أشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، خلال القداس الإلهي في بكركي، إلى أنّ "يسعدنا أن نحيي معكم عيد سيّدة الزروع، وقد حضر للمناسبة مدير عام وزارة الزراعة لويس لحوّد.. فالله الخالق سلّم الأرض للإنسانلكي يحرثها ويعيش من ثمارها، لأن كل مأكل البشر وشرابهم هو من الارض وزراعتها، والأرض تشكل عنصرًا جوهريًا من الهوية الوطنية. وللزراعة أهمية استراتيجية لتحقيق الامن الغذائي عبر تأمين حاجة لبنان من الغذاء والمواد الاولية للمصانع الغذائية، والحد من استيراد الحاجات الغذائية الذي تجاوز الـ75 بالمئة وزيادة الصادرات الزراعية لادخال العملة الصعبة الى لبنان".

وكشف أنّ "البطريركيّة والأبرشيّات والرهبانيّات في تنسيق دائم مع مدير عام الزراعة والكليّات الزراعيّة والجمعيّات والنقابات والتعاونيّات، من أجل إبقاء المزارع في أرضه، والحدّ من النزوح والهجرة وبيع الأراضي، ومن أجل خلق فرص عمل للشبيبة. إنّ ثلث سكّان لبنان يعيش من القطاع الزراعيّ الذي يشمل النبات والحيوان الداجن وأسماك البحر".

وأوضح الراعي، "أنّنا نوجّه معكم ثلاثة نداءات، الأوّل، إلى الدولة اللبنانيّة لدعم هذا القطاع وجعله اساسيا في الاقتصاد الوطني واعادة النظر في الاتفاقيات لحماية المنتج الوطني وفتح الاسواق امام الانتاج الزراعي وتحسين سبل عيش المزارعين والمنتجين وزيادة القدرة الانتاجية وتعزيز كفاءة سلاسل الانتاج الزراعي والغذائي وقدرتها التنافسية، وتحسين التكيف مع التغير المناخي".

وأكّد أنّه "لا يستطيع نوّاب الأمّة والمسؤولون السياسيّون عندنا متابعة صمّ آذانهم عن سماع كلام الله، ومتابعة سماع أصوات مصالحهم الخاصّة والفئويّة، وأصوات الأحقاد والكيديّات، على حساب هدم مؤسّسات الدولة بدءًا من عدم انتخاب رئيس للجمهوريّة من شأنه أن يوحي بالثقة في الداخل والخارج، وصولًا إلى إفقاد المجلس النيابيّ صلاحيّة التشريع، وحرمان الحكومة من كامل صلاحيّاتها، وتعطيل التعيينات المستحقّة وتفشّي الفساد في الإدارات العامّة".

وأشار الراعي، في كلامه عن المسؤولين، إلى أنّهم "لو يسمعون كلام الله، لتسارعوا إلى إصلاح الهيكليّات والمؤسّسات، وإلى النهوض بالإقتصاد والحدّ من إفقار الشعب، ولأصلحوا الوضع المالي، وأوقفوا هجرة قوانا الحيّة، ولحزموا أمرهم ووحّدوا كلمتهم وعمدوا إلى إجراء المفاوضات اللازمة مع سوريا والمجتمع الدوليّ من أجل عودة النازحين السوريّين إلى بلادهم وقد اصبحوا خطرًا متزايدًا على بلادنا، مطالبين الأمم المتّحدةبمساعدتهم على أرض وطنهم. ولسمعواصرخة التجّار المؤلمة التي عبّرت عنها جمعيّة تجّار جونية وكسروان الفتوح بكتاب مفتوح قدّموه لنا بالأمس، لنضمّ صوتنا إلى صوتهم".

وواصل كلامه الذي وجهه إلى المسؤولين والنواب بالإشارة إلى أنّه "على رؤوسكم وضمائركم يقع كلّ هذا الخراب بسبب فشلكم وكبريائكم. والأدهى أن المنطقة في حالة تغيير وتسويات وحوارات وتهدئة. فأين أنتم من جرأة الحوار؟ وإلى أين تذهبون بلبنان جاعلينه أرضًا سائبة؟ فهو ليس ملككم بل ملك الشعب اللبنانيّ الخيّر الذي حافظ عليه بالتضحيات وافتداه بدماء أبنائه الشهداء".

إلى ذلك، لفت الراعي إلى أنّ "سماع كلام الله مسؤوليّة توجب علينا أن نقبله في قلوبنا المنفتحة عليه والمهيّأة لقبوله كالأرض الجيّدة، المهيّأة لقبول الزرع فتعطي الحبوب ثلاثين وستّين ومئة".

وشدد على "أنني أرحّب معكم برابطة البترون الإنمائيّة والثقافيّة، التي أسّسها المرحوم الدكتور سمير أبي صالح سنة 1985 أثناء الحرب اللبنانيّة في قلب الحصار والعزلة لمنطقة البترون، من جرّاء وجود الجيش السوريّ، وغياب مؤسّسات الدولة ومقوماتها كالبلديّات والوزارات. إنطلقت الرابطة من مستشفى البترون بشخص مؤسّسها وتعاون الأطبّاء فيها، وأساتذة القطاعين العام والخاص والمثقّفين كافة. فتجّند أهل القلم وقامت مبادرات إنسانيّة تحدّت الإفقار والتهميش، فأرست البسمة والإنفراج على كلّ وجه متعطّش لما كانت تقدّمه الرابطة. واليوم، ما زال شعراؤها وكتّابها يقاومون موجات الإستهتار والجهل من خلال ندوات شعريّة وفنّيّة وثقافيّة، وما زال أعضاؤها وسيّداتها مستمرّين بالقيام بنشاطات شتّى، من مثل دورات تدريبيّة على تطوير الذات واكتساب مهارات مهنيّة جديدة، وتنظم رحلات استكشافيّة لثرواتنا الطبيعيّة، وإجراء فحوصات طبيّة".

كما حيّا "زارعي كلمة الله، لجنة التعليم المسيحي للشباب من ضمن "راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركيّة". نحيي مرشدهم والمشرف عليهم الخوري جورج يرق وهيئة المكتب. إنّهم يبدأون الأسبوع المقبل رسالتهم بزرع كلمة الله لحوالي ألفي شاب وصبيّة من مختلف الكنائس الكاثوليكيّة من 20 أيّار الجاري إلى التاسع من تمّوز في مناطق الشمال والجنوب عبر ستّة مراكز أساسيّة، وتُسمّى الأيّام الرسوليّة للشبيبة".