بعد أن أٌقرت حكومة تصريف الأعمال زيادة 4 أضعاف على الراتب لموظفي ​القطاع العام​، مع شرط الحضور 14 يوماً شهرياً، لم يجد هؤلاء من داعٍ للحضور الى العمل فاستمر الإضراب، إنما بعد وعد رئيس الحكومة بتعديل المراسيم المرتبطة بالزيادات على أجور موظفي القطاع العام وبدلات النقل، دعت ​الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة​ الموظفين للحضور إلى مقار عملهم ليوم واحد خلال الأسبوع، أي 4 أيام خلال الشهر، لإعطاء فرصة للحكومة ورئيسها للوفاء بما وعد به.

في زمن الكورونا، جرى نقاش حول عدد أيام العمل أسبوعياً، فكان هناك رأي وازن بأن تحديد 4 أيام عمل خلال كل أسبوع فقط يؤدي الى "كسل" الموظفين، فكيف لو أن أيام العمل محددة بيوم واحد؟.

تُشير مصادر رابطة الموظفين الى أن الحلول المقترحة للقطاع العام حالياً لا تؤدي سوى الى تمرير الوقت ومحاولة إدخال بعض مئات مليارات الليرات الى الخزينة العامة، لأن النقاش الجدي حول هذا القطاع سيترك للمرحلة المقبلة، علماً أن ما يعيشه القطاع هو من تداعيات تطبيق ما يُريده ​صندوق النقد الدولي​ منذ بداية الأزمة.

طلب الصندوق من المسؤولين اللبنانيين ترشيد القطاع العام الذي كان عام 2018 يضم حوالي 300 ألف لبناني، أقل من نصفهم بقليل يعملون في الأمن والعسكر، وحوالي 25 ألف منهم يعملون في الوزارات والإدارات العامة، وحوالي 40 ألفاً في قطاع التعليم، فكان الجواب يومها أن قرارات مباشرة لتقليص حجم القطاع العام تعني اندلاع ثورة شعبية، لذلك كان القرار بالتطبيق "عالسكت".

منذ العام 2019 حتى اليوم، تقلّص حجم القطاع العام تدريجياً، فما بين التقاعد والهجرة وترك الوظيفة، انخفض العدد ما بين 15 و20 بالمئة، وباتت الوظيفة العامة كابوساً لا يرغب فيها أحد، ومن لا يزال يعمل في القطاع العام اليوم أغلبهم من الذين تبقّى لهم أقل من 10 سنوات للتقاعد، بينما الفئة الشابة الجديدة فهي بأغلبيتها تبحث عن وسيلة لترك الوظيفة وبدء حياة جديدة.

تحقق ما يُريده صندوق النقد لجهة الحجم، لكن القطاع العام خلال هذه السنوات، ومع وقف التوظيف، وغياب التدريب والتنسيق، تعرض الى ضرر جسيم لا يتعلق فقط بشؤونه المالية وتعويضاته، لذلك فإن كل محاولات الحكومة زيادة الرواتب وبدلات النقل والتقديمات الإجتماعية، لن تُعيد العمل بالقطاع العام الى ما كان عليه سابقاً.

تُدرك رابطة موظفي القطاع العام بحسب مصادرها أن أقصى ما يمكن للحكومة تقديمه كرواتب وحوافز لا يكفي بالوقت الراهن لتأمين حياة كريمة للموظف، لذلك فإنّ مطلب العمل لـ14 يوماً شهرياً على الأقل يبدو صعب التحقق، أولا بسبب اعتباره كشرط تعسفي، غير قانوني، وغير دستوري، وثانياً كونه غير قابل للتطبيق لأنّه يعني تكبد الموظف مصاريف غير قادر على تأمينها، كاشفة أنّ الرابطة تنتظر تعديل مراسيم الزيادات لتعلن عدد أيام العمل التي يمكنها الالتزام بها.

وتُشير المصادر إلى أنّ المطلوب اليوم ليس البحث بحجم الرواتب وحسب، بل وضع ملف القطاع العام على طاولة البحث لإعداد خطة خماسيّة أو ثلاثيّة تضمن مستقبله، لان اعداد المتقاعدين فاقت الـ125 ألفاً، وأعداد العاملين الفعليين تتناقص، وبالتالي هيكلة القطاع المذكور لا تقل عن هيكلة المصارف، وكل تأخير في هذه الخطوة يعني المزيد من الانهيار، وكلما زادت الإنهيارات صعُب الترميم.