استقبل آلاف المصلين من زحلة و البقاع و لبنان ، ذخائر القديسة ريتا التي أحضرها المهندس أسعد نكد من الدير حيث رفاة القديسة ريتا في منطقة كاسيا في إيطاليا، لتوضع بشكل دائم في الكابيلا التي شيدها نكد إلى جانب مقام السيدة العذراء في زحلة منذ 16 عاماً.

وفي عظته خلال القداس، شكر رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم ابراهيم "نكد وعائلته، الذي جعل من إكرام القديسة ريتا بشتى الوسائل همه الأكبر وقد علمته أن يفتح قلبه ويده لكل خدمة ومساعدة"، معتبرا ان "محبتهم للقديسة ريتا جعلت من الغصن اليابس كرما خصبا من الأنوار والأضواء في زمن العتمة والظلمة. إن شركة كهرباء زحلة وفرص العمل التي أوجدتها والمعاملة الممتازة لموظفيها وللناس جعلت منها شركة فعّالة، سريعة الخدمة ومطابقة لشروط التشغيل العالمية".

وتابع :"في ليلة عيد القديسة ريتا، أتينا نتأمل من جديد حول مذبح الرب المقدس بحياة قديسة لا تذبل ولا تيبس رغم مرور 566 سنة على انتقالها عبر الموت إلى الأخدار السماوية. إنها الكرمة المورقة على مثال معلمها الإلهي الذي أورق الحياة من عود الصليب اليابس. القداسة يُنبوعٌ لا ينضب لأن منبعه هو السماء ومجراه إلى السماء يعود. كلما غرفنا من هذا الينبوع تَفيضُ فينا الحياة التي أرادها الله لنا بوفرة. وعطيةُ الله لنا إن عرفناها لطلبناها منه ماء حياةٍ، مَن يشربُ منها لا يعود يعطش إلى الأبد، بَلِ يَصِيرُ فِينا يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ.

اكتشفت ريتا هذا اليَنبوعَ في سوخارِ حياتها المُغمَّسة بالتحديات والمحن التي واجهتها جميعُها بالصبر والإيمان العميق والقدرة الفائقة على تحمل المعاناة والتضحية من أجل إيمانها ومحبتها لله. أن نتحمل يعني ببساطة أن نحمل صليبنا المجبول بالألم بروح من السلام والرضا. هي علمتنا أن الألم ليس نهاية الحكاية فالراحةُ والفرحُ مصيرُ المؤمنين. ريتا حكايةٌ نستوحيها ونحياها. ريتا حِكايةُ قوةِ الصلاة والاتحاد مع الله. من خلال صلاتها وتضحياتها، قادتنا بحنانٍ نحو أهمية الارتباط الروحي بالله والثقة في قوته ومحبته

.

ولفت المطران ابراهيم الى ان "القديسة ريتا ليست حكايةً فقط، بل هي رِحلَةٌ أيضا إلى رحاب النمو والتحوّل في الظروف غيرِ المؤاتية. ونحنُ جيلُ المؤاتي نطلبُ من الله ما يؤاتينا لا ما يحيينا، ريتا رِحلةٌ في الحب اللا مشروط لله والتضحية من أجله والاستجابة لدعوته بحيادية وتفانٍ. ذلك يعني ألا نستقوي بمال أو بجاه وننضم إلى أهل البساطة المقدِّسة والفقر الإختياري والطاعة الكاملة لإرادة الله في حياتنا".

وسأل :"أين نحنُ من صبر وصمود ريتا في وجه المصاعب والمحن، فيما يضعُ كلٌّ منا ذاته مرجعا للكون ونقطة ارتكاز للحقيقة وللوجود. هذا الامتلاء من الأنا حتى تدميرها يضعُ مكانَها السواد والانهيار. أليس هذا ما أصاب لبنان؟ وكلُّ "أنا" فيه أقبحُ من الأخرى أضاعوا منه جمالَ ال "نحن" وضاع الوطن.

واضاف :"في مثل هذا المجتمع الفاسد عاشت ريتا زهرةً نقية في حدائق القباحة والحقد والكراهية المسيطرة على بلدتها الصغيرة مما جعلها تكثّف الصلاة كي يموت أولادها قبل السقوط في مستنقع الخطايا المحيطة. هذه هي الحكمة الحقيقة في عالم يَعتبرُ الاحتيال والنصب والسرقة والاحتيال والاختلاس حكمةً ما بعدها حكمة ويرى الشفافية دخيلةً غيرَ مرغوبٍ بها، ليكن عيد القديسة ريتا فرصة لتجديد التزامنا بالقيم الروحية ولنتعلم منها كيف نكون أدواتٍ للخير والسلام في العالم. لننظر إلى حياتها كأُنموذجٍ يُلهمنا العبورَ بثقةٍ عبر التحديات والألم، ولنسعَ للقرب أكثر من الله من خلال الصلاة والتضحية وعمل الخير".

و ختم ابراهيم "فلنُصلِّ جميعًا من أجل أن يمنحنا الله القوة والإرادة للسير في خطوات القديسة ريتا، وأن يعطينا نعمة الاستجابة لدعوته ونحن نسعى للتحول والنمو في الحب والخدمة الصابرة. "فالصبر، على ما كانت تقول، هو مفتاح السعادة ومفتاح النجاح في كل شيء".