طوال الأشهر الماضية، كانت قوى الثامن من آذار تنتقد تمسك الفريق الآخر بترشيح رئيس حركة "الإستقلال" النائب ​ميشال معوض​ لرئاسة الجمهورية، على قاعدة أنّ هذا الترشيح وصل إلى طريق مسدود، وبالتالي من المفترض الإنتقال إلى البحث عن خيارات أخرى، معتبرة أن خيار الورقة البيضاء، الذي كانت تتبناه، هو دعوة مفتوحة إلى الحوار حول هذا الإستحقاق للوصول إلى توافق وطني حوله.

في لحظة إقليميّة معقدة، قررت هذه القوى الإنتقال من خيار الورقة البيضاء إلى تبني ترشيح رئيس تيار "المردة" النائب السابق ​سليمان فرنجية​، مراهنة على إمكانية أن تقود التحولات، خصوصاً على مستوى العلاقات السعودية الإيرانية، إلى تسوية على الإسم، لا سيما بعد أن جرى تبنيه أو دعمه من قبل الجانب الفرنسي.

منذ تاريخ الإعلان الرسمي عن هذا التبني، من قبل رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ ولاحقاً من قبل أمين عام "​حزب الله​" السيد حسن نصرالله، لم ينجح فرنجية في الحصول على دعم أي من الأفرقاء المترددين أو الرافضين، وبالتالي عدد الأصوات، التي كان من المعروف أنّها في حوزته منذ ما قبل دخوله المعركة بشكل رسمي، لا يزال على ما هو عليه، الأمر الذي يدفع مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى السؤال عن جدوى الدعوات المتكررة من قبل هذا الفريق إلى الحوار.

في الخطاب المعلن، تعتبر هذه القوى أن نقطة القوة التي لدى رئيس تيار "المردة" تكمن بغياب أي منافس جدّي له، إلا أنّ المصادر نفسها تشير إلى أنّه هو أيضاً، في ظلّ الظروف الراهنة، لا يملك ما يمكن أن يتفوق فيه على رئيس حركة "الإستقلال"، لا بل على العكس من ذلك لدى الأخير دعم كتلة نيابية مسيحية أساسية، أي حزب "القوات اللبنانية"، الأمر الذي لا يتمتّع به هو، لا بل المعركة التي تخاض ضده في هذا المجال شرسة.

وبالتالي، ترى هذه المصادر أنّ النقطة المفصليّة في هذا الإستحقاق تبدأ من التراجع عن هذا الترشيح أو التسليم بعدم القدرة على إيصاله، قبل توجيه أيّ دعوة إلى الحوار حول ​الإنتخابات الرئاسية​، بدل الإستمرار في الرهان على إمكانية حصول تحولات خارجية تصب في صالحه، خصوصاً أن غالبية الأفرقاء المحليين عبروا عن موقفهم الواضح منه، إلا إذا كان المطلوب من الحوار، الذي تريده قوى الثامن من آذار، هو الوصول إلى إنتخاب مرشحها.

بالنسبة إلى المصادر السياسية المطلعة، ما يعزز هذا الإعتقاد هو أن غالبية أركان هذه القوى يؤكدون أن ليس لديهم أي خطة بديلة في حال عدم الإتفاق على مرشحهم، بينما الرغبة في التوافق من المفترض أن تنبع من طرح أكثر من إسم من أجل البحث في الخيارات الممكنة، لا الإعلان المسبق عن أن هناك مرشحاً واحداً فقط، وتذكر بأن هذه القوى هي التي كانت تطالب الآخرين، عند طرح بند الإستراتيجية الدفاعية، الذهاب إلى الحوار من دون شروط مسبقة.

في هذا الإطار، تستغرب هذه المصادر الحديث المتكرر عن أجواء خارجيّة إيجابيّة تصب في صالح رئيس تيار "المردة"، حيث تؤكّد أنه بإستثناء التبنّي المعروف من قبل باريس ليس هناك ما يمكن التعويل عليه على هذا الصعيد، لا بل تدعو إلى قراءة الدخول الأميركي على خط الإستحقاق الرئاسي، في الأيام الماضية، فبعد الرسالة، التي وجّهها كل من رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي روبرت مانديز، والعضو البارز في اللجنة جايمس ريتش، إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، وحضّت على العمل لدعم مرشحين مختلفين عن الرؤساء السابقين، أشارت وزارة الخارجيّة إلى أن "لبنان يحتاج إلى رئيس متحرر من الفساد وقادر على توحيد البلاد".

في المحصّلة، تشدّد المصادر نفسها على أن الذهاب إلى تسريع إنجاز الإستحقاق الرئاسي يتطلب أن تبادر قوى الثامن من آذار إلى خطوة من قبلها، الأمر الذي لا يبدو أنها في وارده في المرحلة الحالية، لا بل تؤكد أنها مستمرة في النهج نفسه طويلاً.