في الأسابيع الماضية، كثُر الحديث عن قرب الإنتهاء من الشغور الرئاسي في ​لبنان​، ربطاً بالتطورات القائمة على المستوى الإقليمي، لا سيما بعد الإتفاق السعودي الإيراني برعاية صينيّة، الأمر الذي دفع القوى الداعمة لرئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​ إلى تسريع وتيرة المعركة التي تخوضها، في مقابل بروز مخاوف لدى الأفرقاء المعارضين لهذا الخيار، خصوصاً المصنّفين على أساس أنهم من حلفاء ​الرياض​.

بالنسبة إلى الفريق الأول، بات من الواضح أنّ الرهان المفصلي هو على حصول تبدل في الموقف السعودي، أي الحصول على ضوء أخضر يمهد الطريق نحو وصول فرنجية إلى القصر الجمهوري، في حين ذهب الفريق الآخر إلى تأكيد معادلتين: عدم وجود مؤشّرات فعلية لحصول تبدل في موقف الرياض، أما الثاني فهو رفضه التنازل حتى ولو حصل هذا التبدّل في المرحلة المقبلة.

في هذا السياق، تفضل مصادر نيابية متابعة، عبر "النشرة"، الحديث عن ضجيج رئاسي أكثر من معطيات جديدة، تصب في إطار الذهاب إلى الإنتهاء من هذا الإستحقاق في وقت قريب، حيث تشير إلى أن الأمور لا تزال تراوح مكانها منذ لحظة ذهاب رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ إلى الإعلان عن تبني ترشيح فرنجية، بدليل عدم مبادرة الأخير إلى الإعلان عن ترشيحه بشكل رسمي.

على الرغم من ذلك، لا تنكر هذه المصادر أهمّية التطورات القائمة على الصعيد الإقليمي، فاليوم بات من الطبيعي الحديث عن مرحلة تهدئة بعد سنوات من الصراع بين الجانبين السعودي والإيراني، الأمر الذي من المفترض أن يكون له تداعياته على الملف اللبناني، لكن في المقابل من الضروري طرح مجموعة من الأسئلة حول شكل هذه التداعيات وتوقيتها تحديداً.

بالنسبة إلى مواقف الأفرقاء الإقليميين الأساسيين، توضح المصادر نفسها أن طهران تقف خلف موقف "​حزب الله​"، الذي يدعم رئيس تيار "المردة"، بينما ينتظر الجميع موقف الرياض التي لم تعطِ، حتى الآن، أي موقف حاسم، بالرغم من أن المواقف التي يعبر عنها حلفاؤها في لبنان لا توحي بإمكانية إنخراطها في هذا الدعم، إلا إذا حصلت تحولات كبرى في الأيام المقبلة.

عند هذه النقطة، تذهب مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، للحديث عن أن ما ينبغي أن يتوضح، في المقبل من الايام، حول الموقف السعودي هو الرغبة في التنازل من عدمها، نظراً إلى أن الجميع يدرك أن إنتخاب فرنجية سيمثل إنتصاراً للمحور الآخر، خصوصاً بعد تصعيد حلفاء المملكة الذي كان قد ذهب إليه معظمهم، في حين قد لا تكون في وارد التخلي عنهم في هذه اللحظة المفصلية.

بالنسبة إلى هذه المصادر، لا يمكن بأي شكل من الأشكال تجاهل العقبات الداخلية التي تعترض طريق رئيس تيار "المردة" إلى القصر الجمهوري، نظراً إلى أنها البوابة التي قد تقود الرياض إلى البقاء على موقفها الراهن من فرنجية، سواء كان سلبياً أو رافضاً للتدخل فقط، وهو ما يبرر القلق الذي تبديه بعض الشخصيات الداعمة له من موقف الأفرقاء المسيحيين تحديداً، خصوصاً في ظلّ المعلومات عن أن القوى المعارضة تفعّل إتصالاتها للإتفاق على مرشح واحد.

في المحصلة، تدعو المصادر نفسها إلى التوقف عند 3 سيناريوهات، تنطلق من سؤال جوهري حول ما إذا كانت البلاد مقبلة على تسوية مرحلية أو شاملة في ظل إستبعاد الثانية، تشير إلى ترجيح الذهاب إلى تسوية مرحلية تتحول فيما بعد إلى شاملة، وفي هذين السيناريوهين تتعزز أسهم فرنجية، أما السيناريو الثالث فهو أن تقود التطورات الداخلية إلى تسوية لن يكون إنتخاب رئيس تيار "المردة" من ضمنها، من دون تجاهل أن إتفاق قوى المعارضة على مرشّح واحد، قد يعزز معادلة البحث عن مرشح ثالث، من منطلق أن الفيتوات المتبادلة تحول دون قدرة أي فريق على إيصال مرشحه.