبني اي مرشح يحظى بدعم رئيس حزب "القوات" سمير جعجع الذي لم تجمعه معه اي مصلحة سياسية، بعد سقوط تجربة اتفاق معراب.

كل ذلك يوحي أنّ فرنجية سيبقى يواجه اللامرشح الجدّي، بإعتبار ان ترشيح النائب ميشال معوّض سقط جوهرياً، بعد فشله في مقاربة الاصوات المطلوبة. مما يعني ان التعطيل هو العنوان الذي يقابل ترشيح فرنجية، بغياب اتفاق معارضيه على بديل.

هذه المعادلة بالذات هي التي تدفع العواصم الدولية، ومنها باريس، الى التعاطي مع فرنجية كمرشح نهائي وحيد وجدّي. أين الآخرون؟ لا مؤشرات توحي بوجود منافس يخوض الانتخابات الرئاسية، لتكرار واقعة انتخاب الرئيس الراحل سليمان فرنجية عام 1970.

اذا سلّمنا جدلاً أنّ القوى السياسية الداخلية لن تتعامل مع المتغيرات الاقليمية الايجابية، وتحديداً المصالحة السعودية-الايرانية، وبقيت تصرّ على عدم اجراء تسوية سياسية داخلية، وبالوقت نفسه تراوح الترويكا المارونية المذكورة في مساحة عدم الاتفاق على مرشح واحد، فإن الفراغ باق لوقت طويل.

بالتأكيد ان لبنان سيدفع الثمن الاول، ومصالح المواطنين ستكون ضحية صراع سياسي طويل، لكن بالحسابات السياسية، هناك قوى ستُنهك وتتعب امام جمهورها، وقد يقودها ذلك الى اليأس: من هي؟.

لا أحد يستطيع حسم هوية المتعبين السياسيين اليائسين منذ الان. لا يزال الوقت مُبكراً، الاّ في حال تم طرح الملف اللبناني على الطاولة السعودية-الايرانية قبل ذلك الحين. وهو امر متوقّع بعد تفرّغ الفريقين من اكبر عملية تصالح بينهما، حيث يخوضان حالياً عملية التقارب الجوهري التي تلامس قضايا ثنائية دينية وعقائدية لمنع اي خلاف مستقبلي على الساحة الاسلامية الاقليمية.