اقام سفير الاتحاد الاوروبي رالف طراف حفل استقبال لمناسبة الاحتفال بـ"يوم أوروبا"، في حدائق متحف معوض، في حضور النائب فادي علامة ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال القاضي بسام مولوي ممثلا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وفاعليات سياسية وديبلوماسية.

وذكر، أنه "خلال الأعوام الأربعة التي عملت فيها في هذا البلد الجميل، شاركت في نقاشات ومبادرات عدة لمعالجة التحديات المتعددة التي يواجهها لبنان، وقد انصب تركيزنا بشكل أساسي على ثلاث جبهات: ضرورة استعادة قدرة لبنان على وجه السرعة على اتخاذ القرارات السياسية والإدارية وتنفيذها، وثمة فهم مشترك على أن ذلك يتطلب على الأقل انتخاب رئيس، وتأليف حكومة كاملة الصلاحيات، والتوصل إلى اتفاقات بشأن تعيين مسؤولين كبار آخرين، علاوة على ذلك، من الضروري دفع أجور مناسبة للعاملين في القطاع العام، بما في ذلك القوى الأمنية، وضمان عملها ووقف هجرة الأدمغة. ويريد البعض الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك، ويطالب بمراجعة شاملة للنظام السياسي ككل. لكن هذا نقاش يجب أن يجريه اللبنانيون في ما بينهم في المقام الأول".

واشار طراف، إلى أننا "جميعا نتفق على ضرورة أن يجد لبنان حلا للأزمة الاقتصادية كأولوية، ومن شأن الإصلاحات النقدية والمالية أن تعيد السيولة الضرورية جدا إلى الاقتصاد، وأن توقف الانزلاق إلى اقتصاد غير نظامي، وأن تعيد بناء النظام المصرفي المتأزم، ومن شأن تنفيذ التدابير المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي منذ أكثر من عام أن يفتح الطريق أمام برنامج للتعافي الاقتصادي، بمساعدة من الصندوق والأسرة الدولية، بما في ذلك أوروبا. كما ان الرؤية الاقتصادية الكلية للبلاد تكتسب المقدار نفسه من الأهمية، رغم أنها لا تحظى للأسف بنقاش بارز: ما الذي ستكون عليه القاعدة الإنتاجية للاقتصاد اللبناني في المستقبل؟ كيف سيحصل اللبنانيون عيشهم في المستقبل؟، ما مستوى عدم المساواة المقبول في البلاد؟".

وأضاف: "تأتي الإصلاحات المتعلقة بالحوكمة، فالإجراءات الشفافة في إدارة الشؤون العامة، مع خطوط واضحة للمسؤولية والمساءلة، والنظام المناسب للمشتريات العامة، وهيئات الرقابة القوية والمستقلة، بما في ذلك السلطة القضائية، وعدم التسامح مع الفساد، ليست سوى أمثلة قليلة على ما يتطلبه نظام محكم جيدا. ويتعين أن تسير الإصلاحات الاقتصادية والمالية، والتوجه الاقتصادي الكلي، والإصلاحات المتصلة بالحوكمة جنبا إلى جنب. ما من طرق مختصرة لهذا الأمر، فالمهمة شاقة ولكنها قابلة للتحقيق"، مشيرا الى ان "اصدقاء لبنان ما زالوا، بمن فيهم الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، على استعداد لدعم لبنان على هذا المسار".

وشدد طراف، على ضرورة أن "يكون للبنانيين فهما مشتركا لكيفية التعامل مع وجود عدد كبير من النازحين السوريين في البلاد. وقد تتفاجأون من أنني أعتقد أنه لدينا قواسم مشتركة في ما يتعلق بهذه المسألة أكثر مما يفرقنا. فرغم أنه لا يمكن مقارنة الأرقام بما يواجهه لبنان، ورغم أن أوروبا مجهزة بشكل أفضل بكثير للتعامل مع التحديات، نخوض في أوروبا في نقاشات مشابهة جدا في شأن الهجرة ووجود النازحين كما هو الحال هنا. وأعتقد أنه من الإنصاف القول إننا جميعا نتشارك الاعتقاد بأنه لكل إنسان الحق في العيش بأمان وكرامة، والحق بالتمتع بحقوق الإنسان الأساسية على أكمل وجه. بالإضافة إلى ذلك، يشعر صانعو القرار الأوروبيون واللبنانيون بأنهم ملزمون المبادئ الإنسانية العالمية والقانون الدولي، فيما يشعر المواطنون اللبنانيون والأوروبيون كذلك بالقلق حيال التماسك الاجتماعي والاختلالات الاقتصادية عند فتح الأبواب أمام الوافدين بأعداد كبيرة".

ولفت إلى أنه "يتعين على صانعي القرار في لبنان وأوروبا على السواء إيجاد توازن بين اهتمامات المواطنين والإنسانية، وبين الميل إلى الدقة والاستعداد للبقاء منفتحين على العالم، وبين الانعزال والانفتاح. وهذا في جميع الظروف عمل توازن دقيق. وما من حلول سهلة ولا حلول سريعة لهذا الأمر، ويجب ألا نقع فريسة للديماغوجيين الذين يتظاهرون بخلاف ذلك. كما تركز النقاش العام في لبنان في الآونة الأخيرة على وصف المشكلات والتحديات الناجمة عن وجود النازحين السوريين، وهذا أمر مفهوم بالتأكيد، بالنظر إلى العدد الكبير جدا من النازحين في لبنان. إلا إنني أعتقد بأن الوقت قد حان لكي يركز صانعو القرار على ما يمكن القيام به وتنفيذه، بعبارات ملموسة ومحددة، للتصدي للتحديات المطروحة. إن سلامة جميع الناس في لبنان وركامتهم وامنهم ورفاههم على المحك هنا"، مؤكدا ان "الاتحاد الأوروبي يبقى مستعدا للدخول في حوار بناء بشأن جميع هذه القضايا، مع مراعاة الحدود التي يفرضها احترامنا لسيادة لبنان، ويعود للبنانيين أن يقرروا مصيرهم، وليس لنا أن نفرض حلولا من الخارج".

وقال:"في هذه الأوقات العصيبة، تبقى أوروبا متضامنة مع لبنان، وتقدم الدعم للفئات الأكثر ضعفا، ولكن التزامنا يتجاوز مجرد الدعم، فنحن ندرك الإمكانات الهائلة للبنان واللبنانيين، وملتزمون مساعدة البلاد على تحرير هذه الإمكانات. كما نعمل على تعزيز الحوكمة الرشيدة، واحترام حقوق الإنسان وتعزيز استقلالية القضاء ودعم اللبنانيين في مكافحتهم للفساد. ونحن ندعم المؤسسات اللبنانية حتى تتمكن من تأمين السلع والخدمات الأساسية للسكان، لاسيما في قطاعات التعليم والصحة والمياه، ونعمل بشكل خاص وبإخلاص حتى يتسنى لرأس المال البشري، وهو ثروة لبنان الأساسية، أن يساهم في نهوضه الاقتصادي. في الوقت نفسه، ندرك أهمية التبادلات الثقافية التي تعزز الروابط بين بلداننا، فبفضل برامج مثل Erasmus+، نتيح للطلاب والباحثين اللبنانيين فرصة للدراسة والعمل في أوروبا، وللأوروبيين إمكان القدوم إلى لبنان لاكتشاف تاريخه وثقافته الغنية. إلى ذلك، ندعم الفعاليات والمبادرات الثقافية التي تعزز التعاون بين مجتمعاتنا".