أشار رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران أنطوان نبيل العنداري إلى أنه "في سياق مرحلة تاريخية مطبوعة بالإستقطابات والمعارضات والنزاعات في العالم، التي تسمم القلوب والعلاقات، نحن بحاجة إلى إعلام لا يؤجج الحقد والإستفزاز، ولا يولد الغضب ويغذي العدوانية والمصادمة، بل إلى تواصل يساعد على ضرورة تنقية القلب، والتفكير بهدوء وفهم الواقع ويقود إلى الحوار والسلام".

وخلال مؤتمر صحافي في المركز الكاثوليكي للاعلام مؤتمر صحافي أعلنت خلاله رسالة البابا فرنسيس الخاصة بيوم الإعلام العالمي السابع والخمسين بعنوان: "التكلم من القلب"، لفت إلى أن "هدف كل من قداسة الأحبار، التوجيه والتوعية وتسليط الضوء على أهمية وسائل التواصل الإجتماعي، ورسالتها، في إيقاظ الضمائر ومواجهة نشر الأحداث في العالم، بروح أخلاقية، مسيحية، موضوعية، وبناءة في معالجة تحديات الساعة".

وأشار إلى أن "قداسة البابا يدعو هذه السنة إلى "التكلم من القلب". القلب الذي دفعنا إلى الذهاب ومعاينة الواقع، والإصغاء بأذن القلب، هو القلب الذي يحركنا لكي نتواصل بشكل منفتح وندخل في دينامية القبول والحوار والمشاركة. فإذا نظرنا وأصغينا إلى الآخر بقلب نقي، يمكننا ان نتكلم بحسب الحق بالمحبة".

وشدد على أنه "يجب ألا نخشى إعلان الحقيقة، حتى لو كانت مزعجة في بعض الأحيان، ولكن لا يجب إعلانها بدون محبة أو من دون قلب. لأن برنامج المسيحي، كما كتب البابا الراحل بندكتوس السادس عشر، هو قلب يرى، قلب يكشف بنبضاته حقيقة كياننا، وهذا أمر يحملنا على أن نصغي، ونكون في تناغم على الموجة نفسها، ويكون اللقاء ممكنا، ونقبل نقاط الضعف المتبادلة باحترام بدل أن نحكم بناء على الإشاعات، فنزرع الفتنة والإنقسامات. فالإنسان الصالح من قلبه الصالح يخرج الصلاح، والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر، فإنه من فيض القلب يتكلم اللسان (لوقا 6: 44)".

وأوضح أن "القديس فرنسيس السالسي François De Sales، معلم الكنيسة وشفيع الصحافيين الكاثوليك، يشكل خير الأمثلة المنيرة التي لا تزال تجتذبنا اليوم في "التكلم من القلب"، متوجهاً إلى الإعلاميين والإعلاميات والى الناشطين والناشطات على وسائل التواصل الإجتماعي قائلا: "لن يسود سلام بين الناس، إن لم يسد أولاً في القلب. كم نحن في حاجة إلى أن تكون حياتنا ولغتنا في التواصل لغة القلب. نشهد للحق بالمحبة. لو كانت عندنا لغة القلب، لما كنا رأينا ونرى ما يجري في أيامنا من انتفاء لمخافة الله في قلوب الكثيرين، فاستباحوا ما لا يستباح من تفرقة".

وفي حين أشار إلى أن "لغة القلب وثقافة السلام يقتضي لها جهدا فرديا وجماعيا لتظهير شفافية القلب وأخلاقية النزاهة وتوطيد قواعد المحبة والحق والسلام"، شدد على أن "وجها من وجوه الصدق في التعاطي الإعلامي، والتخاطب بلغة القلب، يقتضي الوفاء لقيم الحقيقة والأخوة الإنسانية، وسبل مواجهة التناقض الفاضح في تفلت التعليقات اللامسؤولة والتجريح لتجنب النزاعات. ولا شك أنكم تعرفون أن ما نعيشه في الواقع اللبناني من إنقسامات وخلافات يتجلى في التخلف والظلم والأزمات المتلاحقة والتقهقر في التضامن بين الأفرقاء والأجيال".

من جانبه، لفت مدير الوكالة الوطنية للإعلام زياد حرفوش، ممثلاً وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري، إلى أنه "لعل الاجواء المتوترة في ايامنا تدفع الاعلام الى الجنوح نحو العنف الكلامي والتسرع في اطلاق الاحكام، لكن العودة الى القلب واجبة وحتمية لاعادة وصل ما انقطع"، مشدداً على أن "التكلم من القلب يبعد اعلامنا عن خطاب الكراهية ويبني له بيتا على صخر، من تسامح وانفتاح ومحبة".

ورأى أنه "في زمن التواصل الاجتماعي والنشر بسرعة البرق، نرى ان الاعلام في حاجة الى تواصل يضرم القلوب سلاما، عوض ذاك التواصل المؤدي الى انفصال وتفكك وتشنج وحروب"، قائلاً: "كثير من السلام وقليل من الكلام. هذا هو المطلوب. نحتاج الى كلام قليل صادر من القلب لنبتعد عن تشويه صورة الآخرين والاساءة اليهم، حتى قبل ان نصغي وقبل ان نرى ما في قلوبهم".

بدوره، رأى مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الاب عبدو أبو كسم أن "البابا فرنسيس اختار عنوانا لرسالته الخاصة بيوم الاعلام العالمي السابع والخمسين "التكلم من القلب"، فالقلب هو المحرك الذي يدفعنا لنذهب ونرى ونصغي ونتواصل مع الآخر، بفرح وانفتاح"، معتبراً أن "التواصل من القلب يمكننا من التخاطب بحسب الحق في المحبة، وان نعلن الحقيقة حتى ولو كانت في بعض الاحيان مزعجة، شرط ان نعلنها بقلب برئ، بمعنى ان يشعر من يعلنها بنبض قلب الآخر في قلبه، عندها يمكننا ان نتقبل ضعف بعضنا البعض، باحترام، رافضين كل اشكال الفتنة والانقسامات".

ولفت إلى أنه "في هذه الرسالة يقول قداسة البابا أن القلب النقي يساعدنا على الرؤية ابعد من المظاهر، كما ويجنبنا التضليل الاعلامي الذي يزور الحقيقة ويشوهها"، موضحاً أنه "من هذا المنطلق، نحن مدعوون للبحث عن الحقيقة واعلانها بمحبة وقلب صاف، فلا ينبغي ان تخرج من افواهنا اي كلمة خبيثة، اذ أن الكلمة الطيبة وحدها تقود الى البنيان".

وأشار إلى أن البابا يعتبر أنه "يكفي ان نحب جيداً لنتكلم جيداً"، معتبراً أن "الحب هو الطريق الصحيح للتواصل، وعلى الاعلاميين ان يقاربوا الحقيقة بلطف وحنان، مبتعدين عن التعابير الملفتة للنظر، وعن كل اشكال العدائية"، مضيفاً: "ومن ناحية اخرى، يشدد قداسته على أن الكنيسة اليوم بحاجة الى تواصل يحرك القلوب ويبلسم الجراح، تكون اساساته مرتكزة على التواضع في الاصغاء، والجرأة في الكلام، ولا يفصل ابدا الحقيقة عن المحبة".

وأعلن برنامج النشاطات المرافقة لليوم العالمي للاعلام، حيث يقام قداس إحتفالي في كنيسة مار قرياقوس - رشميا - عاليه عند العاشرة والنصف من قبل ظهر الاحد في 21 أيار.

وكذلك الاحتفال بهذا اليوم في الأبرشيات والرعايا وسيتم ترجمة رسالة قداسة البابا وطبعها في كتيب لتوزيعها في الرعايا. وسيكون العرض الأول للوثائقي: "على درب الرجاء"، الذي اعده المركز الكاثوليكي بعد مرور 25عاما على زيارة القديس يوحنا بولس الثاني إلى لبنان، عند الثامنة من مساء الثلاثاء في 23 أيار في الصرح البطريركي في بكركي، برعاية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.