لفتت صحيفة "الجمهوريّة"، إلى أنّ "كل المؤشرات تؤكّد انّ احتمالات التصعيد تحوم في سماء المنطقة، غداة العملية الاسرائيلية في غزة فجر الثلاثاء الماضي، التي استهدفت بالاغتيال ثلاثة من قيادات "سرايا القدس"، وخلقت واقعاً متفجّراً، تصاعد بالأمس إلى عمليّات حربية وقصف مدفعي وصاروخي عنيف، وسط مخاوف جدّية من تمدّدها إلى تصعيد اوسع وتوترات في اكثر من ساحة، حيث تتبدّى نذر ذلك في الهجوم على الكنيس اليهودي في تونس، الذي ادّى إلى سقوط قتلى وجرحى".

وأشارت إلى أنّ "على الرغم من الدعوات الأممية والدولية إلى وقف العمليات الحربية، الّا انّ التقارير التي تُنقل من الداخل الفلسطيني، تتحدث عن استعدادات لتصعيد اكبر، خصوصاً من الجانب الاسرائيلي. حيث تتقاطع مقاربات الخبراء والمحلّلين عند حاجة حكومة بنيامين نتانياهو إلى هذا التصعيد، لسببين أساسيين، الأول هو الهروب من الأزمة الداخلية التي تعصف بهذه الحكومة، التي تجلّت باعتراضات وتظاهرات غير مسبوقة ضدّها، والثاني محاولة فرض وقائع جديدة، تقطع الطريق على ما يسمّيه الخبراء والمحلّلون "المسار الذي أحبط السعي الاسرائيلي إلى التطبيع الشامل مع الدول العربية، وتحديداً الخليجية، وأنعش في الوقت ذاته أعداءها وحلفاءهم في المنطقة" وعلى وجه الخصوص ايران، بعد الاتفاق بينها وبين السعودية؛ وصولاً إلى الانفتاح العربي والخليجي على سوريا".

قلق حقيقي

عبّر احد الخبراء المختصين بالشؤون الاسرائيلية، في حديث إلى "الجمهورية"، عن "مخاوف كبرى من نوايا عدوانية اسرائيلية لإعادة اجواء الحرب إلى المنطقة"، مشدّدًا على أنّ "الوضع في منتهى الخطورة، ويوجب اتخاذ أقصى درجات اليقظة والحذر من أي مفاجأة اسرائيلية، لا اقول على مستوى المنطقة فقط، بل على مستوى لبنان الذي لا يمكن عزله عمّا تتأثر به المنطقة، فضلاً عن انّه كان ولا يزال على مرمى التصويب الاسرائيلي، وتبيت له عدوانية دائمة". ورأى أنّه "ليست صدفة في هذا السياق، المناورة العسكرية التي بدأتها اسرائيل قبل ايام، وأخطر ما فيها انّها تحاكي حرباً على لبنان؛ وانّها اختارت قبرص موقعاً لإجراء هذه المناورة لتشابه التضاريس القبرصية مع التضاريس اللبنانية".

من جهتها، أكّدت مصادر "حزب الله" لـ"الجمهورية"، أنّ "المقاومة كانت وما زالت حاضرة في موقعها، ولا كلام علنياً حول ما يمكن ان تقوم به. وعلى ما قال الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله، فإنّ اسرائيل تدرك الثمن الباهظ جداً الذي ستدفعه ازاء أي اعتداء على لبنان".

مراوحة وتشويش

ركّزت "الجمهوريّة" على انّ "التطورات المتسارعة في الداخل الفلسطيني، تواكبت مع مراوحة سلبية في الملف الرئاسي، يُمرّر فيها الوقت بحراكات سطحية ولقاءات شكلية لا جدوى منها، واجترارات لذات المواقف الصدامية، فيما حركة المساعي الصديقة والشقيقة لا يبدو انّها دخلت فقط في استراحة مؤقتة إلى ما بعد قمة جدة، بل يُخشى ان تفرض تطورات المنطقة جدول اعمال جديداً في المنطقة، تصبح معه حركة المساعي ثانوية، هذا إذا لم تعطلها".

وبيّنت أنّه "إذا كانت الحركة الدبلوماسية الاخيرة، التي اندرج في سياقها حراك السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، قد رسمت خريطة إتمام الانتخابات الرئاسية، على قاعدة ان يتحمّل اللبنانيون مسؤولياتهم الوطني على هذا الصعيد، الّا انّ الوقائع الداخلية ما زالت معاكسة لهذا المنحى، ورافضة سلوك اي معبر داخلي نحو التوافق على رئيس".

واعتبرت الصّحيفة أنّ "اللافت للانتباه في هذا السياق، ما بدت انّها محاولة جديدة لإرباك الداخل، والتشويش على الايجابيات التي تولّدت عن تلك الحركة، إن من خلال العودة إلى اغراق البلد بشائعات وتخيّلات، كمثل الحديث عن انّ تلك الحركة سعت إلى ترويج خيارات رئاسية واسماء جديدة لرئاسة الجمهورية، او تفسيرات قديمة- جديدة، تؤوّل الموقف السعودي ما لم يقله، وتحديداً حول رفض وصول رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية؛ وصولاً إلى الحديث عن حوار رئاسي خارج لبنان".

ووجدت مصادر مطلعة عن كثب على حركة المساعي الدبلوماسية، لـ"الجمهورية"، أنّ "هذه الشائعات والتفسيرات والتخيّلات، هي نوع من التسلية حتى لا نقول اختلاقات، في الوقت الضائع"، موضحةً أنّ "هذا الامر ليس مستغرباً من المتضررين من الحل الرئاسي، الذي سيكون مفاجئاً للجميع، وفي مدى غير بعيد، وهو ما تؤكّد عليه الأجواء الصديقة والشقيقة، بوجوب حسم الملف الرئاسي في لبنان في غضون اسابيع قليلة".

التحصين اولاً

أكّد مرجع سياسي لـ"الجمهورية"، أنّ "الظروف المحلية والخارجية باتت تحتّم حسم الملف الرئاسي اليوم قبل الغد"، مشيرًا إلى أنّ "التطورات الاخيرة في فلسطين، تشكّل دافعاً قوياً جداً إلى تحصين الداخل اللبناني اكثر من اي وقت مضى، كون المنطقة برمتها على كف عفريت".

وتوجّه عبر "الجمهورية" إلى كل الأفرقاء السياسيين في لبنان من دون استثناء احد، قائلاً: "شبع البلد فراغاً، وانبعاثات سياسية مسمومة من هنا وهناك، فلا شعبويات قادرة على انتاج رئيس، ولا مناكفات ومزايدات قادرة على تغليب فريق على فريق، وكل الحسابات الداخلية والحزبية اثبتت عقمها وفشلها، وكل الرهانات الخارجية اثبتت انّها بلا أي رصيد، ومن هنا علينا النظر اولاً إلى حال بلدنا المهترئ، والتمعن ثانياً في ما يجري في المنطقة، التي يحوم حولها المجهول، حيث انّها باتت قابعة على برميل بارود، واسرائيل تسعى إلى تفجيره".

وتابع: "اما لبنان فيشكّل الحلقة الأضعف بين دول المنطقة، وهو في حالته الراهنة في ظلّ ازمة مالية واقتصادية خانقة، ووضع سياسي مفكّك، ولا رئيس للجمهورية، ولا حكومة قادرة على العمل والإنجاز، بات امام خيارين اثنين لحماية مصيره، لا ثالث لهما؛ فإما ان يُحَصّن بانتخاب رئيس للجمهورية وإعادة تكوين السلطة فيه، وهو الامر الذي يمدّه بشيء من المناعة امام ايّ عواصف محتملة، واما ان يُترك رهينة الانقسام والسياسات العابثة، التي تشكّل قوة رفد ودفع لأي عاصفة خارجية، لا تزيد فقط من ضعفه وتفاقم أزمته، بل تكسر قدرته على البقاء والاستمرار".

مصادر بكركي

أفادت مصادر "بكركي"، بحسب "الجمهورية"، بأن "البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي طلب من السفيرة الفرنسية آن غريو، المساعدة على معالجة الموقف المسيحي من الشأن الرئاسي"، علماً أن مصادر أخرى تنوّه إلى أن "فرنسا لا تزال على موقفها من أن المعترضين المسيحيين لم يتفقوا على مرشح، وبالتالي إعتراضهم غير محق".

البيسري من دمشق بأجواء إيجابية

علمت "الأخبار" أن "المدير العام للأمن العام بالوكالة العميد الياس البيسري الذي زار دمشق قبل يومين، عاد بأجواء إيجابية لناحية استعداد الحكومة السورية للتعاون في ما يتعلق بالقضايا التي تهمّ البلدين. إلا أن الموقف السوري لا يزال يصرّ على ضرورة ألا يقتصر التنسيق على التعاون الأمني، وإنما عبر لجنة وزارية، وهو ما أبلغه مسؤولون سوريون سابقاً إلى الجهات المعنية في لبنان سابقاً". وأشارت إلى أنّ "بدوره، ينتظر الجيش اللبناني أيضاً الموقف السوري ليبني على الشيء مقتضاه، وسط رغبة من الجيش بلعب دور في مسألة النازحين".