لم يكن قرار اسرائيل ان تقوم بإغتيالات قادة حركة "الجهاد الاسلامي" ينطلق من هدف التخلّص من قادة الحركة المذكورة فحسب. يسعى الاسرائيليون لتحقيق اهداف بالجملة:

اولاً، تريد تل ابيب اجهاض مشروع تطوّر نشاط "الجهاد الاسلامي" في فلسطين.

ثانياً، تُعتبر الحركة المذكورة بأنها الاقرب الى ايران، وهي ترتبط بها ارتباطاً وثيقاً، مما يعني ان تطور عملها يصنّف اسرائيلياً بأنه تمدّد ايراني.

ثالثاً، تعتبر اسرائيل ان حركة "الجهاد" تقوم بأنشطة في الضفة الغربية، وهي مسؤولة عن اطلاق الصواريخ نحو الاسرائيليين، بعد استهداف الأسير خضر عدنان.

رابعاً، تحاول اسرائيل احباط مشروع "وحدة الساحات" الذي يسعى "محور الممانعة" لفرضه.

خامساً، يوحي الاسرائيليون ان التساهل في الردع سيؤدي الى تحكّم "المحور" بأمنهم.

سادساً، يتسلل الاسرائيليون نحو الحروب الجزئية في مساحة الانشغال الاقليمي، وخصوصا الايراني، بالتسوية الاقليمية، من اجل تصفية الحسابات والتخلّص من شخصيات مصنّفة في خانة الخطر عليهم.

سابعاً، تتصرف إسرائيل من موقع المشاغب على اي تسوية اقليمية او دولية ليست شريكة فيها.

ثامناً، يختبر الاسرائيليون قبة الردع الليزرية لمعرفة فاعليتها وقدراتها، لاستخدامها في حروب اوسع.

لكن هل تستطيع تل ابيب فرض مشروعها، بالقضاء على قيادات "المحور" او تخريب التسوية الاقليمية؟

توحي عملية الردع التي تقوم بها "العمليات المشتركة" للفصائل الفلسطينية عبر اطلاق الصواريخ من قطاع غزّة ألاّ استسلام لمحور "الممانعة" امام الهجمات الاسرائيلية. وتؤكّد المعطيات ان الفلسطينيين يرغبون بفرض معادلة قواعد الاشتباك القديمة، اي منع اسرائيل من اغتيال قادة الحركات، تحت طائلة الحرب المفتوحة.

اظهر الفلسطينيون قوّة ميدانية ومعنوية في توحّد فصائلهم ضمن غرفة عمليات واحدة، الامر الذي لم يكن موجوداً بهذا الحجم من التنسيق والرد المشترك في المعارك السابقة، وهو أمر تخشاه إسرائيل. لكن "وحدة الساحات" الذي طرح مشروعها "محور الممانعة" غير قابل للترجمة الحالية، لإعتبارات عدة:

اولاً، لا ضرورة ميدانية او سياسية تحتّم تطوير المعركة حالياً وفق التوقيت الاسرائيلي.

ثانياً، هناك امكانية فلسطينية للتصرّف بفاعلية من دون الحاجة للاستعانة بأي ساحة، لغاية الان.

ثالثاً، ينشغل قادة "محور الممانعة" بترتيب الاقليم وفق تسويات استراتيجية، وخصوصا على خطي: ايران-السعودية، و سوريا-تركيا.

رابعاً، لم يحن اوان المعركة الكبرى التي يتحدّث المحور المذكور عن مجيئها يوماً.

خامساً، يعتبر قياديو "محور الممانعة" ان المعركة الموّسعة حالياً لا تصبّ في خدمة مشروع المحور في توسيع النفوذ والارتياح الاقليمي.

وعليه، فإن اعادة قواعد الاشتباك الميداني كفيلة بوقف الحرب الجارية، رغم ان هناك مصلحة سياسية لرئيس الحكومة الاسرائيلية بحصول حرب جزئية تعيد رص صفوف الاسرائيليين المشتّتين في حسابات وتظاهرات اعتراض ضد سياسات الحكومة.