صحيح أن رئيس "تيار المرده" النائب والوزير السابق سليمان فرنجية هو مرشح حزب الله الأوحد الى رئاسة الجمهورية، وصحيح أيضاً أن الحزب لا يزال يرفض البحث بأي خطة "ب" أو بمرشح بديل له، لكن الأصحّ من كل ذلك، هو أن داخل تركيبة الحزب، هناك أكثر من مقاربة حول كيفيّة التعاطي الإعلامي مع مسألة ترشيح رئيس التيار المذكور.
فالتشدّد الذي يعكسه نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم وكذلك رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين، لا يظهر أبداً على لسان مسؤول وحدة الأمن والإرتباط في الحزب وفيق صفا.
صفا لا يظهر عبر مقابلات تلفزيونيّة ولا يلقي الكلمات في الإحتفالات والمناسبات كما هو الحال مع قاسم وصفي الدين، لكنه في الوقت عينه يلتقي بشكل يومي صحافيين ومراسلين في محطات تلفزيونيّة، ومن لا يتمكّن من رؤيته يزوده هاتفياً بأجواء الحزب أول بأول وبشكل شبه يومي وأحياناً يومياً.
وبحسب زوّار الضاحية الجنوبية، فما جاء على لسان صفي الدين منذ أسابيع قليلة وحرفيته "إذا لم يسارع بعض اللبنانيين الى تلقّف ما يعرض عليهم الآن فسيأتي وقت لن يحصلوا فيه على ما يعرض عليهم اليوم" لا يلتقي أبداً مع مقاربة "الحاج" وفيق. فبالنسبة الى الأخير، لا يمكن أن ينتخب رئيس للجمهورية في لبنان بمنطق كسر مكوّن لبناني لصالح مكوّنات أخرى، وبمعنى أوضح، يردّد صفا أمام زوّاره أن إنتخاب سليمان فرنجيّة رئيساً للجمهورية لن يكون إلاّ من خلال تسوية تضمّ جميع الأفرقاء والمكونات، وعلى رأسها يأتي المسيحيون، لذلك لن تفيد معركة فرنجيّة الرئاسيّة التصريحات العالية النبرة والسقف بحسب صفا.
وفي قراءة لهذا التباين في الموقف داخل تركيبة حزب الله، هناك بين المقربين للحزب من يعتبر أنه أمر طبيعي ويحصل في ملفّ رئاسة الجمهورية كما حصل ويحصل في مقاربة ملفات أخرى.
في المقابل يرى مقربون آخرون من حزب الله أنّ التباين في المواقف بين صفا وقاسم وصفي الدين، هو نوع من توزيع الأدوار يهدف الى أمرين أساسيين بالنسبة الى القيادة:
الأمر الأول، هو التأكيد على تبنّي ترشيح فرنجيّة والقول للمعارضين إنّ الحزب لن يتخلى عنه وإذا تخلّى سيكون بديله شبيهاً له وعلى قاعدة "الرئيس الذي لا يغدر بالمقاومة".
والأمر الثاني هو تخفيف الإحتقان القائم بين جمهور وقيادة حزب الله وجماهير وقيادات الأفرقاء المسيحيين الرافضين لوصول فرنجيّة الى القصر الجمهوري، وعلى رأسهم حليف الأمس "التيار الوطني الحر" الذي يخوض مناصروه على وسائل التواصل الإجتماعي أعنف الحروب الإلكترونيّة مع مناصري "حزب الله" المدافعين عن ترشيح فرنجيّة.
أياً يكن الهدف من وراء هذا التباين، تدرك قيادة "حزب الله" أن السيناريو الأفضل لإنتخاب فرنجيّة رئيساً للجمهورية هو تأمين أوسع مروحة توافق على إنتخابه لا من خلال كسر مكوّنٍ، فكيف إذا كان هذا المكوّن "التيار الوطني الحر" الشريك السابق لتفاهم مار مخايل، فهل ستنجح مساعيه الهادفة الى تسوية كهذه؟!.